مَشَاعِرٌ شَائِكَةٌ

27 3 12
                                    

"في كل جرح يخلّد الوجع، وفي كل ألم يحكي الصمت قصةً مؤلمة."

مصطفى صادق الرافعي

في شركة القاسمي تقف ريماس أمام نافذتها، تحدق إلى السماء المغيمة. كانت الغيوم تتكاثف ببطء، وكأنها تعكس حالتها النفسية المتقلبة. شعورٌ بالقلق والتوتر يتسلل إلى قلبها مع كل لحظة تمر، وعقلها لا يتوقف عن التفكير في التفاصيل التي تلاحقها مثل ظلال لا تنفك عنها.

الذكريات تلاحقها. كانت تفكر في تلك اللحظات الجميلة التي عاشتها، وكيف تغيرت الأمور الآن. شعرت بوحدة غريبة تلتف حولها كالشبكة، تمنعها من التنفس بحرية. كانت الرياح بالخارج تعصف بالأوراق والأغصان، لكنها كانت تعرف أن العاصفة الحقيقية تدور داخلها.

من خلف زجاج النافذة، رأت المدينة تنبض بالحياة رغم الطقس الكئيب. سيارات تتحرك، وأشخاص يسرعون نحو وجهاتهم، وكل واحد منهم يحمل همومه وأحلامه. تساءلت عن أحلامها الخاصة، وهل لا تزال قادرة على تحقيقها وسط هذا الفوضى التي تعيشها؟

لكن الحياة لم تكن سهلة كما توقعت. واجهت الكثير من العقبات، وتعلمت الكثير من الدروس الصعبة. ومع ذلك، لم تفقد إيمانها بنفسها.

ولكن الآن، وهي تقف أمام هذه النافذة، شعرت بأن كل شيء يبدو بعيداً وصعب المنال. كأن الغيوم الكثيفة التي تملأ السماء تعكس حالة التشوش والتردد التي تعيشها. لم تكن متأكدة من الخطوة التالية التي يجب أن تتخذها. شعرت بأن العالم يضغط عليها من كل الجهات، وأنها بحاجة إلى فرصة للتنفس والتفكير بوضوح.

أخذت نفسًا عميقًا، محاولةً تهدئة نفسها. ربما كانت السماء مغيمة الآن، لكن الغيوم لا تدوم إلى الأبد. تحتاج فقط إلى قليل من الصبر والشجاعة لتجاوز هذه المرحلة. وبينما كانت تعود إلى مكتبها، قررت أن تأخذ لحظة للتأمل مجددا وإعادة ترتيب أفكارها. كانت تعلم أن العواصف تمضي، وأن الشمس ستشرق من جديد.

وبينما هي غارقة في أفكارها، عندما طرق الباب برفق. التفتت قليلاً لترى أدهم، يدخل بخطواته الواثقة وأناقة لا تُخطئها العين.

قال بأدب: "آنسة ريماس"

لم تلتفت إليه، بل استمرت في النظر إلى الأفق البعيد، وكأنها تبحث عن إجابات بين السحب الكثيفة. أجابت بصوت هادئ، لكن فيه من الثقة ما يكفي: "هل وجدت شيئاً؟"

تردد أدهم للحظة، ثم قال بصوت يحمل تحذيراً خفياً: "حسام الحمداني."

شعرت ريماس بالحماس، تماماً كما توقعت. كانت تعرف أن الأمور ستصل إلى هذا الحد. قالت بأمر واضح: "كما توقعت... اذهب الآن، جهّز نفسك للاجتماع."

توقف أدهم للحظة أخرى، متسائلاً: "حسناً... هل قررتِ يا آنسة؟"

ردت بحزم: "أجل، وابحث لي عن مكان في إيران بأسرع وقت."

My Refuge - مُتَنَفَّسِيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن