|١|- مترصد في الخفاء..

223 38 28
                                    

هناك أين كانت الأمطار تتساقط بغزارة غير معتادة لتصدر صوت طرقات متتالية خفيفة أعلى نوافذ السيارات، كانت نِضال تجلس في مقعدها تعبث بهدوء بخاتم لامع يقبع بين أصابعها بينما أعينها الخضراء كانت تحدق بالمارة..

بضعة ثواٍن حتى أمتدت يدها على مقبض الباب تقوم بفتحه لتترجل من السيارة وسريعًا ما قامت بفتح مظلتها وهي تقوم بنفض بعض قطرات المطر من أعلى شعر رأسها قبل أن تعيد خصلاته السوداء إلى الخلف تقوم بتعديل معطفها البني بهدوء.

كانت نِضال تستند على السيارة من خلفها عاقدة يدها إلى صدرها بعقل شارد...وقلب تائه!

هي لم ترد الإقتراب طوال التسعة عشر عامًا، كانت تخشى الاقتراب؛ ولذلك ها هي الآن تقف في موضعها تنظر إليها بهدوء دون أن تتقدم حتى، وبينما يتعانق الاشخاص من حولها بسعادة لعودة من يحبونهم، كانت هي تقف بلامبالاة تتطلع إلى اينور.

وربما فكرت لبضعة دقائق أن تستدير وتغادر المكان.

كانت كل خطوة تخطوها تجاهها تزيد من نبضات قلب نِضال حتى توقفت اينور أمامها بملابسها الرياضية وهي تحمل حقيبة صغيرة وتضيق عيناها بإبتسامة صغيرة لطيفة متسائلة:  « نِضال؟ ».

هي حقًا كانت ترغب بالإجابة لكن لا تعلم كيف اوُمئت بهدوء وهي تتفحص هيئتها من أعلى إلى أسفل تلاحظ ملابسها المبللة لتهتف ببحة واضحة في صوتها « انتِ هتدخلي العربية كدا؟ ».

جذب سؤالها حواس اينور التي نظرت إلى نفسها بتفحص قبل ان تُدرك الأمر لترفع كلا حاجبيها بإستنكار « اومال هاخدها مشي؟ ».

دقائق قليلة استغرقتها كلًا منهما وهما يتطلعان لبعضهما البعض بريبة قبل أن توُمئ نِضال بخفة تعود إلى داخل السيارة كما قررت اينور تجاهل الأمر وهي تدلف إلى السيارة تتخذ من المقعد الخلفي مقعدًا لها؛ نظرًا لأن المقعد الأمامي كان ممتليء بالعديد من الأوراق والاشياء.

لم تنبس اينور بكلمة واحدة منذ أن دلفت إلى السيارة حيث فضلت النظر إلى الأمطار المتساقطة عبر زجاج النافذة، ومع ذلك بدت غير واعية هي الأخرى..

بينما نِضال كانت تسترق النظر إلى الأخيرة عبر المرآة الأمامية بفضول وحنين، تشعر أن داخلها شخصان يتصارعان!

حيث يتصارع الأول مع الآخر ليمنعه من الحنين، لكن يبدو أن الآخر قد فاز عندما انزلقت نظراتها تتفحص هيئتها..

تنهيدة صغيرة مُحملة بالثقل غادرت ثغر اينور وهي تُلملم خصلاتها السوداء إلى الأعلى في هيئة ذيل حصان يميزها تلك الخصلة البيضاء التي تمتد من مقدمة رأسها حتى نهاية خصلاتها..، ملامحها كانت مجهدة ومرهقة لكن بالرغم من ذلك كانت تملك لمعة من الإصرار بداخل أعينها والتي دفعتها للحديث بحماس..

|  نِضَالٌ وقَتَامٌ  | Where stories live. Discover now