جوازة نت الحلقة 13 بقلمي/ منى لطفي

28.2K 553 9
                                    

الحلقة الثالثة عشر:

نظرت منة الى ابنتيها الغارقتين في النوم على المقعد الخلفي للسيارة، رنت بطرف عينها الى سيف الذي كان يتطلع الى الطريق بنظرة جامده وجبين معقود،وقد اعتلت سيمات التجهّم والقلق وجهه....، كتمت تنهيدة عميقة وأسندت رأسها الى زجاج النافذة بجوارها وقد شردت في احداث السويعات الاخيرة منذ تلقي سيف نبأ سقوط والده فريسة المرض وعودتهما سريعا الى والديْها واللذان ما إن علما بما حدث لوالده حتى أصرّا على ان تسبقهما منة مع زوجها وأن يبلغوهما بالأخبار أولا بأول، على أن يلحقوا بهم ما ان تستقر حالته الصحية، فكما اخبرهم سيف الزيارة ممنوعة تماما بأمر الطبيب المعالج.....، تذكرت منة كلمات والدها الاخيرة لها حين انفرد بها قبيل مغادرتها مع سيف، حيث ربّت على كتفها ناصحا لها:

- منة حبيبتي، انسي دلوقتي أي خلاف أو زعل بينك وبين جوزك، لازم تكوني معاه في وقت زيّ دا، أهله ناس كويسين وماشوفناش منهم أي حاجه وحشة لا سمح الله، وحماكي الحاج عبدالهادي بيحبك وبيعتبرك بنته الخامسة، لازم يشوفوكي معاه، أنا متأكد ان وجودك جنبه في الظروف دي هيسرّع من شفاء عمك بإذن الله، لأنك على ما حكيتيلي سبب اللي حصله انه عرف باللي ابنه عمله، يبقى وجودك معاه هيفرق مع الحاج عبدالهادي كتير...

أومأت منة برأسها موافقة وقالت بهدوء:

- اطمن يا بابا، بنتك هتتصرف زي ما ربيتها بالظبط، انا بنت ناس يا بابا وعارفة ان بنات الناس في محنة زي دي لازم يسدّوا فيها، واي خلافات أو مشاكل تتأجل لبعدين!!...

عادت منة من شرودها على صوت استيقاظ ابنتيها اللتان تساءلتا عن موعد وصولهما فأجابت بابتسامة صغيرة:

- قرّبنا حبايبي خلاص، ......خدوا اشربوا العصير دا وكلوا الساندوتشات اللي عملتها تيته، اكيد انتو جعانين دلوقتي...

فتحت الحقيبة البلاستيكية التى بحوزتها وناولت ابنتيها علبتي عصير وبعض الشطائر الخفيفة والتي سبقت أن أعدتها أمها لها، ألقت بنظرة خاطفة الى سيف ثم مدّت يدها اليه بشطيرة وعلبة عصير، نظر اليها بلمحة سريعة ثم أعاد انتباهه الى الطريق قائلا بجمود:

- ماليش نفس يا منة، كُلي إنتي والبنات...

لم تستطع منة التزام الصمت وأصرت عليه قائلة:

- ماينفعش يا سيف، انت من امتى ما اكلتش؟، لازم تاكل علشان تعرف تقف على رجليك وتصلب طولك، والدتك واخواتك محتاجين لك، ووالدك اكيد محتاجك جنبه دلوقتي..

رماها بنظرة سريعة قبل ان يتساءل بهدوء:

- وانتي يا منة؟، تطلعت اليه بحيرة فتابع:

- محتاجالي؟!...، لم تُحِر منة جواباً ففضلت الصمت، في حين زفر سيف زفرة عميقة ثم مد يده اليها متناولا الشطيرة ليقضمها فيما فتحت له علبة العصير ليحتسيها، أشار اليها برأسه مغيِّراً سير الحديث:

جوازة.. نِت!!..  رواية طويلة بقلمي/ منى لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن