مُجَدَّداً

23 2 11
                                    

"الحياة ليست سوى سلسلة من المفاجآت التي لا يمكن التنبؤ بها، كل لحظة قد تكون بداية لصاعقة جديدة."

فيودور دوستويفسكي

في هذا الكون الواسع، تتراقص الأيام وتتلاطم الأحداث كموج البحر، مخلفةً وراءها ذكريات لا تُمحى وتجارب لا تُنسى. إن الحياة، كما وصفها الشاعر الكبير نزار قباني، "مدينة لا تُغادر إلا بالأمنيات"، حيث تنسجم فيها الألوان المختلفة لتكوِّن لوحات فريدة من نوعها.

تتمازج في هذه المدينة الساحرة لحظات الفرح بأحزان الوداع، وتلتقي فيها أصوات النجاح بصدى الفشل، فكما قال الشاعر العربي أبو القاسم الشابي:

"إذا ما اجتمع الليل والنهار على تغييرهما * وجب على المرء أن يكون قد بلغ مراده"

في صخب هذه المدينة، يسرقنا الزمان أحيانًا إلى أعماق مجهولة نحن نخوض فيها، وكأننا نعبر بحرًا لا نعرف مدَّه وجزره. وكما قال الشاعر العربي الكبير محمود درويش:

"الحياة حلوة كالقمر ومرة كالسكر * وفي اللحظة الحلوة بعثرتها الأقدار"

في كل يوم، تتداخل في هذه المدينة الحيوية مفارقات القدر، فنجد أنفسنا نسابق أحلامنا ونواقيس الواقع، محاولين فهم القوانين الغامضة التي تحكم الحياة. ولكن كما قال الشاعر العربي الكبير أحمد شوقي:

"لا تُدركُ الأيّامُ أبدًا حقيقتها * ولا تُفيدُ الآمالُ إلا كلّ مرة"

إن السر في مفاجئات الحياة يكمن في قدرتنا على استقبالها بصبر وشجاعة، وفي استخلاص الدروس من وراء كل تجربة. إن كل مفاجأة تحمل معها فرصة للنمو والتطور، ولكنها تحتاج إلينا لنكون قادرين على فهمها ومعالجتها بحكمة وإيمان بأن كل ما يحدث له حكمة ومعنى في حياتنا.

**

كانت ليلة شتوية باردة، والبحيرة مجمدة تمامًا، سطحها الزجاجي يعكس ضوء الشفق القطبي المتراقص بألوانه الخلابة في السماء. القصر الفخم الذي يطل على بحيرة بايكال بدا وكأنه مشهد من قصة خيالية، أضواءه الدافئة تتلألأ من النوافذ الكبيرة، بينما تعكس الجدران الرخامية السوداء هدوء الليل وجمال الشفق القطبي.

على الشرفة الواسعة، كانت Rita تقف بجانب Gavin، تستعد للمغادرة ولكن يوقفها ما رأته عيناها فإذا بهما تحملان خوفاً لا يمكن إخفاؤه، وكأنها رأت آخر شخص تتمنى رؤيته في هذه اللحظة. كانت ملامحها وهيئتها المتوترة تبث في قلب Gavin شعوراً بالرهبة، وهو الذي طالما عشق النظر في عينيها ذات لون البن المحروق، بجمالهما الغامض الذي يُخفي الكثير من الأسرار.

في الداخل، داخل الغرفة التي تضم هذه الشرفة، يقف هناك شاب ينظر اليها بدهشة رهيبة وكأنما قد شُلَّت حركته. ليقف Gavin عاجزاً أمام دموع Rita التي تسقط واحدة تلو الأخرى، معلنة استسلامها أمام هذا الشاب.

My Refuge - مُتَنَفَّسِيWhere stories live. Discover now