الفصل العاشر

170 25 65
                                    


مر الوقت انتهوا من تمريض (جميلة ) منذ دقائق ، وليس أى تمريض ، لقد نُقعت الفتاة بملابسها فى حوض من الماء ليغسلوها تماماً من دماءها و ينزعوا عنها أى سم لم يدخل لجسدها، بعدها لفوها برداء آخر أبيض مصفر ربطوه لها من فوق كتفها ، و ريطوا شعرها فى كعكه ضخمة و ضغطوا عليها الى جانب رأسها ، و خيراً فعلوا انهم لم يقصوا لها هذا الشعر الناضخ بالحياة !

لم يقصروا على مدار ساعة كاملة يفحصونها و يتحققون من كل جرح و خدش ، مضمدين الكل بعد التطهير ، و كذلك أشربوها بعض الجرعات المعروف عنها تنقية الجسد من شتى أنواع السموم ، ربما يكون سم (فيونا ) لا شفاء منه عن عمد ، الا انهم فعلوا كل ما يمليه الضمير عليهم مع الفتاة .

التى لم تكن تشعر ولا تدرك بأى مما يحدث لها ، أنها غائبة عن الوعى مستيقظه فى داخلها

ليظل الالم يتوالى عليها فلا ترتاح منه للحظه ، انما يبدو و كأنها أعتادته ، تائهه فى رأسها داخل حجرات محاطه بجدران شاهقة سميكة و من فوقها لا سقف و لا حامى ترى سواد السماء و ظلمتها خاليه من نجم أو قمر ، و أرض الغرفة كما غابة من الصبار لا تملك سوى الوقوف مُكتفة شاخصة ، فأن تحركت فى اعياءها هذا لسقطت مُلصقه بجسدها العديد من الاشواك ، و جسدها ليس حمل وخزة تزيد عليه !

ربما تظن نفسها تهذى ، او ترى بغمامة ! ، لكن ما هى الا ساكنة الحراك تماماً ، عيناها محكمتان الاغلاق لا تنتبهان مهما حاول معها فريق الاطباء و الممرضين ، و أفكارها التى تعج رأسها لا تخرج من بين شفتيها الثابتتان ...فهى تتحدث داخل بالها فحسب ، دون أن يوحى مظهرها أن هناك ما يجول بخاطرها ، فى نظرهم و فى آرائهم هى معلقة بين االحياة و الموت ، و كم هى أقرب للاحتمال الآخير !

صوتها بداخلها كصدى آتياً من بعيد ، لو لم تكن صاحيته لننا فسرت القول :

" لم أمت أكيد ...فهذه ليست بجنة الخلد ، و انها ليست بالجحيم حتى ، لكانت شعلات النار المحتدمة تضىء هذا المكان المعتم ، و تدفىء برودته ، فانى باردة لدرجة التى لا أشعر فيها بأطرافى و لا أتمكن من تحريك عيناى ! ، أى سكن فيه انا الآن ؟ و اى كائن هذا اراد قتلى ..؟! ، ويلك يا منيرة لم تدخلى غرفتى الا لتدلى وحش مولاكى الى ..! ، و انا من تسألت بشأن النعناع !، يالى من غبية تركت المكيدة توقعنى ، و دخلت بأم قدماى الى الفخ المنصوب من أجلى ! ، فيونا ...لقد سمعت دوى صرخات بهذا الاسم اللعين ، لا أفقه من اين أتت ولما !! ، ليست أعتماد ، لا ... لقد كان رجلاً !!

أعتماد ، أجل لقد كانت مُحقة ! ، كيف كان لى مُجادلتها و هى قضت عمرها هنا ! ، يالى من حمقاء ! أنكرت أن يوجد وحشاً وراء الباب الغريب ، فاذا به الوحش يظهر لى أنا ! ، أنه لحق الموت و الدماء الذى تحدثت عنه ...أعتماد ، وانا تكبرت عليه !! يا الهى أهدينى ...هل أنا ميتة أم حية ..!! أين أنا يا ربى أنجدنى من هنا ...! "

مستقبل من الماضىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن