في سترادا ريالتو، شارع ريالتو المكتظ بالابنية السكنية و المتاجر، تواجدت بناية شاهقة من اثني عشر طابق، لا يتجراء المارون العبث مع سكانها. فخلف كونكريت تلك البناية كان عالم آخر، خلف ستائر نوافذ بناء هالمفيا لمعت أنياب قطيع ولفسباين، كومة من المستذئبين...
Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
☾✧☽ 𓃦
بخطوات ثقيلة نزلت آخر الدرجات أجر حقيبتي على الأرض ورائي بكسل. عظامي تتذمر من كل حركة و رأسي ينبض بخمول، جسدي و وعي يصارع النوم لو لمسني أحد بالخطأ سوف اسقط نائمة على البلاط لا محال. أفكاري مشوشة وضبابية تمنعني من التركيز على شيء. لا اعرف كيف بدلت ملابسي و سحبت حقيبتي و نزلت ثمان طوابق إلى الساحة دون الوقوع على وجهي. اقتربت من المائدة في منتصف الساحة، طاولات بمختلف الاحجام و الأنواع اصطفت قرب بعضها البعض و حولها كراسي جائت من بيوت مختلفة.
رائحة الطعام تغلغلت في أنفي دافئة و غنية بالتوابل، رائحة زيت و معجنات و فطائر مالحة و حلوة. سحبت اول كرسي بمسند ظهر أمامي و انهرت عليه أرمي حقيبتي بين اقدامي أسفل الطاولة. أسندت رأسي بكف يدي أساعده في حمل الأصوات والضجيج المنتشر حولي. أطفال تبكي رافضة الذهاب للمدرسة و سيدات تصرخن بالمارة كي يضعو الطعام على الطاولة و رجال تقف في منتصف الساحة تحاول مناداة أحد في الطوابق العالية كي يستيقظ.
جلس أحدهم بقربي و تغلغلت في أنفي رائحة عرق طفيفة يطغى عليها غسول الشعر المعتاد برائحته المشابهة لزيت جوز الهند ممزوج مع الصبار. وضعت أمي فنجان قهوة امامي و داعبت شعري بطريقة أعادت ترتيبه إلى مكانه بدل بعثرته كما يفعل الباقين. شكرتها و امسكت الفنجان بثانية واحدة اقلب مكنوناته في حلقي.
اسبريسو مركز ومرر بلفحة من القرفة المحمصة مع القهوة قبل طحنها، كما يفترض بالقهوة أن تكونه. دقائق و بدأ مفعول الكافيين في جسدي يظهر، اكتافي عادت للوراء و ملامحي ذاب عنها النوم، اختفى ضباب عقلي فرأيت محيطي بشكل أوضح و كان احدهم مسح عدستي بقماش و فتح النافذة كي تضيء الشمس المكان.
عادت ذكريات الليلة الماضية لعقلي و ابتسامة كبيرة ملئت كل انش من وجهي، الحالة المزرية التي انا بها لم تكن سوى علامة على النجاح و التفوق. قد اسقط متعفنة من النعاس اليوم، لكن أمس انا من خرجت من المعركة منتصرة فوق جثة الجبر. رفعت ذراعي فوق راسي أمدد رقبتي للخلف، ثم عدت للأمام باندفاع انقض على الصحون كي أسحب واحد لنفسي. ملئته بفطائرة و بيض مقلي و شرائح برتقال طازجة و ورقة خس كبيرة محشو بداخلها سلطة تونا بالمايونيز والزيتون مع ذرة محمصة.
