الفصل السادس والعشرون

7.5K 205 7
                                    

الفصل ٢٦
بشرفتها التي كانت تنتظره فيها كل يوم ، بعد ان يقضي سهراته الماجنة ويعود اليها تفوح من فمه رائحة التبغ المختلطة برائحة الخمر ، في عادة اتبعها منذ ان تمكن وضمن كل شئ بيده ، منصب النيابة في المجلس ، مال العائلة الذي اصبح بيده وحده المتصرف فيه ، بعد ان تخلص من صالح الذي كان رقيبًا معه رغم صغر سنه، بإدخاله السجن وموت والدته بحسرتها ثم ذهاب عقل شقيقته التي كان من الممكن ان تكون شاهد الاثبات الوحيد ضده ، فظلت هي الوحيدة المشتركة بظلمه وقلبها ينزف يوميًا من هذا الحمل الثقيل، تنهدت بثقل وهي تناجي الله الخلاص ، انتبهت فجأة على صوت سيارته التي دلفت من البوابة الرئيسية وتقترب الاَن من باب القصر ، راقبته وهو يترجل منها يميل يمينًا ويسارًا بعدم اتزان بفضل الخمر ، لفت شالها كي تدخل وتنتظره بغرفتها ولكنها اجفلت على هذا الغريب الملثم والذي خرج من قلب الأشجار الكثيفة في الحديقة والظلام الدامس وهو يباغت زوجها بضربة بقبضته من الخلف جعلته يلتف مجفلًا ، همت لتصرخ ولكنها توقفت فور ان رأت وجهه بعد ان رفع الشال عن وجهه، تمتمت بصوتها تريد الصراخ او ان تثنيه عن ما ينتوي فعله ، ولكنها خشت ان تنبه بصوتها الخدم والحراس، فتتلبسه  تهمة اخرى كسابقتها ، حسمت امرها بالذهاب اليه للفصل بينهم ، ركضت كطفلة صغيرة من غرفتها حتى نزلت الدرج وقبل ان تصل لباب القصر حدث ما كانت تخشاه فتوقفت قليلًا بصدمة وهي تسمع صوت الطلقات النارية ، وبعدها حدث الهرج والمرج في داخل البيت وخارجه ، كانت هي اول من تلقف زوجها الذي توقف بطلقات صدره ، لا يستطيع النفس ولا الحركة ودمائه اغرقت رخام الدرج أسفله ، هتفت بجزع :
- اتحامل على نفسك شوية ياشعبان على ما اتصل باخويا الدكتور يبعتلك عربية الإسعاف من المستشفى الخاص بتاعته .
حدق بها صامتًا وهو يرتجف من هول ما ينتظره ، وقد غفل عن النهاية ولم يعمل حساب هذه اللحظة ، ولقاء الخالق اطلاقًا . 
اتى صوت الحارس من قريب :
- الحراس بيطاردوا المجرم اللي عملها واكيد ان شاء الله هايوصلوله.
صاحت هي بحزم على الرجل :
- احنا مش هانستنى حد ، روح هات عربيتوا وتعالى معايا بسرعة قبل ماحد من بقية البيت يطلع ، واسمع اللي هاقولك عليه عشان  تنفذه بالحرف الواحد .
- حاضر ياهانم امرك .
ذهب الحارس مهرولًا والتفت هي لزوجها تخاطبه بشدة :
- المرة دي مش هاكرر الظلم يا شعبان ، سوا ربنا خد بإيدك او روحت للي خلقك ، كفياك كدة ، عشان ربنا ياخد بإيدك او يشفعلك فعل واحد في اخر حياتك .
اومأ لها برأسه وسالت من عيناه دامعة ساخنة وقد شعر بقرب النهاية .

فاقت من الذكرة الأليمة  تمسح بطرف اصبعها الدموع العالقة على وجنتيها وهي واقفة امام المراَة ، تنهدت تعيد جمع شتات نفسها ، وعادت لتلف حجابها بعد ان توقف عن لفه ولم تشعر مع شرودها ، ثم تحركت لتترك غرفتها وتفعل ما ودت فعله منذ سنوات .
...........................

بعد قليل كانت ثريا واقفة بجوار ابنها في استقباله في قلب المنزل ، وسط استهجان بقية الأسرة ودهشة العاملين بالقصر ، دلف وخلفه سالم ويونس الذي القى التحية بعفويته :
- السلام عليكم .
ردد الجميع التحية وخاطبت ثريا صالح قائلة :
- ازيك ياصالح ، مش هاتسلم عليا بإيدك .
رمقها بنظرة ممتعضة من اعلى لأسفل فقالت بلطف :
- طب ممكن ندخل اؤضة المكتب عشان نتكلم براحتنا ، لو ترضى يعني .
ربت سالم على كتفه ليحثه على الدلوف خلفهم امام النظرات الممتعضة من سكان القصر .

المطارد Where stories live. Discover now