العشق أنفى للعشق 20-21-22

7.3K 69 6
                                    


  الجزء العشرين ...
:
:
:
:
:
"بين ضلوعي مقبره .."
:
:
:::::::
لقد مرت سنه منذ زواجها ..كانت مزدحمه بسنتها الدراسيه الاولى في قسم صعب كالفيزياء ..
وتغيرت حياتها جذريا ودمرت أحلاما وبنت احلاما ..
الا ان الوضع اصبح لا يطاق ..من ناحية كرامتها لأن قلبها لم يعد يأبه لأحد ابدا ..
:
:
:
وقد توصلت للقرار هذا وبات يكبر في عقلها منذ اربعة أشهر ..
راقبت ابيها اكبر اعمامها يحدث عمها من يليه مباشرة في السيطرة و تشابه العقول ..
رفعت عينيها للتلفاز الضخم الذي كان افخر الانواع أنذاك ..
كان الصوت مختوما الا انها قرأت شفتي الفنان بالاغنيه التي لها ذكريات كثيره في حياتها ..
قالوا ترى ..
:
:
قالوا ترى مالك أمل في قربها لو يوم
أبعد وجنب دربها وهذا هو المقسوم
قلت اتركوني واسكتوا خلوا العتب واللوم
قدني غرقت في بحرها ولا عاد يفيد العوم
قالوا تروا في حبها ويل وأسى وهموم
قلت إن قتلني حبها حسبي تقول مرحوم
قالوا لي أنسى ذكرها منت بها ملزوم
قلت ابشروا يا عاذلين بنسى لذيذ النوم
قالوا بتلقى غيرها واترك هواها اليوم
قلت العفو يا حاسدين ما أبدل قمر بنجوم
قالوا لي لغيرك حبها. قلت الجواب مفهوم
دام إنها متهنية شلون أصير محروم
بقضي الليالي انتظر صابر على المقسوم
متعلقٍ بطرف الأمل يمكن يجيني نوم .....
:
:
:
انهمرت دموعها وهي تراقب مكانا من المجلس حمل وجوده يوما ..
لقد نسي عمها و ابيها وجودها لشدة هدوئها وصمتها همست فجأه بما كاد ان يوقف قلبيهما ...
"يوبا ..أبي اتطلق ..."
:
:
لم تستوعب صفعة قويه حركتها من مكانها ...
وابيها ينفجر بها غضبا ..."وشو ...تتطلقين ...منهو انتي لاجل تحتسين بالطلاق ...نسب شيوخ ذا ماحسبنا يوصلنا تقولين بأتطلق ...والله ان هوجس بها خاطرتس ...هوجس ها...لأدفنتس حيه ..طول ما راسي يشم الهوا ماحدن متطلق منكم ابد ....تبين تلبسنا عارتس ياقليلة الحيا ..."
:
:
:
كانت عينيها قد تحجرت بدموعها محدقه بأبيها و جسدها يرتجف بلا هواده ..
هنا تدخل عمها ..."والله يابنت امتس كان طلقتس لا ازوجتس صبيي ابوتس مثل مازوج ابوتس عمتس صفيه صبيه ...تسمعين .....قليلة الحيا ...نسب شيوخ ذا .. تجيهم الحريم في المجالس عطيه عمرهم ماخطبوا ..ويوم خطبوتس ونفعتنا مره في دنيانا تقولين ابي اتطلق ...تموتين هاه ..تموتين يقتلتس يمريتس للكلاب ويحط فوقك ثلاث ولا تفتحين ثمتس سامعه ...أقهرهتس بالله جعلني اعزي بتس ...."
:
:
:
لم يكفيه هذا بل شدها من شعرها لتقف ...هددها ..."أنا وراتس ياحزينه ...ان شاء الله ليوم ربي ياخذ روحتس طلاق تحلمين بوه ..."
رماها بكل قوته على الارض ..ارتطمت بها متألمه ..
رفعت عينيها الكسيره لأبيها يرمقها بنظرات غاضبه ملتهبه ..
تكرههم للغايه ..تكرههم وتتمنى فنائهم لقد انهوا حياتها وحياة اخواتها وعمتها من قبلها ....
وكانت لعنة ابيها ان لا يخلف سوى فتيات حتى مع محاولات زواجه المتكرره كان لا يخلف ابدا وهي اخر من خلف ..
ويصب كل سخطه عليها ..
كانت لعنته في الدنيا بما يكره ...و لا يدري ان في خلفته للاناث الجنه ...
:
:
هي الوحيده من نجت من الزواج من ابناء عمومتها مع الخطبه الغريبه هذه..والزواج الملكي الذي كان اعمامها و ابيها يحلمون به ..
و اكمالها دراستها لم يكن سوى طلبه ..وتعلق ببشت من قبل جدتها رجت بها ابيها ..
:
:
:
لكن حياتها تدور وتعود لنفس البدايه تسلطهم المريض يكبلها حتى لو كانت في منزل زوج ..
:
:
:
مرت السنوات لتتأقلم مع حياتها ..فجهنم فياض ..ولا جنتهم ..
على الاقل هي حره الان ..لقد طلق ابيها امها ورزق اخيرا بالصبيه ..
تتواصل مع المجتمع بأريحيه ..بل هي من يعتمد عليها اخواتها وبناتهم في كل امور حياتهم التي تحتاج لمعجزة لتلبيتها ..
:
:
تبدل الزمن وتغيرت الافكار ولازال ابيها وعمها يمارسون تسلطهم الجاهل ..
قد تكون بنات اخواتها الاربعه فقط هن من اكملن دراستهن لكن تحت تشدد مخيف من اهلهم ..
الوحيده من نجت هي "رها " ابنة اختها راجيه التي سكنت جده بعد زفافها فأبتعدت قليلا عن كل هذا ..
:
:
:
تنهدت وهي تمسح دموعها اليوم متعب حقا ..وكل الفقد القديم يعود لها ..
عدلت من غطاء رأسها ..اليوم التعب يبين على وجهها لذا ستؤجل زيارة كادي ..التي كانت ربما تنويها اليوم ...
نزلت السلم وهي تعدل من حملها حقيبتها الثقيله ..
