١| عندما تهرب من الهروب، ماذا تجد إلا الهروب؟

97 11 49
                                    

تحفظ ڤيرينا جيدًا، صوت قعقعة تكالب العِظام، فرقعة اختراقها للحمِ الطري وألياف العضلات

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.


تحفظ ڤيرينا جيدًا، صوت قعقعة تكالب العِظام، فرقعة اختراقها للحمِ الطري وألياف العضلات.. وتمزقها.

والآن، خلفها تمامًا، تسمع هذا الصوت. هبّت رياح باردة مثل صرصرٍ قارصة، تتلبس جثتها، ولا تطلق سراحها، لم تدري من كان المتسبب هنا، هل كانت تخونها ساقيها الرخوتان، وهي تقف وما تفتئ ترتخي على الأرض الأسفلتية الخشنة، كلما اتكأت للمجاهدة بالإستقامة، اتكأت على الذراع الخاطئة.

الذراع اليسرى لم تساعدها لحظتها، وحين اقتراب الصوت، لا يزال يرن ويرن في طبلة أذنيها، لم تجد بُدًا من الزحف على يدها وقدميها، وتوسيخ قميصها الرمادي الجديد نسبيًا، ذو التطريزات اللولبية.

غريبٌ أن تفكر في هكذا أمر بالتوقيت الحالي. أصابها وهنٌ غير معقول، وتناهى إلى مسمعها تثاقل أنفاسٍ هائجة حيوانية، أغلب الظن استخرج الموقف منها أصوات لم تعي قدرتها عليها. دوارٌ عنيف اجتاح نطاق بصيرتها، كانت على بُعد خطوات ليست بالقليلة عن شقتها بالطابق الثاني.

الشارع خالٍ، خالٍ لدرجة أن كل ما ينهمر عليها هو دوّي هسهسة تخبط الجلد بالجلد. قد لا يسمعها أحد، غيرها.

زحفت وزحفت، تكافح طواف العالم، البناية ذات الطلاء الأبيض المتقشر، أمامها ترتج، وقلقلة أنوار عمود النور الوحيد بالشارع تثير فزعًا فوق فزعها إلى انقطاعها.

وأخيرًا، تمكنت من الوقوف بعد أنصافِ عثرات، تفر من بين شفتيها الجافتان أنّةً بعيدة كل البعد عما يساورها من آلام. خفقات قلبها، طفقت تعلو، وتنبض في كل شبرٍ من رأسها. أزاحت دون قصدٍ خصلاتها الرملية المتلاطمة على خِلقتها، تزيح ستائر العتمة.

وطارت تسابق الريح، كانت تحذو حذو ركضها مذ عدة أيام، تجدف يمينًا ويسارًا بما تحظى به من ذراعٍ ونصف، تطرح عن أعقابها أي سبلٍ للتعقب. تروح تقفز إن تمكن منها الأدرينالين، على سطح سيارتها القديمة تنزلق فوق سطحها، وتنكفئ على ركبتيها.

لن تمنح للهوان فرصته الآن ليستبد بها، لذا ذيّلت ركضها بدفعةٍ زائدة من الحماسة، وفكرة واحدة تحوم بذنها: أن تتسلق سلم الطوارئ الموصل للطابق، لم تأبه بالتوجه يمينًا حيث السلالم الرسمية الطويلة، وفي أثناء تسلقها تمتنع عن النظر للخلف.

جلود مجثوثة |  Eradicated SkinWhere stories live. Discover now