رغبة يائسة / 1

391 21 20
                                    


ساعدتني الخادمة على الوقوف ، و نظفت الفوضى القبيحة لإفراغ معدتي . عندما خرجت من الحمام رأيت المشهد المألوف ، ثلاث رجال و امرأتين - الأطباء - ينظرون إليّ بشفقة .. لطالما كرهت هذا المشهد ، تلك النظرة ، و هذه الحالة ، اردتُ الصراخ بشدة فيهم ! .

في تلك اللحظة تم دفع باب الغرفة مفتوحاً ، رفعت نظرتي الى الزائر ، ظهر رجل طويل في ملابس مرتبة مع شعر داكن مثل ستار الليل .. كان زوجي ، راسيل اركاديا .

وقف هناك ، تركت يد الخادمة التي كنت استند عليها ، خطواتي مترنحة ، و رؤيتي مشوشة ، و جسدي يؤلم بشدة ، قاومت ضعف ركبتي ، لكن تلك المقاومة الواهية لم تمنع قدماي من الإنهيار ! .. سقط صدري بين أحضان دافئة ، و رفعت رأسي نحو وجهه .. وجه زوجي كان يتماوج في رؤيتي ، غير واضح و كأنه تحت الماء .

تذكرتُ كيف كنت واقعةً في حبه بشكلٍ اعمى ، و لازلتُ كذلك ، حتى في آخر لحظاتي انا احبه . رفعتُ يدي ، لمرة واحدة اردت لمس وجهه كما يجب ، لكن الاحتراق في فمي احبط رغبتي ، و غطيت فمي بيدي .. اندلع سائل ساخن و معدني من حلقي ، تلطخت يدي بالسائل الثقيل ، و عند رؤية اللون الاحمر الداكن عرفت أنها النهاية .

قبضت يدي بقوة ، و جرت الدموع من عيني ، شعرت بالألم يغسلني مثل شلال ، و نبض قلبي يختفي تدريجياً و رؤيتي تبهت و تتشوش .. عرفت ، سأموت الان ! .

رغم أنني تمنيت الموت منذ سقطت في المرض ، لكن الآن اكثر ما يؤلمني هو أنني لم احقق احلامي معه ! .. اردت العيش اكثر قليلاً . حاولت التحدث ، لكن لساني ثقيل ، لم يخرج سوى شهقات ضعيفة ، شعرت بأنفاسي تتباعد و تضمحل . قلبي المنتفخ تشدد و كأنه على وشك الإنفجار .

مؤلم .. مؤلم للغاية ...

آخر أنفاس لي أتت مصحوبة برغبة يائسة ترددت في أعماق مظلمة مثل الصدى .

' ... لو يعود الزمن للخلف ، الى حيث اجتمعنا و نبدأ من جديد .. لأعيش و أحب و أُحب من قِبل هذا الرجل ... ' .


******

سقف ملون ، و عصافير تزقزق ، و أجراس تقرع ! . كنت جالسة أحدق بنفسي بذهول في المرآة ، بدوت شابة للغاية و حيوية .

كنت متأكدة أنني مت ... ! .

لكن هذا ... ؟ .

لمستُ وجهي ، لم اصدق ما تراه عيناي .. بأي فرصة هل هذه الجنة ؟ .. لمست الفستان الأبيض الذي ارتديه ، و باقة صفراء موجودة على حجري .

ارتفع صدري و هبط بحدة ، وقفت بسرعة و دُرت حول الغرفة ، كانت غرفة استقبال بكراسي فقط و مرايا . دارت في ذاكرتي آخر لحظات موتي ، و غطيت فمي تلقائياً ، و أتى الطعم الوهمي للدم .

From heart || من القلب Where stories live. Discover now