الجبن والجبناء وما جاء عنهم

750 77 19
                                    

قد استعاذ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجبن، فقال:
«اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال» . نعوذ بالله مما استعاذ منه سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويكفيك أن يقال في وصف الجبان، إن أحس بعصفور طار فؤاده، وإن طنت بعوضة طال سهاده، يفزع من صرير الباب، ويفلق من طنين الذباب، إن نظر إليه شزرا أغمي عليه شهرا يحسب خفوق الرياح قعقعة الرماح قال الشاعر:
إذا صوّت العصفور طار فؤاده ... وليث حديد الناب عند الثرائد.

حكي أن جارا لأبي حنيفة النميري قال: كان لأبي حنيفة سيف ليس بينه وبين العصا فرق، وكان يسميه لعاب المنية فأشرفت عليه ذات ليلة وقد انتضاه بمعنى أخرجه من غمدِه وهو واقف على باب بيته، وقد سمع حسا في داره، وهو يقول: أيها المغتر بنا المجترىء علينا، بئس والله ما اخترت لنفسك خير قليل، وسيف صقيل، وهو لعاب المنية الذي سمعت به. أخرج بالعفو عنك قبل أن أدخل بالعقوبة عليك، ثم فتح الباب على وجل "خوف" فإذا بكلب قد خرج، فقال: الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفانا حربا.

وخرج المعتصم يوما إلى بعض متصيداته، فظهر له أسد، فقال لرجل من أصحابه أعجبه قوامه وسلاحه وتمام خلقه. أفيك خير يا رجل؟ قال: لا، فضحك المعتصم، وقال: قبّح الله الجبان.

وكان حسان بن ثابت رضي الله عنه من الجبناء، روي عن ابن الزبير أنه قال: كان حسان في قاع أطم "حصن مبني بحجارة" مع النساء يوم الخندق، فأتاهم في ذلك اليوم يهودي يطوف بالحصن، فقالت صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها:
يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطوف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عوراتنا من وراءه من اليهود، فانزل إليه فاقتله. فقال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب، لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قال:
فاعتجرت صفية اي ربطت خمارا على رأسها، ثم أخذت عمودا ونزلت من الحصن، فضربته بالعمود حتى قتلته، ورجعت إلى الحصن، فقالت: يا حسان قم إليه فاسلبه، فإنه ما منعني من سلبه إلا أنه رجل، فقال: ما لي بسلبه من حاجة.

شهد أبو دلامة حربًا مع روح بن حاتم فقال له‏:‏ تقدّم فقاتل‏.‏ فقال‏:‏

إني أعوذ بروح أن يقدّمـنـي *** إلى القتال فتخزى بي بنو أسد
إن المهلب حبّ الموت ورّثكـم *** ولم أورّث حبّ الموت عن أحد

"‏قيل لأعرابي‏:‏ ألا تغزو فإن اللّه قد أنذرك‏.‏ قال‏:‏ واللّه إني لأبغض الموت على فراشي فكيف أمضي إليه ركضًا‏"


كلمات عربية شبه منقرضةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن