الفصل الخامس

56 13 21
                                    

صحبتها سموم الشك للتنقيب حول ما سمعته من جهاد، وبدأت تحرياتها في سبيل ذلك، وجل خشيتها أن يكون كل ما ذكره حقيقة، حقيقة مرة لا مستساغ لها، استعانت بإحدى صديقاتها، والتي أرشدتها إلى امرأة قد تساعدها في ذلك تسكن في حي غرب المشتل.

* عصر يوم الخميس ترجلت من سيارة التاكسي برفقة صديقتها، ووصلتا للبيت المنشود، استقبلتهما امرأة ثلاثينية ممتلئة الجسد قليلًا يغلب على مظهرها التعب والشقاء، أرشدتهم لأمها ثم استأذنت وذهبت لإعداد الضيافة، شعرت حور بالتوجس، واقتربت هامسة بأذن لمية

-أمتأكدة من أنها ليست عرافة، تعلمين بأن من يدخل منزل عرافًا لا تقبل صلاته أربعين يوما

نظرت إليها شيزرًا قبل أن تجيبها

-ما هذا يا فتاة؟! قلت لك هي راقية وليست عرافة، هيا هيا دعك من مخاوفك واطرحي عليها مصابك.

ازدردت ريقها وكبتت توترها ثم واجهت حقيقة ما هي بصدد فعله، وقد لاحت أطياف الصدمة تزيد من شحوبها وعلى الخصوص بعد تلاوة هذه المرأة عليها بضع آيات، عانت من خلالها الكثير وكاد الصداع يفتت دماغها عدا عن جسدها الذي كان يتشنج تارة ويتمزق أخرى، لم تشعر بمثل هذه الآلام الفتاكة من قبل.

ما إن فرغت المرأة حتى تهالكت حور متراخية الأعصاب مشلولة الحركة، لحالها البائسة أشفقت عليها لمية ولم تستطع منع دموعها من التحرر، ربتت على كتفيها وأعطتها كوب ماء، ارتشفت منه القليل ثم انصتت لتعاليم الراقية باهتمام وعينت لها موعدًا جديدًا، شكرتها وخرجت بأهوال كبيرة، انفجرت باكية خلال الطريق، وهي تلوك حقيقة مصابهم، وبيدها تلك الورقة المدون عليها التعاليم التي يفترض القيام بها.

***************

ثمة أمور خفية كانت تلعب دورها بإتقان، ريبة وشك داهم حكمت حول مصدر الرزق الكبير الذي حصلوا عليه، كما أن أخاه لم يقم باستيفاء الديون بعد، وما زال ينهض ويقاتل في سلك التجارة المغري.

باتت نظرته للأمور أكثر دقة، خصوصًا بعد آخر مشادة حدثت بينهما، إذ أنه اتفق مع المشتري على ثمن، وقد قام أخاه ببيعه البضاعة بثمن آخر أكثر ارتفاعًا، وهما في الصباح كانا قد اتفقا على السعر الذي عرضه للبائع.

ومع مرور الأيام بات يلاحظ تلاعب أخيه في أقواله وغمره الشك في أنه يكذب عليه، لأنه مع كل كذبة يلقيها ويصدقها سرعان ما يكتشفها، لم يكن هينًا خداعه، وسقط الإخوة بفوهة النزاع ضالين طريق النجاة.

بجدارة فشل الأخ الأصغر في مراوغة حكمت، فكان يجاهد في إخفائه للكثير من الأمور الهامة ضمن عملهم، حين تنبه إليه كيف يستغل أمانات التجار المودعة عنده ويستبدلها بجودة أقل صرخ به معترضًا، وحذره من تكرار ذلك والاستمرار بغشهم، كما أنه أنذره من نهاية أفعاله الوخيمة لكن أخاه لم ينصت، بل نعته بالغبي الساذج الذي لا يفهم بالصنعة ولا يملك حنكة تؤهله للارتقاء والنجاح.

دعائم هشةWhere stories live. Discover now