أخر من توقعت رؤيته اليوم هو هذا ..
مصدر مللها وسجنها وعذابها وكرهها ..
تكرهه للغايه ..
لاتطيق رؤيته او سؤاله او حديثه ..
المخيف ان هذا الفياض لا تخطو خطوة الا وقد علمها قبل الكل ..
مسيطر على امور حياتها بشكل مخيف ..
:
:
كان يهم بفتح باب غرفته رفع عينيه اليها تقف اعلى السلم ..
القى السلام عليها ببرود ومن ثم دخل غرفته ..
:
:
كانا معتادين على كل هذا ..دوما ما يأتي ويلبث معها مده اثناء دراستها ..
لكنها لاتعلم عنه أي شيء ..ولم تكن تعلم بأنها سيبقى في تورنتو طوال مدة حياته العمليه التي سيقررها ..




:::::
:
:

::::::::::
كانت سارحة طوال طريقها الى محطة الترام نهاية الشارع ..
اليوم الذكريات تحملها الى الماضي مصرة ..
:
:
:
دخلت اختها راجيه اجملهن الغرفه وكانت لازالت غارقه في حرقة بكاءها ...
تحسرت لمنظر اصغر اخواتها ..أحتضنتها تؤازرها ...انها اكبر منها واعلم منها ...وقد امتهنتها الحياة قبلها ....حاولت تهدئتها ..."ياعمري يا عذبى ترى مابوه أي ارتباط كامل ..أصبري ياوخيتي ..وش لنا الا الصبر ...ناظريني انا صح بعدت ورحت جده ...لكن ربي بلاني برجل مسخر لأومه و اومه عجوزن منكده الله وكيلتس ...لكن اقول الحمد لله وربي يخلي لي بناتي يعوضوني ان شاء الله ...ودامتس ظهرتي من هالسجن الحمد لله و فياض ولد شيخ ..مو بضايمتس ابد ..ويكفيتس انوه خلاتس تكملين دراستس ...."
:
:
:
لا يفهمها احدهم ...هي بالكاد تفهم مايحصل من رجل هجرها منذ ليلة زفافها ..
هو من يضعها في موقف تفكر فيه بحياة غير حياتها معه ...فتستغفر الله كثيرا ..
:
:
:
بدون ان تشعر وبمرور السنوات بنى فياض شخصيتها وصقلها ..فياض الذي لم تحتك به ابدا او تقترب منه او تلمس ولو حتى كفه ..
لم يراها يوما في غير لباس محتشم ..
فياض اخ او وصي بأسم زوج امام المجتمع ..
في الماضي كانت تتمنى لو تعرف لماذا يفعل هذا بها الا انها مؤخرا يئست ولم يعد يهمها ابدا ..
الا ان الذكرى القديمه تعود لها أقوى وهي من قطعت وعدا على نفسها ان لا تفكر بالغد ابدا ..
:
:
:
نزلت من الترام ..وقطعت الحديقه المركزيه للأتجاه الى معهدها ..
فهي تسكن في طرف تورنتو وهو بسيط وقديم واشبه لأن يكون ضاحيه مستقله ..
مبتعده عن كل صخب المدينه المتطورة ..
شددت على جيب معطفها ترجو الدفء ..
دخلت الى المبنى القديم الاثري الدافئ نسبيا ..
أتجهت الى غرفة درسها ..نزعت معطفها الازرق و رتبته بجانبها ..
كان معها في نفس الصف شاب عماني يقضي نصف الدرس يتأملها ..
هادئ للغايه بالكاد يكون له تفاعل ..
بل يجلس برزانه أخر الصف يتأمل الجمع ساكتا ..
التفتت لدخوله مستغربه فقد كان يرتدي زيه الوطني ..
فاليوم كما يبدو يوم عمان الوطني ..
:
:
انتبه الى نظراتها فأبتسم ..
رفعت عينيها عنه وهي تفرك اناملها ببعضها بخجل ..
تمنت لو انها تملك دبله فترتديها لتحميها ..
لا تنكر بأنه مهذب لكنه يضن بأنها بنت ...
في الواقع هي بنت ..
لكن ..
يا لسخرية وضعها ..
:
:
ثوبه الاسود ذكرها بأحدهم ..فهو يشاركه شيء ما ..لربما هو من اشباهه الاربعين كما يبدو ..
:
:
دخل البروفيسور الصف وبدأ بحديثه الممل عن قانون يستحمل الخطأ ..
لم تشعر بنفسها تسرح ناظره الى الفراغ ..وكانت عينيها تغرق بحزنها ..
ولا يحتاج احدهم لأن يعرفها لكي يشعر بهالة حزنها تحيطها ..
سد عنها الضوء ...رفعت عيينها اليه ...كان مبتسما ..."سلام عليكم اختي ...كيف حالش ؟؟"
:
:
اتسعت حدقتيها تراقبه صامته ...اكمل ..."البروفيسور قال انا و انتي نفس المجموعه ..نشتغل على القانون الثالث .."
:
:
:
فتحت فمها لترد الا انها تلعثمت ...لم تحدث رجلا عربيا من قبل غير فياض و ابيها ..و لربما ثلاب احيانا ...جمعت شتاتها ..."أوكي ...يصير خير ان شاء الله ....ايميلي مع المشرفه ..."
:
:
كانت ستهم بقول اسمها وهي تقف وتجمع اغراضها بين يديها بتوتر اكمل بأسمها ...."عذبى سيار ..."
:
:
سكتت للحظه ..."ايه ...حدد اللي علي و انا اسويه .."
:
:
هز راسه بالنفي ..."اول نبحث بالموضوع و يوم الثلاثاء نحدد ..."
:
:
اتجهت الى باب الصف ..."ان شاء الله .."
قالتها وهي تسرع بخطاها متجهه الى السلم ...وقد سد ذاك بحضورة الفتي الهواء عنها ...خرجت قاطعه المدخل الخاص بالمعهد ومن بعده الحديقه التي قد اكتضت بالمتنزهين ...
:
:
شعرت بالهواء يأبى الدخول الى صدرها وقد غرقت عينها بدموعها تعميها ..
جلست في مكانها ..
مسحت دموعها بأطراف اناملها ..خذت نفسا صعبها وهي تفتح سحاب معطفها ..لتسمح لعنف اختلاج صدرها بالراحه ..
اتكأت على جذع الشجره البارد الرطب خلفها ..
محاولة تهدئة روع نفسها ..حالات الهلع القديمه بدأت تنتابها كثيرا مؤخرا ..
لربما لانها قضت وقتا طويلا لوحدها فوجودها بالقرب من امها و اخواتها من سكاكا يخفف عنها كثيرا ....
:
:
:
لا طاقه لها بحظور فترة الدرس الثانيه ..
سيكون اول غياب لها ..
فليكن انها مرهقه ..
:
:
:
:
لقد تطورت حالتها كثيرا ..
للتو اغلقت من اتصال مطول مع عمتها سلطانه التي هدها الشوق لها ..
تركتها الاخصائيه تنهي شوطا من المشي حول المكان معتمده على نفسها وعلى القضبان الجداريه المثبته حول المكان ..
:
:
كانت خطواتها صعبة ومؤلمه ..
الا انها توقفت للحظه متأمله وقوفها في مرآه مقابله ترى نفسها واقفه للمره الاولى بعد كل تلك السنوات ..
دمعت عينيها تراقب طولها ..
يا الله ..
لم اتوقع يوما في أنني سأقف مجددا ..
كم هذا شعور جميل ..بعد الملل من طول الجلوس تقف لا اراديا ..
عندما احتجت هذا في ما مضى كنت اكبت كل هذا واستمر بالحمد ..فعلى الاقل لازلت احتفظ بساقي..
و اليوم حمدي اجدى ..و عوضني الله وقوفي..
:
:
فتح الباب ..ولم تتوقع الداخله خلف جاملا ..
توقفت تلك للحظه متفاجأه ومن ثم اسرعت خطاها نحوها ..
فتحت ذراعيها ..وقد بكيت بدون قصد ..."ياعمري ...يابعد روحي ..."
:
:
احتضنتها ولازالت تتمسك في القضيب الحديدي..كانت رغم انحناءها اطول منها ..
ابتعدت تلك عنها ولازالت ممكسه يدها ...."ياروحي انا يابعد عمري ...الحمد لله ياعمري الحمد لله على سلامتس ربي يسعتس لا يبيلتس صورة مستعجله نرسلها لسلطانه ...."
:
:
نهتها مبتسمه ..."لا ياويلك ياعذبى ..."
:
:
فتح الباب ..رفعت كادي عينها للطويل الاعرج ..غيابه اسبوعان غير منه الكثير لقد زاد وزنه ..وقد شذب شعره ..وخفف لحيته وخفت الهالات السوداء تحت عينيه ..
:
:
التصاق السكراب الازرق النيلي بصدره وعرض منكبيه زاده وسامة ..
وقد ارتدى سترة شتويه رياضيه باللون الرمادي والابيض ..
:
:
وقفاز يغطي فقط باطن كفه وظاهرها ليحيمه من شدة الاحتكاك بعكازة السوداء ..
:
:
تجاهل من تعطيه ظهرها وهو يبتسم بعمليه لمريضته ,,فبانت انيابه البيضاء ..و رسمة اسنانه المتقنه ..
تأملت ابتسامته فقد زاد جماله اضعافا في مدة غيابه ..
ورجولته قد ملئت المكان ..
سألها بصوته المميز ...وهو ينظر للملف في يده "السلام عليكم ...كيفتس هالاسبوع ياكادي ..."
:
:
:
ذابت قدميها لصوته ..
كانت قد فتحت طرحتها الرماديه وقد ترتكتها على رأسها تعدل شعرها تحتها ..
:
:
ارتعد قلبها وهوى الى حيث لا نبض ..ارتجفت كفيها ..اغمضت عينيها تمنع دموعها ..
قوه عجيبه تخنعها ان لا تلتفت للداخل ..كل امل السنين والنسيان تزاحم يمنعها ..
فلتفت من اخر التوقعات ان يكون هو ..
:
:
عضت على شفتيها ومن ثم التفتت ..
كانت نظراته معلقه بالاخصائيه التي تشرح له التطورات في الملف ..
اصابته رجفه والتفت مسرعا لصاحبه المعطف الازرق ..
:
:
راقبت جانب محياه وهو يدقق في الملف في يده ..صمت غزى حواسها وصخب نبضات قلبها المتباعده تنخر سمعها ..
لم يكن ..
:
:
:
:
سوى هو ..همست متردده وقد التفت لتوه معلق حدقته بشيء من دمع بها ..كان يحتضنها بنظراته ..
:
:
اخر من توقع ان يراها بعد كل تلك السنوات ونكث العهود كانت هي ..
الجميله القديمه ..التي لم تزدها السنوات سوى نضوجا وفتنه ..
:
:
وكأنها تعلمت النطق لتوها ..."كـ...كا...."
لم تستطيع اكمال قولها وقد فقدت السيطره على نفسها وذابت قدميها فقدت وعيها قبل ان تصل الى الارض ...
:
:
ترك عكازه وبسرعه كان اقرب لها من الارض البارده ..
لم يعي لنفسه وهو ينادي اسمها بغير تصديق ...
"عذبى ....عذابي....."اعتاد ان يدللها بهذا الاسم ...
:
:
كانت تراقب المنظر بحدقتين غير مصدقه وقد ذابت رجليها هي ايضا فجلست في مكانها ...
.
.
كانت تستلقي في حضنه ..و كأنها نائمه..وقد خلى محياها من أي شعور ..
ازاح شعرها عن جبينها ..وهو يغلل انامله فيه ..احتضنها وهو يقبل خدها ..هامسا بعدم تصديق .."ياعمري ...ياعمري ....يابعد حيي وروحي ..."
:
:
لقد نسي كل السنين ..لقد نسي كل الفقد ..ونسي الآلم والبعد ما أن رأها ...
:
:
تذكر من تكون وهو يتنفسها ..
ابتعد عنها هلعا متناولا عكازه من الممرضه خلفه ...
