كلمات لن تتخيّلوا معانيها الأصلية... كيف تتغيّر دلالات الألفاظ ولماذا؟

5.4K 213 171
                                    

تتميز اللغة العربية عن غيرها من اللغات بثراء مفرداتها وغزارة تعابيرها. ففي الوقت الذي تتكون فيه اللغة الروسية من 130 ألف كلمة، والفرنسية من 150 ألف كلمة، وتراوح الإنجليزية بين 400 و600 ألف مفردة على الأكثر، تتخطى العربية حاجز 12 مليون كلمة.

في الوقت نفسه، تفخر لغة الضاد بتعدد معاني كل مفردة واحتمالها للكثير من التفاسير. إلا أن ما نجهله أن استخدامنا بعض لألفاظ، يأتي مغايراً لمعانيها الأصلية. فكم من مفردات تحمل معاني إيجابية، نعدها سباً، وبالعكس.

إن التفكير الإنساني دائماً معرّض للتغير والتحول، والحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، التي بنيت على التفكير الإنساني، تتأثر بهذا التغير. وبما أن الألفاظ هي التي تعبّر عن هذا التفكير، فلا بدّ لها من الخضوع للتطور والتغير.

وبيّنت الدراسة أن الألفاظ أشبه شيء بكائن حيّ، تنمو بنموّ الحياة الاجتماعية وتتحرّك بتحرّكها، والمعاني التي هي علاقة متبادلة بين اللفظ والمدلول تنمو، طبعاً، بنموّ الألفاظ وتغيرها.

تأسيساً على ذلك، تحيا ألفاظٌ وتموت أخرى، وتتبدل مفاهيم بعض الألفاظ بمفاهيم أخرى، لأن الحياة الإنسانية تحتاج في حقبة من الزمن لفظاً مع مدلوله الخاصن وتحتاج في حقبة أخری مدلولاً آخر. فلا بدّ من تطوّر دلالة الألفاظ لهذه الحاجة الإنسانية، وإذا لم تتطوّر اللغة، فعوامل الفناء تتغلّب عليها.

وقسمت الدراسة أشكال تطور دلالات ومعاني الألفاظ إلى تعميم الدلالة، تخصيص الدلالة، انحطاط الدلالة، رقي الدلالة، انتقال الدلالة، أي التطور إلى المعاني المضادّة والمشترك اللفظي.

وتوضح الدراسة نفسها أنه ينجم عن استعمال اللغة وتداولها، أن تضاف دلالات جديدة إلى ألفاظ قديمة، نتيجة سوء الفهم مثلاً، أو أن تبلى ألفاظ أخرى فيصيبها بعض التغير في الصورة، يجعلها تشابه ألفاظاً أخرى، فتدخل معها في دلالتها، وتختلط الدلالتان.

هناك الكثير من المفردات التي نستخدمها في حياتنا اليوم تحمل معاني صادمة ومغايرة ومضادة.

وإليكم بعضها.

الخول: هم "العبيد"، وذكرت اللفظة بحديث شريف، واقترنت بالنظرة الدونية للعبيد فتحول معناها مع الوقت إلى الشخص الذي يسيّره الآخرون ولا شخصية له.

بهلول: بمعنى الرجل الكريم العظيم الصفات، تحولت إلى معنى "عبيط" أو درويش، وربما ارتبط هذا التحول باعتبار الدراويش أو المجاذيب قديماً من أولياء الله الصالحين.

مرة ونسوان: من الكلمات الفصيحة التي تعادل لفظة امرأة، وتحولت مع الوقت لمعنى سلبي يحمل شتيمة.

بلطجي: مشتقة من حاملي البلطة، وكانوا يسيرون في مقدمة الجيوش يمهدون الطريق للجنود من الحشائش والأحراش، وتحولت للدلالة إلى المجرمين أو المعتدين على الناس بغير حق.

كعب: هي في اللغة لفظة تدل على الرفعة والعلو، تحولت لمعنى مؤخرة الحذاء أو القدم.

الاحتيال: بمعنى الحركة وتحولت للنصب والتحايل على الأشخاص.

الحاجب: كان من الوظائف المهمة وخصوصاً في العصر العباسي، وأصبحت الكلمة الآن تطلق على البواب أو حاجب المحكمة، ومثلها الكاتب أصبحت مهنة وضيعة الشأن، بعد أن كان صاحبها الأقرب للوالي أو السلطان، وهذا بتأثير تغير الظروف الاجتماعية.

شاطر: كان العرب يطلقونها على اللصوص، وخصوصاً القراصنة وقطاع الطرق، وتعني الرجل الخبيث الماكر، وأصبحت تستخدم في كثير من البلدان العربية بمعنى الذكي الناجح، وحافظت أخرى على المعنى الأصلي لها منها تونس.

اللحن: وتعني الخطأ أو النشاز في الكلام، وأصبحت تطلق على عذب الأنغام والموسيقى.

المرح: تعني مجاوزة الحد والطغيان وتحولت لمعنى الفرح والترفيه.

اتقى: أي حمى النفس، وبمرور الوقت ارتبطت التقوى بالإيمان والبعد عن المعاصي.

التعاطي: يعني التناول وأصبح مرتبطاً بتناول المخدرات فقط.

السفرة: معناها ما يحمله المسافر من الزاد، وأصبحت مقتصرة على ما يوضع على المائدة من طيب الطعام.

السبت: الدهر أو الزمان، تحول ليوم من أيام الأسبوع.

الشيخ: الرجل المسن، اقتصرت على علماء الدين.

الفسق: وتعني الخروج، وبفعل تأثير العوامل الدينية، تحولت لمعنى الخروج عن الدين وتعاليمه، كذلك الكفر.

في المقابل، تحولت كلمات كثيرة من المعنى الخاص للعام، فالبأس يعني الحرب أصبح يطلق على كل شدة، والورد يطلق على كل الزهور.

كلمات عربية شبه منقرضةWhere stories live. Discover now