زهرة فى مستنقع الرذيلة 41

108 3 0
                                    

تحددت أولى جلسات محاكمة سعاد ، التى وقفت خلف القضبان الحديدية الغليظة الصدأة وقد ارتدت ملابس السجن البيضاء وقد اكتسى وجهها بشحوب وصفرة ، اقتربت منها ناهد وأخذت تطمئنها وتهدىء من روعها وكذلك زهرة ، لم تسمع سعاد ما قالته لها ناهد ، فقد كانت تحيا فى كابوس رهيب ، كان الجو بالقاعة خانقا فقد اختلطت روائح العطور الرخيصة بالفاخرة ، وامتزجتا بدخان السجائر   و رائحة القهوة التى يتناولها  الحضور ، الاصوات متداخلة متماهية ، خرج الحاجب من الغرفة بخلف المنصة وطرق بيده على الحائط المكسو بالخشب عدة طرقات فساد الصمت ثم نادى باعلى صوته : محكمة .
هرولت ناهد وعادت للصف الاول منتظرة مع الجمع خروج القضاة ،  وفور خروج القضاة ومن خلفهم وكيل النائب العام وقف الحضور بالقاعة ، أشار لهم القاضى بالجلوس ، فجلس الجميع ، تحولت حالة الهرج والمرج وتداخل الأصوات إلى صمت كصمت القبور ، قطعه الحاجب ونادى القضية رقم ....... لسنة ........ المتهمه سعاد عبد الرحمن حسين ، نظر القاضى صوب القفص  وقال : سعاد عبد الرحمن حسين ، حاضرة ؟
سعاد : أيوا حاضرة .
القاضى : يا سعاد أنتى قتلتى جوزك عزت سمير ؟
سعاد : والله ما كان قصدى أقتله ، أنا كنت بأدافع عن روحى ، كان هايموتنى والله العظيم .
القاضى : خلاص يا سعاد .
النيابة
وقف وكيل النيابة بعد أن وارتدى نظاره القراءة ، أمسك بملف وقربه من ناظرية وبدأ مرافعته : سيدى الرئيس حضرات السادة القضاة الأجلاء النيابة تطالب وبحق بتوقيع العقوبة المقررة وفق المادة 230 من قانون العقوبات وهى عقوبة الاعدام .
لقد عقدت المتهمة النية على إزهاق روح القتيل زوجها بأن أعدت لذلك سكينا حادا ذو نصل طويل ، دسته فى غرفة المعيشة فى مكان تعلمه جيدا ، وتستطيع الوصول إليه بسهولة ، انتهزت تلك القاتلة الغادرة نشوب مشاجرة بينها وبين القتيل ، لطالما حدثت مثلها عشرات المشاجرات التى كانت تنتهى بعد دقائق ، إلا أن هذه المشاجرة كانت مختلفة كل الاختلاف عن سابقاتها ، لقد كانت الأخيرة ، انتهزت تلك القاتله المجرمة التفات القتيل ، فاستلت السكين فى سرعة ودهاء وبكل خلسة وغدر كالت الطعنات لزوجها القتيل ، الطعنة تلو الأخرى فى أماكن متفرقة من جسده الذى تهاوى أرضا ، فلم يردعها ويوقفها ذلك ، بل واصلت الطعن والطعن عشرات المرات حتى تحولت أرضية الغرفة إلى بركة من الدماء ، وذلك واضح من المعاينة التى قامت بها النيابة لمسرح الجريمة ، توالت الطعنات النافذه التى أودت بحياة القتيل ، وأزهقت روحه وفق الوارد بتقرير الصفة التشريحية المرفق أصله بأوراق الجناية المنظورة أمام بصركم الشريف ، إنى لا أكاد أشعر بروح القتيل المجنى عليه تحوم حولنا فى هذه القاعة متوسلة مستصرخة عدالتكم للقصاص لها من هذه القاتلة الغادرة التى لم تراعى ولو حتى العشرة التى ربطتها بالقتيل وهو للأسف الشديد زوجها ، أختتم كلماتى هذه حتى لا أطيل على عدالة المحكمة الموقرة بقول الله عز وجل (بسم الله الرحمن الرحيم) من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الارض فكأنما قتل الناس جميعا ) ، لقد ساوى الله بين قتل النفس الواحدة والناس جميعا ، لما فى هذه الجريمة من ترويع للمجتمع ، وهز دعائمه ،
وقوله عز وجل ( ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب) شكرا لعدالة المحكمة الموقرة .

زهرة فى مستنقع الرذيلة Where stories live. Discover now