وضع كفه المرتجف على جبينه و بدون ان يتحدث وعكس ما دخل خرج يقاوم دموعه ..
يقاوم كسرته وحنينه ..
بعد كل الحرب القديمه مع قلبه ..
عادت ..
:
:
:
ان سمحت له بالعودة مره واحده فقط لن يغادرك ابدا ..
و ان ضعفت له سيتخذك عبدا ..
و ان هزمته ..لن تهزمه فردا ..
تحتاج لمن يؤازرك ..ولصدر تلجأ اليه ..وحب تقتات منه..
:
:
انه الماضي ومن غيره ..
:
:
:







نبذه عن ...
الجزء الواحد والعشرون ..
:
:
:
"من سمح لك ان تعود ..."

:
:
:
شعر برئته تحترق وهو يستند على باب غرفة الاطباء ..مسح بطرف باطن كفه المرتجفه شفتيه ...تأمل مابيده ومن ثم اعاد كرته ..
وقد لوث نفسه بدمائه ..
اتجه الى الحمام ينظف نفسه ..لقد عاد اليه ألمه القديم ..
سعل وهو يتند بكلا يديه على طرفي المغسله البارده..
فتلوث سير المياه بخيوط حمراء ..
غسل وجهه وشعره ونزع تشيرت السكراب الملوث ومن ثم اعاد سترته و احكم اغلاقها ..
لوث حتى قفازه بدون قصد ..نظر الى وجهه المبلل كانت شفتيه لازالت حمراء وبين اسنانه توزع دمه ..
اعاد تنظيف فمه من الطعم المعدني الكريه ..
رئته الجديده عنيده للغايه ..
نظر الى المرآه مطولا ..لقد تمنى ان يكسر يديه ..
كانت اول مره يلمس فيها انثى بهذه الطريقه ..وهو من عرف عنه في وسطه انه لا يصافح النساء حتى ..
الا ان قلبه وشوقه من سيره تلك اللحظه ..
التمعت حدقيته منذره عودة قهره القديم لقد كانت حياته صعبه و مؤلمه و مجحفه وغير مريحه ..
الا ان فقط هي من ابكته ..وجودها يعني وجود ذاك ...و ماصلتها بمريضتي ...
وبعد 11 سنه اراها وليتني لم ارها ..لقد اعادت نزف الطعون في قلبي ..
وقد تضاعف جمالها ..وتضاعف الالم والحسرة معه ..
تلك الحسرة والعجز والنقصان القديم ...
:
:
لقد جرحتني ..رمتني خلفها ما ان اتى من يفوقني منصبا ومالا واسما و نسبا ..
النسب علتي القديمه ..
وهو كيف فعل هذا بي ...كيف غدر بي ...لا اسامحهما ليوم الدين ..
لماذا فقدت وعيها اهو خوف من ان اعود الى حياتها واهدد وجودها مع ذاك ...
لطالما عرفت من أول مره نبض قلبي لها بأني سأخسر ...
كايد انت قوي لقد تجاوزت السرطان بأمكانك تجازها ...
لا انا كاذب وحيد ...لن اتجاوزها الا بموتي ...
الحب الاحمق الذي دمر جسدي قبل قلبي لن اسمح له ان يعود ابدا ..
و تبا لها و له ...من غدرا بي و اختارا رضا المجتمع ..
لطالما اوهماني بأننا سواسيه ...
:
:
:
:
:

الا انني لازلت صبيا ..
ابن صبي..
حكم عليه منذ مولده الا يمارس سوى الخدمه ..لشاكلتهم ..


:
:

و تجرأت اليوم لألمس اميره مبجله منهم ...فلسحق جهنم ياقلبي ..
:
:
:
:
الجزء الواحد والعشرون ..
:
:
:
"من سمح لك ان تعود ..."

:
:
:
شعر برئته تحترق وهو يستند على باب غرفة الاطباء ..مسح بطرف باطن كفه المرتجفه شفتيه ...تأمل مابيده ومن ثم اعاد كرته ..
وقد لوث نفسه بدمائه ..
اتجه الى الحمام ينظف نفسه ..لقد عاد اليه ألمه القديم ..
سعل وهو يتند بكلا يديه على طرفي المغسله البارده..
فتلوث سير المياد بخيوط حمراء ..
غسل وجهه وشعره ونزع تشيرت السكراب الملوث ومن ثم اعاد سترته و احكم اغلاقها ..
لوث حتى قفازه بدون قصد ..نظر الى وجهه المبلل كانت شفتيه لازالت حمراء وبين اسنانه توزع دمه ..
اعاد تنظيف فمه من الطعم المعدني الكريه ..
رئته الجديده عنيده للغايه ..
نظر الى المرآه مطولا ..لقد تمنى ان يكسر يديه ..
كانت اول مره يلمس فيها انثى بهذه الطريقه ..وهو من عرف عنه في وسطه انه لا يصافح النساء حتى ..
الا ان قلبه وشوقه من سيره تلك اللحظه ..
التمعت حدقيته منذره عودة قهره القديم لقد كانت حياته صعبه و مؤلمه و مجحفه وغير مريحه ..
الا ان فقط هي من ابكته ..وجودها يعني وجود ذاك ...و ماصلتها بمريضتي ...
وبعد 11 سنه اراها وليتني لم ارها ..لقد اعادت نزف الطعون في قلبي ..
وقد تضاعف جمالها ..وتضاعف الالم والحسرة معه ..
تلك الحسرة والعجز والنقصان القديم ...
:
:
لقد جرحتني ..رمتني خلفها ما ان اتى من يفوقني منصبا ومالا واسما و نسبا ..
النسب علتي القديمه ..
وهو كيف فعل هذا بي ...كيف غدر بي ...لا اسامحهما ليوم الدين ..
لماذا فقدت وعيها اهو خوف من ان اعود الى حياتها واهدد وجودها مع ذاك ...
لطالما عرفت من أول مره نبض قلبي لها بأني سأخسر ...
كايد انت قوي لقد تجاوزت السرطان بأمكانك تجازها ...
لا انا كاذب وحيد ...لن اتجاوزها الا بموتي ...
الحب الاحمق الذي دمر جسدي قبل قلبي لن اسمح له ان يعود ابدا ..
و تبا لها و له ...من غدرا بي و اختارا رضا المجتمع ..
لطالما اوهماني بأننا سواسيه ...
الا انني لازلت صبيا ..ابن صبي..حكم عليه منذ مولده الا يمارس سوى الخدمه ..
:
:
:
:
:
:
:
بعد محاولات بسيطه افاقت تلك ..كانت نظراتها مخطوفه ولم تنطق بكلمة واحده ..
وكأن لا يحيطها سوى الفراغ متجاهله سؤال كادي وجاملا الملح لمعرفه كيف حالها ..
اعادت ترتيب حجابها و وهي تحمل حقيبتها وما انتثر منها ...
كانت تهمهم لنفسها بأقوال غير مفهومه ..
وقفت متعثره ..الا انها سندت طولها اخيرا وقد خلى وجهها من أي ردة فعل سوى التوهان الغير مبرر..
:
:
لم تكن يوما في هكذا موقف غريب ومحاط بالغموض ..راقبت خروج عذبى المتخبط من المكان أمرت جاملا بأدب أن تذهب معها اليوم الى المنزل ..
كيف ستعود وهذه حالتها ..
و ما علاقتها بهذا الكايد الغريب ..منذ أن رأيت صورته عرفت بأنه يخبئ سرا كبيرا ..
:
:
:
تجاهلت سير جاملا بجانبها وهي تقطع المسافه سارحه بقلب مرتجف..
لقد توفي ..لقد مات ..لقد دفنته في قلبي منذ يوم دخولي منزل فياض ..
كيف سمح لنفسه بالعوده ..
وطبيب ..
هنا في تورنتو طوال هذه السنوات كنا في نفس المكان ..
سارت كالأموات متخذه الطريق مشيا متجاهله سكة الترام فعقلها قد توقف لتبدي أي فعل مع ما حولها ..
:
:
:
وصلت الى باب منزلها توقفت للحظه ..
سقط المفتاح من يدها المرتجفه التقطته جاملا لتفتح الباب ..
قابلها ذاك وعلى وجهه ملامح لاتفسر وهو يرتدي معطفه بسرعه ..
نظر الى وجهها ...لم يرها يوما هكذا ..
سألها مستعجلا ...."اشنوحتس ...؟؟بلاه وجهتس....؟؟"
:
:
تجاهلته وهي تصعد السلم متكئه على جدره ..
لم يحاول ان يسأل اكثر وهو يخرج الى ما اتى اليه ...
وفاته كانت غلط ..
لازال عائشا ..
صديقي من نقل وفاته الى قبل سنوات كان قد وجد صعوبه في فهم لكنه جاره الارلندي ...
لم يمت ..
اليوم استعلمت وكان هناك رقما كنديا بأسمه ...
:
:
:
ادار محرك سيارته ...
هز رجله بملل وتوتر ينتظرها أن تسخن ..
ما ان أحس بجهوزيتها حتى انطلق مسرعا يشق صوتها صمت شتاء الحي الهادئ ..
:
:
:
:
::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::
راقبت ابنها وثاني خلفتها يقبل اخيه الاصغر بعنف ...
نهرته ..."ياوليدي لا تعطلوه تحبحب فيه ...عيب رجل ذا ..."
:
:
بالكاد توازن ذاك عندما دخل اخيه الذي يسبقه وأذاه حتى سقط ...
نهره اكبرهم ..."ثلاب قص رجلك ....اتركوه عنك ..."
:
:
كشر ذاك ..."طالع وجهو ...يقطع الارزاق ..."
:
:
أسقطه ظافر مره اخرى ما ان وقف ..."ابو اربعه عيون ...الشين ....بيكبر رخمه باااارد وجهو ...."
:
:
مسحت على رأسه ترتب شعره ..."عوذه ....ولدي بيكبر شيخ ...و بينخطب لوه ست البنات...وبزوجه اربعه موب وحده ...."
:
:
اعقب ثلاب في غيره .."أول زوجي عياد و كساب وظافر وهو وبعدوه انا ..."
:
:
كشر ظافر له بحنق ..."شين وجهو ...من يوم عرفتوا وهو سقيم ...كان المفروض امي تجيب لنا اخيه بدالو ...."
:
:
كشرت امه بغير رضا ..."وجيعه بعين العدو ..باقي ولدين غيروه ثم اجيب لكم اخيه ...و ثنتين وثلاث ..."
سمعوا صوته الوقور فأستقامو في جلوسهم صامتين ..."ياموجعه ...."
:
:
كان يعشق ان يناديها بأسمها ...وقفت مبتسمه ..."ياعمرها وروحها ...."
:
:
:
دخل المكان نظر الاى اصغر ابناءه ..."هذا اللي شاق الارض ..لبسيه باخذوه لم الشيخ سيار ..."
:
:
ابتسم ظافر ......"أي والله خلي ام سيار تقرا عليه كود يهجد و يفكنا ..."
:
:
كانت انذاك مشهوره بممارستها الطب الشعبي في اوساطهم ..
:
:
ضحك ثلاب ..."بوه قبيلة جن ....قال شيخ قال ..."
:
نهره ابيه ..مهما كان ثلاب اقرب ابناءه له بطريقه غريبه بالرغم من ان ثلاثتهم الكبار كأصدقاء له .."قوم شغل السياره ...يافاتح الفم ..."
:
:
وقفت خلفهم تحيطهم بدعواتها ...وهي تمسح على ظهورهم ...فهم جمال حياتها ومنيتها وسندها و كل وجودها ..
:
:
:
قد صابه الملل وهو جالس بجانب ابيه فهو صغير كثير الحركه ..
تثاوب يراقب اخوته الذين انصتوا لحوار ابيه بأهتمام اولهم ثلاب ..
رفع عينيه للرجل القصير ضعيف البنيه الذي كان يمدهم بفناجيل القهوه ..
نادى الرجل "ياكايد هات الدله الثانيه ...."
دخل احدهم يعرفه من مكان ما كان رغم صغر سنه الا ان بنيته صحيحة ..
ناولها ابيه مسرعا ثم خرج ..
التفتت الى ابيه المنشغل بالحديث انسحب بهدوء وطفوله حتى خرج من المكان ..
التف حول الخيمه ليجد ذاك مقابل نار موقده يزن الدلال فوقها بأحترافيه ...
أبتسم له ..
رفع ذاك رأسه بصمت ..بادره ..."انت معنا في الفصل صح دوم تجلس ورى ....ليه بس تغيب ....؟؟"
:
:
سكت ذاك وهو يمارس ما اسند اليه بتفاني ....اجاب بعد وهله بنبرة كبير ..."أساعد ابوي ..."
:
:
أبتسم له ذاك فبان الفراغ مقدمة فكه ...."تبي اساعدك .."
:
:
رفع عيينه لثوبه الابيض الناصع ..
وكان قد ارتدى هو بدورة ثوبا اسودا ثقيلا ورثا ...."لا ..."
:
:
دار حوله مصرا .."تبي تنقل من كتبي الواجبات اللي راحت عليك ..."
:
:
رفع رأسه له ...."لا ..."
:
:
جلس بجانبه ..."علمني كيف اصب القهوه ..اخوي ثلاب دوم يهاوشني لاجلي رخمه ..."
:
:
أبتسم ذاك فهو اكبر منه عمرا ...بثلاث سنوات تقريبا ..
شرح له الفعل مبتسما ..هذا اول طفل يتواصل معه ..هو ايضا طفل وحيد ومنبوذ ..
يعيش مع اب عجوز وام مريضه ...
ابتسم قلبه لصديقه الجديد المرح ..هذا ماكانت طفولته تحتاج ..
:
:
:
:
:::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::
نهر اصراره ....وهو يرتب الجمل اسفل الدله بالملقط الساخن وقد احمرت خديه لدفئها ....
"ياخيي وش طبوه ....الثانوي يادوب خلصتى مع مجلس خالي مقدر ...وطب ..ياعضيدي المنهج بأربع ميه ...أبد ...فكنا منوه ..."
:
:
أصر ذاك كعادته ..."ياكايد ياخوي ...طب والله يأمن لك حياة مستقبل حلوه وانت نسبته 98 محد بسكاكا جابها غيرك ..هذا وانت ما تذاكر ويومك كله بمجلس خالك ...اسألك بالله راضي بحالك وحال امك ...ترى راسك من راس خالك ..قبيلتكم وحده وامك اختوه ...وانت ياخيي تستاهل الخير ...وفكر بفرحة امك لا دخلت الطب .....والمناهج علي وعليك لاتخاف انتقاسمها ...وانا يمك والله ماتنقصك محاظره ...."
:
:
سكت مبتسما هو اشد علما بأن ذديقه يهوى قسم الكيمياء ..لكنه قدم اوراقه للطب فقط ليكون بجانبه متناسيا نفسه ليحقق كايد حلمه الاكبر ويصبح ذو شأن ويكتفي بنفسه ...
الا ان مايقوله صعبا ..
طريقة سير حياته لا يناسبها هذا القسم ...
:
:
:
:
كان للتو قد اخذ الفنجال من يد خاله ..وقد اكتض المجلس بأبناء اخواله ..
وغرق بحديثهم ..
سأله اصغر خال له ...لا يعاملنه انه منهم ابدا ..."الا ياكايد تخرجت يقولون ماشاء الله وش لك بها دامك فكيت الحرف .."
:
:
أبتسم هو ..."العلم زين ياخال ...."
:
:
نهره خاله سيار ..."علمك الدله ...بلا هروج فاضيه بتحط راسك براس ولد الشيخ "
:
:
عندها ارتجف قلبه انفه ...واصر خينها على قسم الطب اكثر من أي اصرار قد سبق ...
:
:
:
::::::::
:::::::::::::::::::::::::::
لقد الغيت محاظراته اليوم ....رغم تجرح اخواله له لن يترك قسمه ابدا فهو تذكرته للحياه الكريمه ...
كان يفتح كتابا في يده يستذكر اخر ما درسه ...
عندها اطلت زوجة خاله الرحيمه ...."ياوليدي ياكايد ...كيف حالها امك ان شاء الله بخير .."
:
:
أبتيسم لرقتها .."بخير ياخالتي توصل لتس سلامها ..."
:
:
وعدته بصدق ..."أن شاء الله وانا خالتك يوم الخميس عصير بسير عليها جعلني ما ابكيها بيوم وحشتنا ..."
:
:
هز رأسه لها بالايجاب ...
"ان شاء الله وانا اللي بوصلتس ..."
:
:
ضربت على رأسها متذكره ..."ياحزينه يا ام جازي نسيت ...يا وليدي رح جب عذبى من المدرسه ...اليوم ابو صلاح موب فاضي لها سرح مع خالك بدري ...انا مدري هالرجل متى بيظهر لوه قلب ..."
:
:
:
وقف متأهبا فهو يحترم هذه الرقيقه فهي وحدها من يهتم به ..
"لا تشلين هم ياخالتي اللحين بأجيبها ....بس هي تدري ..."
:
:
أبتسمت له ..."جزاك الله خير ورزقك بنت الحلال والضنا الصالح وعوضك ...اللحين ادق على مدرستها ....واقول لها ..."
:
:
:
:
:::::::::::
:::::::::::::::::::::::::
نهاية الترم الثاني من اول سنه في الثانوي ...
كانت الثلاث الحصص الاخيره فراغ ..
وقد تناثرت طاولات الصف وحقائبه بعشوائيه ..
وغرقت بضحكاتهن وحكايا مغامراتهن واخر ما حدد في الكتاب ..
:
:
ضحكت صديقتها وهي تجر قلم الكحل منها ..."هاتيه بتركبين مع سواق ابوتس كذا ...وقف قلبه العجيز ..."
:
:
نهرتها .."دسي القلم ولا جاتس استاذه سميه كسرتوه بعينتس ...."
:
:
نظرت لها صديقتها بعدما رفعت عينها من المرآه المتهالكه في يدها ..
"سبحان الله ياعذبى من يصدق انتس وصلتي لسنة اول ثانوي ..."
:
:
كشرت لها ..."ياحزينه ..عوذه منتس ..لا يجي ابوي اللحين يتلني من شعري ..."
:
:
دخلت طالبه ..متسأله ..."عذبى سيار ...كلمي الاداره ..."
:
:
ضحكن صديقاتها بصوت عالي ...اعقبت صديقتها "جا ابوتس يتلتس من شعرتس ..."
:
:
:
حاولت مسح الكحل ..الا انه ابى ولوث يديها فقط ..
دخلت مطرقه رأسها ...مدتها المديره بسماعة الهاتف ..."كلمي امك ..."
:
:
بلعت ريقها بخوف وهي تأخذ السماعه ليست من عادة امها ..
يمعت صوتها الحنون يوصيها في الطرف الاخر بأن من سيقلها اليوم هو كايد ابن عمتها ..
:
:
:
لم تأبه للامر وهي تعود للصف ضاحكه ..
مرت الحصه مسرعه ..
و اطلن في لبس عبائاتهن ..
عدلت فتحة برقعها وهي تمسح ماتبقى من الكحل ..
وضعة عبائتها على رأسها وحملت حقيبتها الشبه فارغه على كتفها ..
:
:
خرجت لتقف بجانب الباب ..توجهت بالحديث لصديقتها .."اللحين انا وش يدريني منهو كايد ذا ...."
:
:
تنهدت صديقتها وهي تراقب احدهم فتح باب سيارته المتواضعه و وقف مستندا بيده على سقفها مرتديا ثوبا اسودا وغتره حمراء فتحها ليعدل من وضعها الغير رسمي فوق رأسه ..
:
:
كان مطرقا رأسه لم يرفعه ...
همست لعذبى ..."ابوي بينقلنا الرياض ياحسرتي الرياض بوه مثل جمال هالخضيري ..."تقصد بها منعدمي القبائل الذين سكنوا المنطقه ...وقد كانت ملامحه الجميله تدل على انه واحدا منهم..
:
:
رفعت رأسها لقول صديقتها .....سكتت للحظه تتأمله وقد كانت مرتها الاولى في تأمل رجل ...لو علم ابيها او حتى امها لدفنوها في مكانها حيه ..
:
:
اشاحت نظرها عنه ...
بدأ ازدحام الطالبات يخف وقد علق معضمهن على وجود هذا بالقرب من المدرسه ..
توجه اليه الحارس يحمل غضبه في عصاته ...
"ياولد وش تبي ...؟؟"
:
:
رفع رأسه له ..فعرفه فهو صديق لأبيه المرحوم ...بادله التحيه ...وبخجل ..."ابي اخذ بنت خالي بس ماعرفه ولا ترفني اومه موصيتن عليه ...."
:
:
سأله ..."وش أسمى ..؟؟"
:
:
حاول التذكر ..."عنود ...ع....والله ناسي بنت ساير وخلاص ..."
:
:
اقترب ذاك من باب المدرسه ينادي ..."بنت سيار وينه ..."
:
:
سمعت اسمها فرفعت رأسها لحارس المدرسه ..."هنا ياعم ...."
:
:
نهرها كعادة من بعمره ..."أسنوحتس راصه مع البنيوات ذبحتكن الهروج ...ولد عمتس صكتوا السمش ينتظر ....عله أي والله عله ...."
:
:
ضحكن على تهزيئه لها ....التفتت الى من اشار لها عليه ..
ارتجف قلبها ان يكون هذا ابن عمتها وصبي ابيها الوفي ..
اتجهت الى السايره متجاهله حديث صديقاتها التي كن بدورهن ينتظرن من يقلهن ..
ما ان لمح احداهن تقترب ..حتى استقل سيارته ...
ترددت في فتح الباب خلف الراكب ...للمره الاولى تتواجد مع احدهم وحيده وقد اعتادت الذهاب للمدرسه مع ابنة جيرانها وسائق ابيها الطاعن في السن الا ان تلك غائبه طوال هذا الاسبوع ..وهذا الشاب لا تعرف عنه شيئا لربما كان احدهم يحاول خطفها ...
صوت ناداها ..."من زود زينتس اركبي لا تصكتس الشموس.."
:
:
ركبت معتدله في المقعد ..اخرجت نفسا متوترا وقد احست بنفسها تغرق في عالمه ..
وقد ترك بجانبها اكواما من الكتب الدراسيه باللغه الانجليزيه ..
عقاله وزجاجه عطره الفارغه ..
لم يحدثها فقد ادار محرك سيارته بصمت..
كانت كلما رفعت نظراتها كلما اعادتها لا اراديا اليه ..
التفتت للخلف فجأة ليخرج سيارته من المكان ..
ارتعدت وتعلقت عيناه بها ..
للمره الاولى في حياته يتأمل عينا احدهم ..دون قصد منه ولا تخطيط ..
ازاح عينيه ..يكمل ما بدأ
:
:
يجزم بأنه لابد ان يكون احدهم ثالثا لهم لكن ماهي الا ثقه من خالته ..فهو أأمن على بناته من أي احد فهو من يتكفل بمشاوير اكبر بناتها جازي وابناءها ..
:
:
لكن من غير الصواب ان تترك معه بلا محرم او حتى ابنة جارهم التي تشاركها السياره يوميا ...
تنهد بصمت مدققا في سير طريقه ..
الشرف العاليه في المجتمع تجرده من قيمه ..
فلقد نظروا له على انه خادم و أجير لا كشاب مكتمل الرجوله ....
فمثله في نظر عين مجتمع دون الارض كسير لا يرفع عينه فيقع أعمى ..
:
:
:
::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::
نفض الغبار عن ثوبه الاسود الشتوي ..وقد فتح له سائقه باب السياره ..
القى نظرة على المقبره الهادئة خلفه وقد خلت تدريجيا من المعزين ..في أخر رجال زعامة القبيله القدماء ...
:
:
اليوم يدفن اخر عم تبقى له ..وقد دفن منذ شهر أبنته ..
المشيخه صعبه وقد تولاها فعليا منذ اخر 9 سنوات بعد وفاة ابن عمه و وهن عمه ...
:
:
تأمل الطريق المكتض بالسيارت فقد تزامنت عودته مع وقت انصراف المدارس..
