الفصل التاسع: السجن المخملي

18.5K 587 7
                                    

مر شهران منذ ان تركها كريس تتجرع مرارة اكتشافها للسبب الحقيقي وراء زواجه منها, لم يحبها يوما ولم يكن ليحبها الان, زفرت بقوة قبل ان تنهض من سريرها ببطء كان حملها قد اصبح في الشهر السادس ولم تعد لها حرية الحركة كما في السابق, الان كانت تجبر نفسها على النزول من غرفتها لتتجول في القصر الصامت صمت الاموات.
برحيل كريس وميلا الى نيويورك بقيت وحيدة في القصر الفارغ الا من حماتها والخدم
حتى نفار وزوجته كريستينا لم يعودا الى المنزل سوى لاسبوع, استشفت فيه من كلام نفار انه بعيد جدا عن افكار هذه العائلة المعقدة وانه لا يبحث عن الانتقام , كان هائما بحب زوجته لدرجة الجنون لا يكف عن تحقيق كل امنياتها, اسبوع بعد عودتهما من موسم الموضة في باريس قررت كريستينا انها تريد الذهاب في رحلة بحرية الى جزر الباهاماس فما كان من نافار الى تحقيق رغبة زوجته التي بدى انها مستمتعة بتبذير نقود زوجها بسخاء
تتذكر الكلمات التي قالتها لها كريستينا بعد تعرفهما مباشرة:
استفيدي بالقدر الذي تتمكنين منه من اموال هذه العائلة المجنونة وابتعدي عن العجوز الخبيثة فسمها مميت.
علقت كريستينا ايضا بكلمات عن فتاة اسمها جوليا, لكن جابي لم تكن مهتمة بالمرة بمعرفة أي شيء له علاقة بزوجها وعلاقاته النسائية كل ما تكنه له من مشاعر منذ الليلة التي اهانها فيها وعبر لها عن مدى احتقاره لها, سوى مشاعر الكره التي تكبر يوما بعد يوم
كريس منع كل شيء عنها من استخدام الهاتف الى الخروج من القصر ماعدا عن ذلك كانت تعامل باحترام كبير
حتى انابيل كانت تعاملها ببرود مدروس
اخدتها الى روما منذ شهر من اجل الفحوصات الروتينية , الطفل كان بخير رغم كل الحزن الذي تكابده والدته بعيدا عن عائلتها
يومها تملصت من حماتها باعجوبة لتبعث لاخيها رسالة تخبره فيها انها بخير وانه لا داعي لقلقه, لم تكن تريد ان تزيد من معاناته, كان يكفي ما تشعر به ولاتريد لشخص عزيز عليها كجونثان ان يقوم بعمل متهور.
نفضت عنها كل الافكار التي كانت تضرب راسها بعنف وهي تنهض بتتاقل, لم ترد ان تعتاد فكرة الجلوس من دون أي عمل, قررت ان تجد لنفسها شيئ يسليها ويبعدها عن كل الافكار السوداوية التي تغزو عقلها من دون رحمة.
اخيرا وجدت ضالتها في الاهتمام بحوض من الورود الحمراء المغروسة بعناية
كانت حديقة القصر شاسعة, اعتادت جابي على الابتعاد عن جو القصر الكئيب وسط اشجارها الباسقة علها تنسى انها ليست سوى سجينة اسواره.
فتحت باب غرفتها وعبرت الرواق بهدوء, كان القصر يسبح في الصمت المطبق ككل يوم, اجنحة الخدم كانت بعيدة نسبيا مما كان يحول دون أي اتصال مباشر معهم, حاولت ان تتقرب من ماجدا وان تجد لها مكانا قربها في المطبخ, لكن حماتها اصرت بشدة ان لا عمل لها بقرب الخدم وان تعليمات كريس كانت واضحة في هذا الموضوع
"
لا علاقة لزوجة ماسيني باي موظف بالقصر"
كان هذا الكريس يامر وينهي حتى وهو غير موجود, ومع انه رحل بيوم واحد بعد ان فجر مفاجئته في وجهها الا انها تحس بوجوده , كأن له يدا خفية داخل القصر تحرك كل شيء كرقعة شطرنج, مما اثار خوفا شديدا بداخلها .
وصلت اخيرا الى وجهتها, فتحت الباب الكبير وخرجت الى الشرفة الواسعة ومنها الى الحديقة نحو حوض ورودها المفضل , ذهبت بسرعة لاحضار معداتها من البيت الخشبي الصغير وضعت مريولها وبدات العمل ككل يوم
استمرت في العمل لما يناهز الساعة كانت الشمس قد توسطت كبد السماء حين احست انها لم تعد وحيدة, التفتت نحو الظل الذي حجب عنها اشعة الشمس, لم يكن سوى جوشوا ماسيني.
ابتسمت جابرييل بخجل وهي تقول
عذرا سيد ماسيني لم انتبه لوجودك
ابتسم جوشوا ابتسامة بشوشا الى جابرييل وهو يمد لها يده لتنهض
اظن ان اعتنائك بالورود يكفي لهذا اليوم
ردت جابي ابتسامته وهي تقول وانا اظن ذلك ايضا سيد ماسيني
لا داعي للرسميات بعد الان ناديني جوشوا
كانت هذه هي المرة الثانية التي تلتقي بها جوشوا ماسيني, كانت اول مرة في المكتب الذي اخدها اليه كريس لتوقع اوراق زواجهما هذه المرة كانت تتسلل الى المكتب للتتصل باخيها بعد ان منع عنها أي وسيلة للاتصال, لتفاجئ به في الغرفة جالسا على الكرسي وراء المكتب يتامل في صمت
كانت تحاول الخروج حين استوقفها صوته الهادئ
هل تبحثين عن شيء يا ابنتي
تلعثمت جابي غير قادرة على الرد بوضوح , لم يكن هناك سبب مقنع وراء تواجدها في مثل هذا الوقت الباكر
كانه استشف الغرض من وراء تواجدها او كانه كان يعرف بانها تبحث عن الهاتف في مثل هذا الوقت
اظن ان الوقت متاخر جدا على اتصالك بنيويورك بيننا 8 ساعات من الفرق
رسمت جابي ابتسامة باهتة على شفتيها قبل ان تتلفظ بكلمة شكر يتيمة لتهم بالخروج, لكنه استوقفها للمرة الثانية
انتي لم تساليني من اكون قال جوشوا باستغراب
في الحقيقة لا اعرف من انت سيدي ردت جابرييل بصدق
اما انا فبلا, انت ابنة كاترينا, لفظ جوشوا الاسم بلكنة ايطالية جميلة وسط استغراب جابرييل من معرفته باسم والدتها
انت هو الشخص الموجود في الصورة بجانب والدي
ابتسم وهو يقول
ادعى جوشوا ماسيني, انا عم كريس ويمكنك اعتباري والده
فانا زوج انابيلا ووالد نافار وميلا
ارتعدت جابرييل من الخوف, كونه عمه يعني انه يعرف كل شيء عن الانتقام وما اقترفه والدها في حقهم
انا اسفة سيدي قالت جابرييل بهمس
ولما الاسف رد جوشوا بهدوء
انا اعرف بكل شيء, اعرف ان والدي كان السبب في موت اخيك
ابتسم جوشوا ابتسامة لم تصل عينيه وهو يقول:
مر على موت اخي وقت طويل جدا يا ابنتي واظن ان الوقت كفيل بمداوات اسوء الجراح
لا اظن ذلك قالت جابي بحسرة وهي تستاذنه للخروج
لم تره بعدها في القصر المترامي الاطراف الا اليوم
كل وجبات جابرييل كانت ترسل الى غرفتها بامر كريس, كان قد جعل من حياتها في القصر سجنا حقيقيا , كانت بالفعل زوجة دون أي حقوق او امتيازات

زوجة دون امتيازاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن