| 48 | فوضى جميلة

2K 223 96
                                    

.

---

"هل تساءلتم يومًا إلى أين قد تقودنا الحياة؟" نطقت بنبرة مشوبة بالحزن، وهي تُلقِي رأسها على كتف سيليندا التي امتعض وجهها تحاول إبعادها؛ ولكن دون جدوى؛ إذ كانت ترى في عينيها بؤسًا أعمق من ذاك الذي رأته فيها يوم فقدت والدها.

"لا، ولا نرغب في التفكير بذلك." ردّت روسيل ببرود وهي تحدق في السقف الرمادي، عيناها زائغتان وكأنها في كل مرة تغرق في التفكير.. يُخرِجها صوت ايڤ المتطمر.

"أنا فكرت... كثيرًا. لكن حتماً ليس بِفكرة أن تجد إيفيرلين كولڤير نفسها في زنزانة ضيقة كهذه." تراجعت شفتيها إلى الأسفل بأسى، وضربت ذقنها بعنف على كتف سيليندا التي فقدت صبرها تمامًا، ودفعتها بعيدًا.

"كفاكِ ثرثرة! وهل تظنين أنني من مِرتادو السجون على سبيل المثال؟" ردت بنبرة حادة، محاولًة أن تجعلها تصمت، وتعود نحو الواقع حيث جلوس ثلاثتهن في زنزانة ضيقة لدرجة أن الهواء فيها بدا مختنقًا، والجدران الرمادية تعكس كآبة المكان بأكمله في حين أجسادهم مُلقِية على الأرض الباردة، ووجوههن تكسوها ملامح الأسى.

روسيل كانت غارقة في أفكارها، تحدق في اللاشيء وامام بصرها القضبان السوداء الحديدة.. لكن شيئاً ما يدلف الى عقلها باستمرار يجعل الابتسامة تحاول جاهدة لكي لا تظهر وسط هذا الفوضى.

لم يعد شيئاً مهماً بِقدر احتمالية اثبات برائته قريباً!

حتى لو كان في سبيل جلوسها هنا كالحمقاء ومع فتاتين لا يجيدنَّ أمراً سوى الشجار والنقاش الحاد المزعج.

"توقفي عن المبالغة بحق السماء!" صاحت سيلي بحزم، وهي تدفع جسد إيف بعيدًا عنها، الذي كان يلتصق بها بشكل مستمر، كونها تجلس في المنتصف، وذلك يمنح إيف ذريعة كافية لتقترب منها حد الجلوس في حضنها، وتتشبث بذراعها كلما شعرت بالهلع أو الوحدة.

إيفيرلين رفعت رأسها نحو السقف المنخفض، صوتها مليء بالخيبة وهي تتحدث مجدداً بصوت مرتعش."هل كان يستحق الأمر؟" أمالت رأسها بحركة سريعة تقوس شفيتها نحو الفتيات.

روسيل، التي بدت وكأنها في عالم آخر كلياً مما يجعلها لا تملك القدرة على الاستجابة، الا إنها لم تتوانَ في الرد، تجيبها بنبرة جافة
" ماحدث قد حدث، ولا نملك سوى أن ننتظر ما سيأتي."

أما سيليندا، فقد كانت تطبق شفتيها بإحكام، عيناها تحدقان في بقعة على الجدار الا انها لم تستطع كبح نفسها عن اجابتها بسخرية عارمة تثني ذراعيها بقوة " اتعلمون؟ لم أشعر بهذا القدر من الرضا منذ فترة!"
ابتسامة عريضة ارتسمت على وجهها تلوح بيدها وكأنها تروي قصة بطولية.

"سيليندا، نحن في زنزانة!" ردت إيف وهي تتحدث بنبرة تفوق فيها إحباطها " كيف يمكنك أن تكوني سعيدة في هذا المكان؟" في حين التفت رو تحدق بها ببعض الاستنكار..

Symphony of love | سيمفونية الحـبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن