|9|- عريس الغفلة

500 43 377
                                    

عندما كنتِ تسأليني يوميًا عن إذا فكرتُ في الإبتعاد عنكِ أو ما شابه كنتُ أجيبك بجُملة لم أُغيرها في كلِ مرة، مُحتواها :

"كيفَ لا أكونَ معكِ وكُلُ الطُرقِ تُؤدي إِليكِ؟"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دلف "طارق" إلى منزله مُبتسمًا، فصُدفة غريبة جمعتهم، وصُدفة أغرب جعلتهم يتحدثون مع بعضهم البعض.

آه يا "فاطمة" أصبحتِ قادرة على التحكُم في حالاتي المزاجية، أصبحتِ قادرة على رسمِ ابتسامة أو محيها بمُنتهى السهُولة، والأهُم من ذلك إنكِ قادرة على التحكُم بنبضاتي العاشقة، ابتسامتك، لون عيناكِ، كُل شيءٍ بكِ مُميز، يجعل من يراكِ لا ينساكِ.

هكذا كان يُتمتم في نفسه، ويرسُم أحلامًا اعتقد أنها ستقع فوق رأسِه، تذكر فجأة تعثُره المُستمر في الكلام، وليس هذا فقط ما سيكون عائق بينهُم، فهوّ يعمل لدىٰ والدها، أي من المؤكد سيُرفَض لا مفر ولا مهرب.

ستقبل عيوبه وتُرحب بها؟ ستفتح ذراعيها لتسقبله في أحضانها بصدرٍ رحب عندما يُخبرها بحُبُّه لها ورغبته في الزواجِ منها؟! أم ستنفر ساخرة منه ومن هيئته؟ وسامته جذابة حقًا ولكن مُشكلته في التعثُر عند الحديث ستلازمه إلى الأبد، وهيّ لن تقبل به، إلّا إذا كانت تُحبُّه !

"عملالك أكلة بتحبها أوي يا طارق"

أردفت بها والدته وهي تدلف إلى غُرفته تقتحم عالمه الوحيد الّذي يقبل به، أجفل من شروده على صوتها، فابتسم بحُبٍ وقبَّل يدها ورأسها، ثُم همس بصوته الدافئ :

"أي أكلة من أديكي حلوة يا أم طارق"

ضحكت بصوتٍ مُرتفع، ثُم داعبت خصلات شعره الأسود الساقطة على جبينه قائلة بحنوٍ :

"ربنا يخفظك ليا يا حبيبي.. وأجوزك بدل ما أنتَ مخلل جمبي كده"

ضيّق عيناه ورمقها بحنقٍ زائف، وهتف :

"عاوزة تخلصي مني يا نوجة؟!"

ضحكت "نجات" بصخبٍ على تعبير وجهه الطفولي، ثُم أحاطت وجهه بين كفيها، وغمغمت بهدوءٍ :

"أنا بس نفسي أطمن عليك!"

رفع "طارق" إحدى حاجبيه باعتراض، ثُم نبس متهكمًا :

"تطمني عليا إيه يا نوجة؟ هوّ أنا بنتك اللي لو متجوزتش قبل 25 سنة هتبور؟"

قطبت جبينها بضيقٍ، ثُم قالت وهيّ تستعد للذهابِ إلى المطبخ :

"بطل لماضة يا طارق.. وآه صحيح قبل ما أنسى، في واحد جيه النهاردة وقال إنه صاحبك وسابلك جواب على المكتب بتاعك"

عقد حاجبيه باستغرابٍ؛ فهو لا يملك أصدقاء كما نقول والدته، ثُم ردّ‌د بتعجُبٍ :

"صاحبي!"

عُذرًا حدث خطأ Where stories live. Discover now