الفصل الثاني

602 39 4
                                    

الفصل الثاني

-إياس، ماذا حدث لكل هذا
هتف بها عمار وحيد عمه وشقيق زوجته الذي صعد إلى الأعلى كي يجلب عبدالرحمن ذو الاثنا عشر عامًا ليصطحبه مع شقيقته وجنة اللتان تنتظراه في الأسفل، وقف أمامه باندهاش من حالة التيه التي تسيطر عليه فتيقن بأنَّ هناك خطبًا كبيرًا ألمّ بهما، فإن كانت عيني شقيقته المتورمة قد أخبرته ببعض ما أحلّ بهما فحالة إياس هذه أقسمت على صدق ما أخبرته به تلك العينان.

جلس إياس على الأريكة خلفه وعيناه لا تبارح ذاك الباب الذي فارقته لتوها فهتف إليه عمار بيأس
- لماذا تتعمد هدم ما تبقى بينكما وتتجاهل ترميم ما هلك من قلوبكما

تنهد إياس بقوة ثم أجابه بغموض
- هناك جروح من الصعب ترميمها مهما فعلنا.. جروحٍ لا تندمل أبدًا.. حتى وإن استطعنا تجاهلها لبعض الوقت لن نقدر أبدًا على ترميم ما تصدع منها

زفر عمار بقوة ضائقا من هذا الذي أصبح كل تفكيره عبارة عن يأس وإحباط واستسلام حتى صار يغدق بهم كل من يتحدث معه ثم سأله بهدوء متجاهلًا حديثه السابق
- لن أطلب منك إخباري بالسبب الذي جعلها تصرّ على تركك هكذا.. ولكن إن أردت مني تركها معك فلن أتردد لحظة بفعلها فقط أشِر بحاجتك إليها

 نظر إليه قليلًا بعقلٍ شارد ثم أجابه بجمود متذكرًا كلماتها الأخيرة
-  دعها تفعل ما تريد.. ليس هناك قلب ذو كرامه يقبل أن يتوسل أحد ليبقى معه في أسوء أيام حياته

- إياس، أتراها تتخلى عنك بفعلتها هذه.. لو كانت هكذا لما انتظرت وتحملت كل هذا... ظلت بجوارك في ما مضى من حياتك من الأزمة السابقة وإن كان أحدنا قد طلب منها التخلي فلن  تكن تتهاون لحظة بنهشه  بأنيابها.. لا سلطان لأحدنا على إبعادها عنك أو جعلها أقرب إليك من نفسك سواك أنت...متيقن من أن عائشة لم تترك هذا البيت إلا لأجلك ولهذا لم ولن أسأل عن أسباب .. سآخذ عبدالرحمن وأذهب إليها كي لا تشعر بالتأخير وإن أردتني فأنا بجوارك وقتما أشرت

رمى عمار هذه الكلمات بوجهه في هدوء ثم التفت إلى عبدالرحمن الذي بدأ يستفيق من نومه أثر أصواتهم فهتف إليه بحنان
- حبيبي أفق.. كي نذهب إلى جدتك صبا

نظر عبدالرحمن إلى والده بتساؤل قائلًا
- أبي، ألن تأتي معنا؟

اغتصب إياس ابتسامة أجاد رسمها رغمًا عنه على شفتيه وهو يلتفت إليه مجيبًا إياه بحنان
-  اذهب مع خالك.. ستبقون هناك لفترة لأنني منشغل

هز عبدالرحمن رأسه بنفي عدة مرات ثم اتجه نحوه وتشبث بثيابه قائلًا بخوف
- لا.. أريد أن أبقى معك لن أذهب إلى أي مكان.. ستبتعد مرة أخرى ولن أقدر على رؤيتك.. لا سأظل هنا برفقتك

أغمض إياس عينيه بقوة أثر ذكره لتك الذكرى التي أصبحت تطفو على كل حديثهم ثم ربت على كتفه برفق
- لا تقلق يا صغيري.. كلما استطعت سآتي لزيارتك.. أنا لا أطيق العيش دون رؤياك وشقيقتك
هز الصغير رأسه بالنفي وهو يجيبه بتفكير
- لا استطعت العيش تسعة أشهر بعيدًا عنا دون أن ترانا ولو لمرة واحدة

بلاء قمطريرا الجزء الثالث من قدر الصبا Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt