الحلقة 55

21.7K 300 5
                                    


صباحا عندما تململت رشا في فراشها وجدت يدة تحاصر خصرها. لا تذكر انها نامت في غرفة نبيل. ماتذكره انهم عند وصولهم الى البيت أسرع كل منهم الى غرفته ليغير ثيابه، ولم يصر نبيل كثيرا على نومها في غرفته لأنه عزم على العمل قليلا.
لكنها الآن تجده نائما على فراشها محتضنا اياها ؟ متى أتى ؟
لمست وجهه بأناملها ليفتح عينيه.
" صباح النور "
احتضنها بقوة كأنه قد خسرها توا ثم قبّل رأسها . " من النهارده انسي انك تنامي بعيد عني، في حاجه نقصاني والفرش فاضي "
" انا هنا ماتخفش "
ابتعدت عنه ونهضت من فراشها ،
" غير هدومك و ححصلك تحت "
فهم التلميح وخرج متجها الى غرفته .
وعلى مائدة الفطور
" رشا، انا عايز اقلك اني رفدت سالي "
رفعت رأسها متعجبة " ليه؟"
"وليه لا؟ خلاص ، انا ماسمحشي لاي حد يأذيكي ولو بكلمه. "
آثرت الصمت لن تناقشه أكثر ، لذلك ابتسمت وقالت " في داهيه"
" بس لو جات الشركه وابتدى لسانها يهري ، فماتخديش فخاطرك "
" قصدك ايه؟"
" يعني جايز تتهمك بحاجات و تحاول تنكد عليكي. سيبيها تتكلم. "
لا تعرف ان كانت ستتحمل اهانة احدهم لكن " تمام"
" ولو جات جمبك بأي كلمه فورا تعلميني؟ فاهمه؟"
" حاضر "
كان عليه ان ينبهها ، لأنه يعرف معدن سالي ولن تترك رشا دون ان تسمعها ما يقلقها.
أكمل فطوره وانطلق نحو العمل . لتلحقه هي مع السائق.
-------------------------------------------
في الشركه، استدعى نبيل مساعديه ورؤساء الأقسام ليتم البحث في أمور المناقصة وشدد على السرية التامه لأن الوافي سيحاول معرفة التفاصيل بأي طريقة.
" مافيش داعي اعيد كلامي ، ولا كلمه بره، نحنا عايزين الصفقه دي ترسعلينا وبأي تمن "
" اطمن فندم. أساسا مافيش واحد قادر ينافس السعر اللي محددينو، "
" السعر ده ، معلومه خاصه، مش عايز حد بره الشركه يعرفو . نحنا حنخفض في السعر عشان نخليهم يختارونا"
" وكتير منافسين حيعملو كده ، حضرتك"
" بس حضرتك سعرنا منخفض اوي ، مافيش حد حينزل تحتو الا لو ناوي يكسر شركتو "
" عارف ده كويس، ماهو مش هيهتم بخسارة السيوله لو ربح المناقصه ، نحنا بنتكلم عن ملايين الدولارت"
انتهى الاجتماع ونبيل يشدد على أهمية السرية التامه. والا ستتكبد شركته خسارة ضخمة. توعّد الجميع بالكتمان وغادروا ليظل نبيل وحيدا في مكتبه
" غريبه، جميل الوافي مااتصلش ولا هدد بقالو كتير . ده هددني فصفقات اقل من دي " صمت قليلا وأخرج الظرف من الخزانة وطالعه " ناوي على ايه المرادي، والا السؤال ايه الوساخه اللي حتستعملها؟"
ثم عاد يدقق في الأوراق امامه.
-------------------------------------------
آدم مختفي منذ الصباح بعد أن أخبرها ان ايهاب قد طلب منه عملا في مكتبه. لذلك ظلت وحيدة في المكتب تهتم بالعقود أمامها ، حين سمعت صوت الكعب العالي . ان لم يكن آدم قد غير طريقة لبسه، فصاحبة الصوت سالي. فلا احد من الموظفين يأتي الى مكتبهم .
رفعت رأسها لتفاجئ بسالي وقد اكفهر وجهها وترمقها بنظرات لا تطمئن.
" رشا حبيبتي ، انتي هنا ؟"
" سالي ! ايوا وهكون فين يعني ؟"
" مش عارفه ، جايز في اجتماع مع مديرك"
"لا ايهاب بيه مش هنا وحد علمي مافيش اجتماعات النهارده"
" بطلي براءه بقى، كنت بتكلم عن مديرك ، نبيل بيه"
هل هذا ما حذرها منه نبيل؟ لكنها حافظت على رباطة جأشها وأجابتها " كمان مافيش اجتماعات"
" وانتي حتستني الاجتماع، ماتروحي اطيبي خاطرو شويه"
تغيّر منحى الحديث، ليتغيّر نسق دقات قلب رشا
" قصدك ايه؟"
" قصدي يعني، نبيل بيه عايز مين تدير بالها عليه وتخليه كده مريح و مبسوط "
" وانا داخلي ايه؟ جايه تقوليلي في الكلام ده ليه ؟"
" النيه صافيه والنبي ، عايزاكي تعرفي واجباتك "
" سالي لمي نفسك انتي بتستهبلي ؟ الزمي حدودك !"
" تؤ تؤ تؤ، ماتتوتريش كده ، مش عليا ! "
" سالي احترمي نفسك "
"زي ماقلتلك جايه اعرفك واجباتك . اذا فيوم كلمك نبيل بيه وقلك عايزك "
صدمتها كلماتها، مالذي تقصده ؟
" سالي ، انا ماسمحلكيش ، تطاولي عليا اكتر من كده وان كنت سكت فأنا باحترم ايام جمعتنا سوا. فماتستفزنيش "
صفقت بيديها " برافو والله، شويه كده وبصدق . بس مش عليا. عارفه انتي ايه ومين "
نظرت لها تنتظر ماتعرفه
" انتي اللي حتعوضيني في السرير "
لا تعرف رشا كيف تفوهت الأخرى بهذه الكلمات ، لتدخل في دوامة من ضيق التنفس والدموع التي ماانفكت تنسكب .
رمقتها سالي بتقزز " ان ماكنتيش اصلا ، عوضتيني "
خرج صوتها غير مسموع من شدة البكاء والأنفاس المتقطعة " حرام عليكي "
" اموت واعرف ازاي خلتيه يجيلك، اكيد تحت قناع الفضيله في واحده عارفه شغلها كويس عشان توقع نبيل حسين "
وضعت يديها تغطي أذنيها علّها تصدّ صوتها وكلماتها الجارحة وظلت تردد " حرام عليكي "
" خد مني اللي عايزو ورماني لما سلمتي نفسك ليه. " تقدمت بضع خطوات " بس ماتخفيش يا قطة ، لما يملّ ، حيرميكي ويدوّر على واحده تانيه"
" كفايه والنبي كفايه ، حرام عليكي ، انا مش كده "
" كده واكتر ، بتلعبي عالساكت ومافيش حد شك فيكي ، واتاري المايه تجري تحت رجلينا. "
" كفايه ، حرام عليكي ، انا عملتلك ايه ؟"
" ولسه عندك دم وتسأليني عملتي ايه؟ " ضربت على الطاولة امامها لتنتفض رشا من الخوف " اخدتي مني نبيل، "
تتابعت شهقات رشا و دموعها لتكمل سالي وهي تتجه الى الباب مغدرة المكتب
" ماتخفيش ، مصيرو المستور يتعرف وساعتها وريني ازاي حتوجهي الناس "
وتركتها وغادرت غير عابئة بالتهم التي كالتها في حقها. أو الحالة المأساووية التي كانت فيها رشا.
كلمة فقط ظلت ترددها " نبيل .. نبيل " أنفاسها المتلاحقة ونوبتها الهستيرية لن تهدأ الا بوجوده. لقد نبهها نبيل لم قد تفعله سالي ، لكنها لم توقع ان تتهمها بمصاحبته وتسليم نفسها اليه ، وتهم أخرى رفضص عقلها ان يستوعبها.
تحاملت على نفسها وأسرعت نحو المصعد، عليها ان تذهب اليه والا شيء رهيب سيحدث لها.
داخل المصعد كان جسدها ينتفض وهي تدغئ نفسها بذراعيها. تقنع نفسها ان لادعي للخوف ، دقائق فقط و ستكون عند نبيل.
ما ان توقف المصعد حتى انطلقت مسىعة نحو مكتبه، لم يهمها امر السكرينيرة التي وقفت تطالعها باستغراب ، أولا لمظهرها ، وثانيا لفتحها باب مكتب نبيل هكذا بدون اذنها أو شيء .
فتحت الباب سىريعا و بقوة لتركض نحوه، وما ان رآها حتى هبّ واقفا وفتح ذراعيه يتلقفها. ارتمت عنده كفتاة صغيرة تحتمي بأبيها . وتشبثت به تدفن رأسها في حضنه و تعيد نفس الكلام " خبيني عندك " ، كان يحس بانتفاضة جسدها داخل ذراعيه فيشدها أكثر ويطبطب على رأسها.
دخلت السكريتيرة معتذرة
" نبيل بيه، دي دخلت بسر..." ابتلعت باقي الجملة صدمتها عندما رأته يحتضنها وهي تتشبث به هكذا. أخرجها من شرودها صوت نبيل
" اطلعي بره "
فعلت كما طلب منها ولم تتجاوز صدمتها. أفعلا رأت مديرها يحتضن موظفته ؟ هل فعلا كان نبيل بيه يعانق رشا؟
اما في المكتب
"شششش، رشا بصيلي "
حركت رأسها نافية
" رشا ، خلاص ماتخفيش ، انا هنا، في ايه؟"
زادت من حدة بكائه كيف تخبره ان سالي قد اهانتها وأسمعتها كلاما خادشا وموجعا.
" سالي جت لعندك؟"
وعند ذكر اسمها ، تعالت شهقاتها، ففهم الأمر، عرف انها لن تتركها وشأنها وخاصة حين ظنت ان نبيل قد تخلى عنها من أجل رشا. لذلك نبهها. لكن لظاهر انها أكثرت من الكلام الموجع.
أبعدها عنه و أجبرها على النظر اليه
" رشا، بصيلي ، قلتلك ايه؟"
تواصلات دموعها" هانتني، قالت كلام كتير بيوجع. بتتهمني بحجات انا معملتهاش. انا مش ممكن ارخص نفسي لحد "
" عارف ، عارف، ماتهتميش بيها، ولا حاجه من اللي قالتها صح ! عارف انتي ايه"
" وهي كمان قلتلي انها عارفه انا ايه" و تعالت شهقاتها" قلتلي انك بتعوضها بيا . "
صرّ على آسنانه. على سالي ان تختفي على وجه الأرض. لا يستحق العيش من يؤذي حبيبته.
" بس يا حبيبتي . "
توقفت للحظات . هل قال حبيبتي توا ؟ نظرت نحوه تبحث عن عينيه . وكأنها تريد تأكيدا .
" نبيل انا مش زيها. كلامها كان بيوجع اوي، كلامها جرحنى كتيير"
قبّل جبهتها وهمس لها " طبعا انتي مش زيها انتي حبيبتي انا، روحي انا. "
" نبيل ، تعبت بجد "
" ششش وارتاحي عندي "
أخذها نحو الأريكة في مكتبه وتمدد وجعلها تستلقي بجانبه. ودّ لو اقتلع الحياة من جسد سالي. فمن يجرؤ على جرح قلبه.
ماهي الا دقائق حتى ارتاحت رشا وذهبت في نوم عميق. لحضنه هذا التأثير عليها.
-------------------------------------------
عندما تأكد من نومها. خرج من المكتب واتجه الى سكريتيرته .
" نبيل بيه، في حاجه"
" اللي شفتيه ده مش عايزه يتفسر بحاجه تانيه"
هل وصلت به الدناءة أن يسألها هذا؟ لقد رأتهما. صمتها أخرجه من عقله.
" رشا بتكون مراتي. مافيش داعي تبصيلي وكأنك شفتي مصيبه. "
" أنا.. أبدا .. "
" اتأكدي لو عايزه من كلامي ، وده مش معناتو اني ببرر نفسي ليكي. لا بالعكس."
" يا فندم انا.. "
" مش عايز كلمه من اللي شفتيه تتطلع بره. واظنك عارفاني كويس . بنشتغل من امتى مع بعض؟"
" من سنين حضرتك .."
" يعني عارفاني زي ماانا عارفك. حسك عينك كلمه تطلع بره. حتشوفي وشي التاني. وصدقيني مش حيعجبك."
وتركها وعاد الى مكتبه. وقبل ان يدخل التفت لها " مش عايز حد يجيني "
لا يحتمل ان تكلمت سكريتيرته كلاما عن زوجته. كل هذه المصائب جراء قرارها. لكنه يتفهمها . فقد أرادت ان تثبت ذاتها دون الاعتماد على أحد . وهذا مايصبره كي لا يصرخ في وجه الموظفين ان تلك المرأة ملكه.
خرجت السكريتيرة من صدمتها. لتسرع نحو ملف الموارد البشرية وتبحث عن رشا. لتصدم مما راته. ما قاله مديرها صحيح. انها زوجته. ولكن لم لم يعلم احد بالأمر. لا يهمها. طوال سنوات عملها ، كان بينها وبين مديرها احترام متبادل ولم يتجرأ يوم على اغضابها أو التطاول عليها. لذلك. ان قرر اخفاء زوجته عن الجميع. لا يهمها. هو حر في حياته.
" مين كان يتوقع انو رشا مرات نبيل بيه. ده اللي يشفهم يقول أغراب. اووف وانا مالي. هما أحرار. بس نيالها يا ستي، نبيل حسين جوزها. واحيييه كان حاضنها ازاي، زي ماتكون قطعة ألماس وخايفها اتضيع من ايديه. "
وانهمكت تتابع عملها.
لم تكن الوحيدة التي دخلت الى ملفات الموارد البشرية في الشركة. أراد هو أيضا ان يعرف من المحظوظ . وان كانت فعلا متزوجة. لكن عندما قرأ بياناتها صدم . ووقف يطالع الشاشة طويلا .قبل ان يطلق ضحكة عالية
" رشا حسين اسم الزوج ، نبيل حسين " عاد ينظر الى الشاشة. " يا ترى بيستحق تكون بنت رقيقه زيك مراتو؟ ده انتي كنتي بتشوفي سالي بتتصرف ازاي معاه و بتسمعيها تعاكس فيه" مرر يده على رأسه ونفخ مطولا " محظوظ أوي، محظوظ ان وحده زيك مراتو وجمبو. " ثم وقف متجها الى النافذة يطالع السيارات المسرعة " مالكشي فيها نصيب. خلاص. هي مرات مديرك. و القصه خلصت "
لم يرد لعقله ان يطرح أسئلة أخرى أو ان يهتم أكثر بأي شيء . فإن اهتم أكثر سيغرق أكثر. ولن يفعلها. أخلاقه لا تسمح له بأن ينظر الى زوجة أحدهم. مهما كثرت مساوؤه فهو يعرف حدوده جيدا.
" ربنا يهنيكي، " وابتسم يودّع حلما كان جميلا وأصبح محرما عليه. وشرد في ملكوت الله.
-------------------------------------------
لم تعرف الى متى ظلت هكذا، لكنها احست بيده تلامس وجنتها
" حبيبتي، "
فتحت عينيها لتنظر له جاثيا على ركبتيه يطالعها. ابتسمت برقة " اسفه "
" بطلي اعتذار ، ايه مابتمليش؟"
ضحكت برقة وحركت رآسها نافية. تعتذر عن اقتحام مكتبه و ازعاجه بضعفها.
" انبسطت انك جيتي، ازاي كنت حعدي يوم منغير ماشوفك"
وهاعو مجددا يثبت لها انه شخص يستحق الموت لأجله. لم يرد جعلها تحس بالخجل من ضعفها. معه فقط يصبح اظهار ضعفها قوة.
أليس هذا حبا؟ ان تعود طفلا خائفا امام من تحب، ان تسقط قنتاع القوة وتلجأ لأحضان حبيبك ؟ أن تتوقف عن التمثيل كي ترتاح بوجهك الحقيقي امام حبيبك؟
عدلت جلستها وعانقته. عانقته كأنها تعانقه للمرة الأخيرة بقوة وحنان، وكأنها تخاف انزلاقه من يدها ان تركته.
" مش حسيبك وحفضل جمبك . " مرة أخرى يطمئنها فحبيبته في لحظات ضعفتها تفقد ملكة التأكد وعليه ان يعيد لها يقينها انه لن يتركها لآخر نفس في حياته.
-------------------------------------------
" السعر استقر خلاص "
" ايه؟ ده عايز يخسر والا ايه؟ مش مهم ، آدم نحنا حندخل المناقصه بسعر كويس . بس هو لازم ينسجب"
" لازم نتحرك "
" بكره حنخلص كل حاجه. بكره حننفذ. بكره حنخلي نبيل حسين يعرف ايه معنى يلعب مع اللي مش قدو"
" ورشا ؟ "
" قلتلك بكره التنفيذ، لما تطلع من الشغل ، حيكون رمزي مستنيها. وحنشوف نبيل حيختار مين ، شغلو او مراتو "
ضحكا الاثنان، في انتظار حلول الغد. في الغد سوف ينفذ جميل الوافي وعيده. ويختطف رشا ليهدد نبيل كي ينسحب من المناقصة. أخيرا وجد نقطة ضعفه.
" بابا، و لو مانسحبش "
" نبعتلو مراتو مع فيديوهات جميله. "   

أكرهــــــــك - الكاتبه ميريام عريفهWhere stories live. Discover now