الفصل السادس

442 31 3
                                    

الفصل  السادس

مع نسمات الصباح العطرة المحملة برائحة الورود النادرة ذات الروائح الخلابة الممتزجة بفوح القهوة الساحرة التي تجعل من لا يميل إليها يتلهف شوقًا لتذوقها؛ جلست ( عائشة) بجوار طفلها تحاول إفهامه تلك المسائل المعقدة التي عجز عقله عن فهمها بعدما انتهى والده لتوه من تسميع ورده القرآني الذي كانا قد اتفقا سابقًا بأنه سيتولى مهمة تسميعه له، رفعت عينيها إلى إياس الجالس أمامها يعبث بهاتفه وسرعان ما ابتسمت بخجل وهي تتذكر تسلله إلى غرفتها ليلة أمس ضاربًا بكلمة والده بأن يستقل كلا من أبنائه غرفة منفردة تأديبًا لهم ليتذوقا مرارة الوحدة التي كان كل منهما على شفا جرف من تذوقها

اتسعت ابتسامتها وهي تتذكر صدمتها حينما وجدته يدلف إليها وبيده العديد من الأكياس الممتلئة بكل أنواع التسالي التي تعشقها هي، التقطتها منه شاكرة إياه ثم طلبت منه الذهاب إلى غرفته لأن وقت نومها قد حان
كادت أن تنفلت من بين شفتيها ضحكة عالية حينما رأت صدمته على رد فعلها البارد هذا فنظر إليها بضيق وسرعان ما تجاهلها واتجه إلى فراشها متمددا عليه وهو يهمس بحنق:
- لن أضيع الوقت بتقديم المبررات، يأبى النوم أن يزور جفوني منذ أيام، احرصي على عدم الحركة كي لا تزعجيني أثناء نومي
جحظت عيناها إلى الخارج من بروده هذا فهرولت تقف أمام الفراش وهي تحاول جذبه بقلق تقول:
- لا، لا تمزح إياس انهض، إن علم أحد في الصباح فستكون فضيحة لنا، انهض واذهب إلى غرفتك أرجوك
لم يكن منه سوى أن جذبها من يدها ممددا إياها بجواره مكبلا جسدها بين ذراعيه وهو يهمس بنبرة غلب عليها النعاس:
- قلت لا أريد أي أصوات، فقط أريد النوم

فاقت من شرودها على استماعها لنبرته الغاضبة فوجدته يقف أمامها والنيران تتسابق في كلتا عينيه أيا منهما ستشتعل أكثر وهاتفه موجه أمام عينيها صائحا بغضب عاصف:
- أفهم ما هذا الذي أرآه؟

عقدت حاجبيها باندهاش من تحوله المفاجئ فنظرت إلى الهاتف وسرعان ما اضطربت نظراتها بتوتر تهمس بارتعاب من غضبه:
-  هذا.. أقصد.. لم أقصد ما فهمت
- انطقي
انتفضت أثر صرخته العالية وهي توزع نظراتها بينه وبين صغيرها الذي بات يوزع نظراته بينهما بفضول فانتبه هو إلى الصغير ثم التفت إليه هاتفا بهدوء مصطنع:
- عبدالرحمن، اذهب لشقيقتك لتفهمك ما تريد، أريد التحدث إلى والدتك قليلًا.
انتقلت نظرات عبدالرحمن منه إلى عائشة بقلق عليها من غضب أبيه الذي رآه لتوه فأومأت إليه بإيجاب متصنعة ابتسامة مطمئنة ابتسم قلبها بسخرية على قدرتها لاختلاقها في موقف كهذا

راقب إياس انصراف صغيره بخطوات مترددة فالتفت إليها بعدما اختفى صارخا بغضب أعماه عما يفعل:
- سأنتظر كثيرًا؟

ارتعشت أوصالها من صراخه الذي أوصل إليها مقدار غضبه فهمست تبرر بتلعثم:
- أقسم لك.. لم أكن أتحدث إلا للضرورة.

بلاء قمطريرا الجزء الثالث من قدر الصبا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن