في مثل هذا الوقت

200 16 0
                                    

المنزل هو المكان الذي يجمع احاسيس الانسان فما ان تطاه قدمك حتى ينبعث فيك احساس الراحة والطمانينة فهو كاتم اسرارك , مخفي عيوبك ومسجل ذكرياتك السعيدة منهاا والحزينة ..في كل زاوية منه ضحكات او شهقات....حسنا ربما لم يكن هذا بالنسبة لنانا فهي الوحيدة التي كانت تتهرب من منزلها..لم تكن ترفض اي فرصة لتغادره ففيه تعرضت لأسوء كوابيسها ..لم يضم منزلها غير الذكريات السيئة....

هاهي ذي كعادتها تستيقظ فقط لتغادر المنزل على الساعة 6 صباحا ..ارتدت قميصها الصوفي الابيض و جمعت شعرها الاسود الحريري ثم غادرت المنزل بهدوء كي لا توقظ والدها و اختها الكبيرة.....كانت تعشق نانا التجول تحت المطر في الشوارع الهادئة فقط لتراقب شمس الشتاء و هي تشق بأشعتها السحب المتكاثفة و ان كانت محظوظة جدا سترى قوس قزح الذي تشكل مباشرة بعد توقف الامطار و انتشار الدفئ مع نسمة نوفمبر الباردة عندها فقط ستجد نفسها امام بوابة ثانويتها الشبه مهجورة في مثل هذا الوقت...كان هذا روتينها اليومي فهذا المنظر هو الوحيد الذي كان يشعرها بأنها على قيد الحياة

هاهي دي مجددا اما بوابة الثانوية ...بعد ان تخطو خطوة واحدة خلف هذه البوابة ستعود الى حالتها الباردة و طبيعتها الشبيهة بالموت و لكن ما لم تكن تتوقعه انها ستجد تشانيول مباشرة بعد هذه البوابة...هي لم تعتد ان تجد شخصا في مثل هذا الوقت بالمدرسة اذا ماذا يفعل هذا الاخير هنا...تقدمت خطوة...خطوتان على امل ان لا يراها..لكن ليست كل الامال تتحقق
فتشانيول حقا رأها

"ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت"

"انا من يجب عليها سؤالك..ليس من عادتك ان تكون هنا في هذا الوقت"

"اذا افهم منك انك تأتين دائما في هذا الوقت"

و كعادة نانا الباردة لم تكلف نفسها باجابته بل اكتفت بالالتفات للمغادرة و لكن سرعان ما امسك تشان بمعصمها و سحبها لتجلس بجانبه
قال تشان بنبرة صوت حزينة"يحتاج المرأ في بعض الاحيان الى الهرب من الواقع ..و البقاء وحيدا ..يكون مضغوطا لدرجة كل ما يستطيع فعله هو الهروب و البقاء وحيدا..والتأمل في السماء و رؤية المطر و هو يتساقط ثم الشمس و هي تعمل جاهدة في محاربة الشتاء لتوصل الدفئ للناس ثم ينتهي بها الامر مستسلمة خلف السحب الكثيرة كل ما في الطبيعة يشعرك بالاستقرار و الراحة لهذا انا هنا في مثل هذا الوقت"

تأملته نانا لبرهة ثم تلبست واقع الفتاة الباردة و قالت"لماذا تخبرني بكل هذا "

"اظن انه نفس السبب الذي جعلك تأتين الى هنا في مثل هذا الوقت"

"لا انا سعيدة جدا بحياتي"

"اذا لما كل هذا البرود امام شخص لا تعرفينه" وهنا بالذات اصاب تشان الوتر الحساس لنانا

فأجابته "انت قلتها...لأنني لا اعرفه"

"تقولين ذلك على اساس انك تعرفين احدا"

لم تخفي نانا حقيقة انها غاضبة و لكن طاقتها لم تكن تكفي لكي تتجادل مع شخص بالكاد تعرفه "لا شأن لك" كانت هذه اجابتها المختصرة ثم همت بالرحيل..لم يتردد تشان في اللحاق بها لكنه لم يجرأ على التكلم معها لذا اكتفا بالسير بجانبها حتى وصلا الى صفها و هناك كسرت نانا الصمت "يمكنك ان تذهب"

"لا اريد...اخبريني اولا ما اسمك"

"ليس لدي شك في انك تعرفه"

"حسنا انا اعرفه و لكن الا نحتاج الى بداية جديدة"

تأملت نانا في عينيه مطولا غير متاجهلة تلك الرعشة التي سيطرت على عمودها الفقري و تنفسها الذي اضطرب فقط لتنزل رأسها و تاخذ نفسا عميقا ثم ترفعه مجددا و تقول"كيم نانا...و توقف عن ازعاجي "

ابتسم تشان ثم التفت و غادر الى صفه هو الاخر

___________

انتهى الدوام بعد عدة ساعات

خرج تشان مسرعا لعله يلحق بنانا قبل خروجها لكنه تفاجأ بها اما باب صفها

"ههه اظن انك انت من اتى لرؤيتي الان" قال و من نبرته كانت السخرية واضحة

"لا تكن واثقا الى هذا الحد....جئت كي احذرك من اللحاق بي او ازعاجي انا ذاهبة الان"

.

.

عادت نانا لمنزلها اللعين و هي تفكر طول مسافة العودة فيما قاله تشان لها صباح هذا اليوم و لكن ما ان وصلت امام منزلها حتى تشتت تفكيرها فهي تقف امام قوقعة اليأس

"اين كنتي"هذه هي  الطريقة التي ترحب بها يورا باختها الصغيرة ..انا لا الوم ابدا نانا انها كرهتها من كل قلبها..كان جواب نانا الوحيد هو توجيه احد نظرة لها و الالتفات كي تصعد الى غرفتها
هي كانت تعرف ان حالتها هذه لن تنفعها في شيء لكن اخر همها هو ان تثق في الناس او ان يبادلها الناس الثقة ..هي بالكاد تثق بوالدها لذا لن تتردد ابدا في بقاءها على تلك الحال لكن ما يشوشها هو تشان لما يحاول التقرب منها انه اول شخص يتجرأ على الحديث معها ..هي لا تقصر ابدا في تجاهله اذا لما يستمر في التكلم معها و كأنها صديقته حقا ..كل هذا كان يجول بذهنها و لكنها لم تمانع في الاستسلام للنوم .....


(يتبع...)

#ninou

نظرتك سلاح فتاك!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن