|10|- قلوبٌ مُوصدَة

446 43 264
                                    

لَم يبقَ شطٌّ إِليهِ تَرجعُ السُفُنُ
وَلا مطارٌ عليهِ يهبطُ الشَجَنُ
لا شيء إِلّا أمانينا تُصبُّرنا
الحمدُ للّٰهِ، لا أهلٌ ولا وَطنُ
(مُقتبس)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن تضع نفسك في قرار الأختيار أصعب ما يعيشه المرء، أن يُحتم عليك القدر شيئٕا، فتفرضُه عليكَ الحياةِ أمر مؤلم، حيثُ تشعُر بالعجز وقِلة الحِيلة، مثلها تمامًا الآن.

أنزلت سماعة الهاتف من على أُذنها، ثُم نظرت إليه بشرار يتطاير من عينيها، تُريد أن تفتك به، أن تُعلمه معنى كلمةِ رجُل التي شُطبت من قاموسه ففضل التعامُل بالمؤمراتِ عوضًا عن المُواجهة والتحدي، وذلك أبعد ما يكون عن الشجاعة، هوّ الآن يضعها بين المطرقة والسندان، فإما أن تُنفذ شروطه وإلّا ستودع شقيقتها الصغيرة وصديقتها.

تلك الحياة لا تُعاش بسهولة ويُسر، عزيزي الذي يظُن أن بطيبته سيملُك قُلوب الناس، وأشُك أن بعضهم لا يملُك قلوبًا من الأساس، الطيبة عند التحكُم بها يكون الأمر جيد، وفي صالحك، أما إن كُنتَ تُعاني من الطيبة المُفرطة، فتأكد أنكَ ستكون لُقمة سائِغة في فاه بشرٍ مُستذئبين، يأخذون كل الحُلو في حياتك وكأنهم بذلك يتناولون جُرعة الهيروين خاصتهم.. إختصارًا وإيجازًا لكَ نحنُ في عصر إما أن تَأكُل أو تُؤكل، إما أن تَظلِم أو تُظلَم، إما أن تَذِل أو تُذَل.

وفي الحالتين أنتَ خاسر لا تستفد شيئًا سوى دفاعك عن نفسك، وفي العصور الآتية سيكون الإنسان أشبه بآلة تقوم بأداء مهامها كمكينة، ثُم تتوقف.. ويالا العجب، فبعض الناس تظُن أنه في المُستقبل ستكون سُبل الراحة أكثر، بل وستتقدّم التكنولوجيا، وينعم الإنسان، لا يَعلموا أن ما يقوم بهِ إناس بالتعاون أحسن مما تقوم به آلة حديدية مُبرمجة على نظام مُعيّن.

رمقته بنظرة قامتة، ثُم توجهت إليه تُمسكه من ياقة قميصُه الأبيض، قائِلة بغضبٍ :

"ودتهم فين؟.. عيشة وملك فين؟ أنطَق!"

ابتسم "رفعت" بسُخرية، ثُم تحدَّث ماكِرًا بنبرة صوت عالية :

"لو حابة نتعامل بالدراع، هتبقي الخسرانة.. رجالتي مش هيسبوكي، أما لو اتعاملنا بالعقل والتفاهُم هنوصل لأرض مُشتركة بينا ويبقى أتفاقنا"

تركته "فاطمة" ثُم كورت يدها تكظم غيظها منهُ، ونبست بترقُب :

"والمطلوب مني؟"

ابتسم بإنتصار ومال إلى الأمامٍ قليلًا، وغمغم بثبات :

"تبلغي طارق فياض إنُه يوافق على القرض، وألا طارق إيه بقى؟ ده بابا المُدير.. هتروحي تقولي لأبوكي يوافق على القرض اللي قدمتُه، والمُستشفى صاحبتك تبعهالي.. ساعتها بَس هسيب عيشة وملك، مش كان اسمُهم كده برضوه؟ صحيح كُنت هنسى الطلب الأخير"

عُذرًا حدث خطأ Where stories live. Discover now