الفصل الثالث

434 32 7
                                    

الفصل الثالث

دقائق قليلة وكان إياس واقفًا أمام منزل شقيقه ويداه لم تبتعد عن الجرس المعلق بجوار الباب، كاد أن يرفع هاتفه ويهاتف أوس ليستفسر منه عما حدث إلا أنه هرول تجاه إحدى سيارات الأجرة التي وجد أبان يستقلها

توقف أمام السيارة براحة وهو يتلفظ أنفاسه بعنف أثر تلك المسافة التي اجتازها جريًا، نظر السائق إليه باندهاش و هو يتخلى عن مقعده ويبارح السيارة ليرى من هذا، هدأت نظرات أبان في بادئ الأمر حينما لمح طيفه من بعيد ظنًا منه أنه أباه جاء ليسترضيه لعدم اختلاف هيئتهم  ولكنه تلقى طعنة قاسية في قلب أمانيه بعدما رأى اقتراب إياس وتبينت له هويته من ذاك الفرق الذي بات واضحًا بين مظهره ومظهر أوس في الشهور السابقة

تجاهل إياس السائق الذي كان يحادثه بحنق وانتقل إلى باب السيارة فاتحًا إياه بعنف وهو يجذب أبان برفق بات غريبًا عنه في الآونة الأخيرة

حاول أبان انتزاع ذراعه من بين قبضته إلا أن الآخر أبى وهو يطالعه بتحذير جارًا إياه خلفه دون أن يردف بكلمة

زفر أبان بضيق عكس سعادة الطفل التي تولدت بقلبه أثر لحاقه به فالتفت إياس إليه مستفهمًا بهدوء
- ماذا حدث ليصل به غضبه إلى هذه الدرجة؟

نظر إليه قليلًا ببعضٍ من التردد وما لبث أن التفت ناظرًا أمامه دون أن يعيره أدنى اهتمام

استشاط إياس من حركته تلك فدائمًا ما كانت تثير غضبه أفعال المراهقين هذه إلا أنه هز رأسه بيأس وهو يعاود محادثته بشيء من الرفق
- أتعلم متى رأيت والدك يبكي كبيرًا؟

التفت إليه باهتمام شاعرًا بفرصة سانحة قدمت إليه على طبق من ذهب للنيل من نقطة ضعف عدوٍ ليس كأي عدو ولكنه عدوٍ لا يطمح لشيء سوى أن يراه في أقصى مراحل المجد، عدوٍ لو كان كل الأعداء مثله لتمنى جميع العالمين ألا يطوفهم سوى الأعداء

هز إياس رأسه بيأس وهو يدرك ما الذي آل إليه فكره فاسترسل حديثه كأن لم يفهم شيء
- من المؤكد أنك قد استمعت عن حادث السطح الذي كدت أن تتعرض له

نظر إليه دون أن يتحدث بشيء تأكيدًا لحديثه فأردف إياس
- المرة الأولى كانت حينها.. بكى بسبب خوفه عليك.. حتى أنه تبرع بنصف ما يملك بعدها على الرغم من كونه مريضًا يحتجر بالعناية المركزة

طالعه أبان بتساؤل متغلبًا على غروره دون أن يضيف شيء فأردف إياس وهو ينظر أمامه بشرود
- المرة الثانية كانت منذ ساعتين فقط.. ومن المؤكد أيضًا أنك تعلم من كان السبب بهذا

شعر بسوطٍ من نار يجلد قلبه مع كل كلمة نطق بها على عكس ما كان يعتقد بأنه سيطفئ نيران حقده بمعرفته نقاط ضعفه إلا أن تلك النيرات تأججت وأحرقت معها كل ما طالته بأيديها وهو يدرك بأن العدو ربما لم يكن بتلك القسوة التي أراها له الشيطان من مرايته

بلاء قمطريرا الجزء الثالث من قدر الصبا Where stories live. Discover now