《٢》:|أميرة الرَّوث|

1.7K 272 164
                                    

صباح اليوم التالي، حاولت التقرب إلى بعض الزميلات خلال فترة الاستراحة، فانتهى بي الأمر -بفضل تجاهلهم- معلقةً رأساً على عقب جوار الطابق الثاني، مجدداً... وبلا جاذبية¡

«من أنا، ولماذا لفظت إلى كبد الحياة؟»

اقتبست السؤال من إحدى الأعمال الدرامية التي أُتابعها، فكما تعلمون، الخلوة رحمٌ خصب للأفكار، ويصبح الوضع خطيراً إذا ما امتزجت بالكآبة؛ وبما أنا الانتحار في حالتي ليس خياراً كون ديني يحرمه؛ لم يبق لي من زادٍ سوى الأفكار الوجودية:

«قال أينشتاين في أحد اقتباساته أنّ الإله لا يلعب بالنرد؛ لذا بالتأكيد وُلدت لسببٍ خفي، وعلي أن أكتشفه»

شجّعت نفسى علّ مؤشر المعنويات يرتفع قليلاً، فلمحت بالصدفة نافذة غرفة الفنّ أين ستعقد حصتنا التالية مفتوحةً جواري، ليعانق ناظراي داخلها لوحة ذكرتني بفيلم شاهدته مؤخراً تحت عنوان: «الفن رسالة»؛ فقادتني دفة التفكير إلى افتراضٍ مفادة: ربما إن اكتشفت موهبتي كالبطل؛ سأعثر على رسالتي في الحياة، وهكذا ما إن انتهت استراحة الغداء حتى سارعت بالدخول إلى الغرفة قبل بقية الطلاب مُفتشةً عن ورقةٍ نقية كآمالي وألوانٍ تصبغها بالواقعية:

«فقط انتظر أيّها العالم، بيكاسو جديد على وشك أن يولد»

رسمت في الزاوية بشغف يفوق لمعة الحماس في عيناي، لكن، ولسببٍ ما، حصلت في النهاية على طلاسم فضائيةٍ مجهولة¡

«مهلاً، بما أن ظاهرةً كونية غريبة كانعدام الجاذبية تحدث معي، أيعقل أن تكون هذه الرّسمة علامةً على غزوٍ فضائي قريب؟»

ويا له من هراء كورّته ثم قذفت به خارج الشُّباك حيث صديقتي الشجرة، لأستند بذراعاي على حافته مُجالسةً الأفراخ الصغيرة قليلاً ريثما تعود والدتها، وهنا فكرت:

«لماذا لا أجرّب شيئاً كالطبخ؟»

توجهت مع زميلاتي في الحصة الخامسة إلى غرفة التدبير المنزلي، وبدل صنع وجبةٍ حقيقية كما تعلمنا، تسببت في حريقٍ وحُظرت من استخدام الموقد للأسف!

السائِرة على السحابWhere stories live. Discover now