P29

63 11 4
                                    

رن المنبه معلنًا بدأ يوم جديد، الثامن والعشرين من أغسطس، لم يتبقَ من الوقتِ سوى أربع وعشرين ساعة لنجتمع غدًا جميعًا من جديدٍ...

مُنذ شهرين وتحديدًا في السادسِ والعشرين من يوليو كانت النظرة الأولى حينها كان موعد التقديم على العمل في إحدى الوظائف...

لم نكن نعرف بعضنا جيدًا، فلم يرَ أحدنا الآخر على أرضِ الواقع لكن كنا صديقين، كان يجمعنا العمل في مكانٍ واحد في مدينة تُسمى " مُلتقى الأماني"

كان العمل سابقًا يتطلب منا البقاء في المنزلِ وعدم الحضور للعمل في تلك البناية، فقد كان العام الأول لاختبار المتقدمين على الوظيفةِ لذلك كان الاختبار والعمل من خلالِ الأجهزةِ الإلكترونية حتى حديثنا مع بعض كان من خلالها...

اكتمل الاختبار وقد حان موعد إعلان الأشخاص الذين تم اختيارهم ونجحوا في الحصول على الوظيفةِ، لم أكن مهتمًا حقًا بإعلان الأسماء بقدرِ رؤيتنا لبعض كنت انتظر هذا اليوم بفارغِ الصبرِ...

- سوف نلتقي! الأمر يبدو صعبًا جدًا فأنا من هذهِ اللحظة أبدو متوترًا جدًا...
الساعة الآن التاسعة مساءً، يوم الأحد، قُبيل يوم من موعدنا أرسلت لها رسالة...

- مساء الخير "غيم" غدًا موعد إعلان الأسماء سوف تأتين، أليس كذلك؟
- مساء النور "غيث" بكلِ تأكيد! فأنا متشوقة جدًا لمعرفةِ الأسماء أَملُ أن تظهر أسماؤنا جميعًا لكي نُكمل في نفسِ المكانِ.
- لقد قمتِ بعملٍ جيد يا غيم، متأكد انكِ سوف تكونين على قائمة الأشخاص.
- وأنت ايضًا يا غيث، اما الآن فقد تأخر الوقت قليلًا، نلتقي غدًا بإذن الله، وداعًا غيث.
- وداعًا غيم.

انتهى حديثنا في تلك الليلة، كان يجب علي بعدها ان أنام مُبكرًا، لكن لم أستطع من شدةِ التفكير في يوم الغد...

التاسع والعشرون من أغسطس، الساعة السابعة صباحًا، أكملتُ تجهيز نفسي وخرجت بعدها لمكانِ العمل، حين وصلت كان مُكتظًّا بالاشخاصِ الذين قدموا أيضًا على الاختبارِ...

- اوه! كيف سأعرف "غيم" من بين كل هذا العدد! أخاف أن ينتهي الوقت دون أن نلتقي.
كان ذلك التساؤل محط تفكيري منذ أول لحظة وصلت فيها للمكانِ، لحظات عدت حتى مرت بجانبي فتاة تشبهُ كثيرًا ملامح غيم حين رأيتها أول مرة لوهلةٍ. لم أستطع التأكد كانت مسرعة جدًا، أكملت المسير بعكس الاتجاه الذي كانت تسير فيهِ.

مر الوقت وبدأ إعلان الأسماء، كنا مُقسمين إلى أقسام كل مجموعة في مكانٍ مُختلفٍ، بدأ إعلان الأسماء في مجموعتي لم يُذكر اسم غيم، لذلك أدركت أنها ليست هُنا...
ذهبت بعدها للمكانِ الآخر باحثًا عنها فجأة جاء صوتٌ خفيفٌ من الخلفِ :
-  غيث!
استدرت للخلفِ كانت غيم! لبثتُ محدقًا في وجهها دون أن انطق اي حرف، تلعثم لساني...
- ما بكَ؟ ( كسر ذلك السؤال من غيم ارتباكِ)
-  لا شيء، أخيرًا وجدتكِ لم يبقَ مكان لم ابحث فيهِ عنكِ لكنِ لم أجدكِ أين كنتِ؟
- كنت في الغرفة الأخيرة، أُعلن أسمي مُنذ البداية بعدها ذهبت إلى المركز الرئيسي لأمرًا ضروري، وانت؟ هل نجحت في الاختبارِ؟
- مُباركٌ لكِ في بدايةِ الأمر، نعم تم قبولي.
- مُبارك لكَ ايضًا، تستحق ذلك.
كان الحديث بيننا بسيطًا لكن لم تسعني الأرض حينها،
الابتسامة لم تفارق وجهي مع رعشةِ خوفٍ وخجل تسري في أنحاءِ جسدي.
استمر بعدها حديثنا لساعاتٍ دون أن أشعر بذلك، دون تعب أو ضجر! شعرت وكأنني شخصًا آخر مُختلفًا كُليًا...

"كانت غيم جميلةً جدًا كأنها بسْتَان ورد اِجْتمَعتْ حَولَه كُلُّ فراشَات الأرْض"

شارف وَقت العَمل على الانتهاءِ كان ذلك أسوأ ما في الأمرِ لم اود ابدًا أن ينتهي هذا اللقاء!

- والآن يا غيث، لم يتبقَ الكثير من الوقتِ ويجب علينا أن نذهب، لا أعلم متى سوف نلتقي مجددًا لكن على أملٍ أن يكون قريبًا.
- هل علينا الذهاب الآن؟ إلا يمكن أن نبقى قليلًا!
- لا يمكن! تأخر الوقت كثيرًا، كهذا سوف تتعب، لذا؛ عليك ان تغادر الآن.

كان كُلّ شيءٍ يَخبرني يجب علي الذهاب، لكن ما في داخلي مُتمسك في المكانِ لا ينوي المغادرة...
"أود أن أقِف هَكذَا أنظُر إِلى جَمَال - عيْنيْها - اتأمل ذَلِك اَلخُلق النَّادر اَلذِي أَمامِي حَتَّى أَغرَق فِي خَيالِي..."

- قبل أن اذهب، أتعلمين شيء، يا غيم؟
- أسمعك أخبرني...
- "عِندما وضعكِ الله في طريقي لم يَضع مُجرد شخصًا فَقط إنما جعلكِ على هيئةِ سلم للطوارئ تهرعُ إليهِ - نَفسي - من كُل شَيءٍ يَحلُ بِها..."

انتهى العمل في هذهِ الوضيفةِ مُنذ وقت طويل انتقلت بعدها إلى مكان آخر، وآخر لكن...؟

لم تمطر السماء بعد آخر لقاء ولم تعلن أن الغيث قد التقى بالغيم...

- حَيدر خ

لِقاءWhere stories live. Discover now