الفصل السادس

8.5K 217 11
                                    

الفصل السادس.

بداخل غرفة الفتيات كانت يمنى جالسة بجانب أخواتها سمر وندى اللاتي يصغرنها في العمر بعدد من السنين، تشاهد معهن المسلسل العربي على التلفاز، باندماج مع أبطاله والأحداث المتوالية فيه ، حتى أجفلت على سؤاله شقيقتها ندى، التي يبدوا انها لم تكن متابعة معهم:
- عاملة ايه مع الراجل الغريب يا يمنى؟ ولا هو نفسه بيعاملك كيف ؟
اللتفت اليها يمنى قاطبة الحاجبين باستفهام :
- عاملة ايه في إيه بالظبط؟ مش فاهمة السؤال انا !
تركت ندى المشاهدة والتفتت تعتدل بجذعها نحو يمنى تسألها باهتمام :
- يعني مثلًا، أنتي مبتخافيش منه لما بتدخلي عليه اؤضته ؟
تركت يمنى مشاهدة المسلسل أيضًا ، والتفتت تواجهها ناظرة اليه وردت بسؤال:
- وأخاف منه ليه بقى؟ أنا واحدة ممرضة ودي شغلانتي اني اعالجه وهو مريض، زي أي مريض في الدنيا، هايعمل معايا آيه؟
ندى وهي تجحظ عيناها بدهشة:
- هاا,لهو نسيتي انه كان يخطفك؟ حد عارف كان هايعمل ايه معاكي؟
شهقت سمر واضعة كفها على فمها، اما يمنى فانغقد لسانها لعدة لحظات ناظرة بصدمة نحو شقيقتها التي تفوهت بالكلمات دون ان تعي بخطورتها، حتى خرج صوتها اَخيرًا:
- أحترمي نفسك يا ندى وفكري كويس في كلامك قبل ما تطلعيه من حنكك.
أردفت سمر هي الأخرى بملامح ممتعضة نحو شقيقتها:
- سيبك منها يايخيتي، دي باينها اتجننت ومعادتش فاهمة معنى للكلام اللي بتذلفه بلسانها؟
عوجت ندى زاوية فمها بإستنكار وهي ترمق الاثنتان بنظرات غير مبالية وقالت :
- أنا برضوا اللى اتجننت عشان بسأل سؤال عادي زي ده؟ ولا أنتوا اللى بتستهبلوا وعايزين تطلعوا نفسكم كويسين وبس على حسابي ؟
هتفت يمنى بغضب وقد اخرجتها شقيقتها عن طورها :
- احنا برضوا بنستهبل يا ندى؟ مش واخدة بالك انك مزوداها قوي معانا ؟
قالت سمر هى الأخرى:
- لا هو أنتِ فاكرة، ان كل الناس بقى زيك ياست ندى ولا إيه؟
هتفت ندى وهى تضع يدها على خاصرها :
- وأنا مالي بقى إن شاء الله يا ست سمر؟ ايه العيب فيا ومش عاجبك؟
- وشك مكشوف وجريئة، وباين روحتك للمدرسة الفنية زي ما أثرت عليكِ في شكلك، لما بقيتي تلبسي المحزق والملزق، وتحطي على وشك المكياج الخفيف عشان يبان وشك وكأنه جمال طبيعي، كمان اثرت على عقلك ، فبقيتي شايفة كل الناس ضميرها زفت.
اردفت بها سمر رغم صغر سنها الذي لا يتعدى السادسة عشر ، مما اثار حنق ندى التي تكبرها في العمر بسنتين، فقالت غاضبة:
- وشى مكشوف وجريئة، عشان بلبس على الموضة زي بنات المدينة لجل مابقاش اقل منهم، الزمن بيتطور ياماما، وحكاية عقلي، فا انتِ عارفة كويس اني زكية وبفهمها وهي طايرة ، يعني مش غريبة عليكِ

هدرت يمنى عليها بعد ان فاض بها:
.- خلاص يا ندي، فوضيها سيرة بقى وبطلي تفرضي علينا وجهة نظرك، احنا فاهمين كل حاجة، وكل اللي تقصديه كمان بس دا مايمنعش اننا ناخد بالنا من الكلمة اللي بتطلع مننا، وان كان على الراجل اللي بتتكلمى عليه،
فهو كان غرضه العلاج والطلقه اللي ف كتفه تطلع منه، يعني مافيش داعي لتحليلات وتكهنات مالهاش محل من الإعراب.
صمتت ندى وهي تتبادل النظر بلا مبالاة نحو شقيقاتها الغاضبات، ثم مالبثت ان تردف باقتضاب:
- ماشي بقى انتوا أحرار واعملوا ما بدالكم.
قالتها بكل برود، وهي تهز أكتافها، لتلتفت مرة أخرى لمشاهدة التلفاز غير مبالية لغضب الفتاتنين المذهولتين من طريقتها في فتح النقاش ثم غلقه بمنتهى السهولة وكأن شيئًا لم يكن، أخرجهم من شرودهم، فتح باب الغرفة عليهم ،دون استئذان ، لتدلف والدتهم فجأة لداخل الغرفة سائلة بعجل :
- ابوكم راح فين يابنات؟ حد منكم عارف هو قاعد فين دلوقت ؟
ردت عليها سمر.
- انا شوفت ابويا من نص ساعة وهو طالع فوق عالسطح، تلاقيه بيتسامر مع عمى يونس كعادتهم ، ماانتِ عارفهم.
أمرتها نجيه قائلة بلهفة :
- طب اطلعي حالًا وروحى اندهيلوا بسرعة ، وقوليلوا امى عايزاك تنزلها ضروري فاهمة؟
- فاهمة يااما فاهمة،
قالتها سمر وهي تنهض على الفور تنفيذا لطلب والدتها، دون التفوه باستفسار لم تقدر على كبته يمنى التي تقدمت الى والدتها تسألها:
- مالك يامّا شكلك مايطمنش، و عايزه ابويا في إيه بالظبط؟ هو حصل حاجة؟
- يابنتى الجدع ده اللي اسمه صالح، مصمم انه يمشي وهو مش قادر يصلب طوله ولا يقوم من مكانه.
اردفت بها نجية بتوتر ، وخرج رد يمنى بذهول:
- يمشي ازاي ؟ دا مابيقدرش حتى يحرك راسه، يبقى هايمشي ازاي بس ؟ تعالي معايا يا اما، هانروح نشوفه انا وانتِ علي ماينزل ابويا.
أوقفتهم ندى قبل أن يخرجوا من الغرفة قائلة :
- ماتسيبوه يمشي ، مش يمكن يقدر؛خليه يحل عنينا بقى، احنا مش ناقصين نصايب.
خاطبتها نجية بحدة قائلة:
- نصايب ايه يابت دلوقتي كمان ؟ هو انتِ ناوية تعملي كمان زي عمك يونس؟
- وماله بقى عمي يونس يااما ؟ ماهو بيقول الصح، الراجل اللي جوا ده قعدته في البيت هنا معانا، ممكن تجيب فوق راسنا مصايب وبلاوي ، احنا في غنى عنها.
اردفت ندى فأثارت الغضب لدى والدتها التي همت لترد بكلمات تنهرها بها ولكن يمنى اوقفتها:
- سيبك منها ياما وخلينا نروح نشوف الراجل التعبان جوا، لا تجراله حاحة من الحركة العنيفة:
اومأت لها نجية مقتنعة وهي ترتد عائدة معها للخروج من الغرفة، فسمعوا خلفهم ندى :
- اللحقوه اللحقوه، امال لو مكانش راجل سوابق ووش اجرام كنتوا عملتوا ايه بس ؟
اللتفت رؤسهم نحوها الإثنتان بنظرات ممتلئة العتب، قبل أن يتخذوا قرارهم، بالتجاهل وعدم الرد عليها ، ثم خرجوا على الفور
لعلمهم جيد انه لا فائدة من الجدال معها.
.........................

المطارد Where stories live. Discover now