توقفت السياره في اشاره ..
مع عمله الصعب والنادر الذي يتمناه كل من حوله ومشيخة قبيلته ..
يتمنى حقا لو يجد له عضيدا ..
ولن يتنازل عن الشيخه ابدا وقد احتفظت بها عائلته منذ الازل ..
لكنه اخر رجل تبقى يحمل اسم جده المرحوم ..
و أخر امل لأسم لم يندثر يوما ..
لكن الايام قادمه ..
مهما كان سيترك هذا المكان يوما ...
كل ما حوله يضغط عليه لترك عمله الذي امتهنه منذ 17 عاما ...
عقيد في الحرس الملكي ..
بفعل اسم ابيه وجده وصل الى ما لم يصل اليه غيره ..
فأختلط بالعائله الاكثر تحصينا ...
العائله المالكه ..
لكن هذا كله لم يشتري له ..لا عضيدا ..و أبنا ..ولا سندا ..
:
:
عائلته ايضا صعبه بحيث يحرم بتاتا عليهم ان يرتبط احدهم من خارج القبيله او دائرة ابناء العمومه ..
وفاءه للتقاليد القديمه المتحجره جعل منه وحيدا ..
:
:
الان فليستقبل التعازي في عمه الاخير ..
وليترك ما يشغل باله منذ سنوات لما بعد ...
الرياض كلها ستكون في مجلسه خلال هذه الايام الثلاثه ...
:
:
:
:::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
:
:
:
نظرت الى هاتفها في يدها ..لا زالت لا تستطيع الوصول الى امها وهذا مايضعف قلبها و ارادتها ..
سمعت صوتا باتت تجهل الاصوات التي لا تشبهه...
ارتجف قلبها خيفه ..
وهي تتحصن خلف باب المكان تحتضن هاتفها وتحدق بلا هدف في ما تعرضه الشاشه الضخمه في ابعد جدار عنها ...
:
:
ابتعد صوته الجهوري مختفيا ..
نظرت من خلف الباب ..
لم يكن متواجدا حينها ...
نفثت نفسا عميقا ...
:
:
:
ودعت قريبتهن التي عاتبتها على حال زوجة شيخهم الجميله التي رزقت لتوها بأبن بعد طوال انتظار ...
وانها حاولت مرارا الاتصال بهاتفها عبثا ...
دخلت متأملة حال زوجه اخيها ..التي غطى الحزن والوحدة محاياها و اسودت محاجرها ونحل جسدها ..
و هد صغيرها البكاء ...
:
:
تنهدت بقل حيله فهذه حالها منذ غادرتها صغيرتها ...
او خطفت منها بالأحرى من قبل منظومه مجتمع متحجره ...
لم تعرف ماذا تفعل وهي تحمل الصغير المنزعج الى حضنها ...
بان لها طرف هاتف تلك من اسفل السرير ...
رفعته ..و بعد مهمه بحث طفيفه اوصلته بالشاحن ..
:
:
جلست بالقرب منه وهي تلقم الصغير رضعته ..فهي أمه بالرضاع الان ..
لولا الله ثم هي كان هذا الصغير سينسى ..
:
:
ازعجت نغمات اشعارت الهاتف الغرفه ...رفعته بلا مباله ..
لفتها عدد الرسائل والمكالمات الفائته ...
اتسعت حدقتيها بتفاجئ وهي تقرأ فحوى الرساله ....التفتت الى زوجة اخيها غير مصدقه ...."عيني ....هاي مكالمات و رسيال من رقم سعودي ...."نظرت الى الهاتف في يدها مره اخرى غير مصدقها ..."هاي جاهده ..اي وربي هاي من بنتج ....باوعي.."
مدتها بهاتفها ...
وكأن غريق الايام من اذابت ملوحة البحر جسده واحرقت الشمس ملامحه ...تشبث بطوق نجاة مجهول ....
:
:
قفزت من مكانها تتناول الهاتف منها ...
ارتجفت شفتيها الجافة مقاومة بكاءها ....
جلست منهاراه على الارض وهي تحتضن الهاتف بقوة فوق صدرها وكأنها تحتضن ابنتها ...
تأملت رسائلها المناجيه للرد ....اعادت طلب الرقم بسرعه ...
:
:
:
وضعت الخادمه للتو الطعام امامها ..الا انها قاومت شعورا بأفراغ ما بمعدتها لمنظره ...
باتت ترفض كل اشكال الحياة مؤخرا وقد شغلت روحها بوصال امها المنقطع ..
رن الهاتف ..كان يرن للمره الاولى برقم غير رقم سلطانه ...
ذاك الرقم الذي حفظته عن ظهر قلب ...
تلقفته بسرعه الا انه سقط ...
جرت متعثره الى حيثما توقف ...
لم ينقطع الاتصال ....اجابت على الخط ...
:
:
:
:
:
لحظة صمت ...شهقات بكاء مكتوم من الجهتان ...
صعب نفسها و هي تشدد على جيب فستانها ..وتبلل وجهها بدموعها في غربتها ...
فالحنين الى العراق اقوى من أي شعور ...وحضن امها منيتها الاخيره ...
:
:
:
من بين شهقتها نادتها ...." أمي ..."
:
:
انفجرت تلك ببكاءها .."عين امتج حبيبتي انتي روحي بنتي ...ضنياي ...شلونج ياروحي كيفها دنياتج..."
:
:
تنهد ....تأوهت من وجع قلبها ..."آه يا أمي شكد تعبانه ...اني ما اعرف منين ابتدي لجل احتجي لج...اني لا اني خدامه مع الخدم ولا سيده مع الاسياد ...جدر الله وكيلتج يا امي ...جدر لولا قطعة مرميه دون قيمه ....اني هني مو اني يا امي ...اني هني بدون لا اسم ولا قيمه ولا شعور ..."
:
:
:
تشاركن البكاء والوجع مع كل هذا البعد ....تمالكت نفسها بصعوبه .."بنتي ...حبيبة قلبي ...خلتج صابره واحتسبي ....امي اني وكلت امرتج لألله ...سبحانه ما بعده وكيل بهاي الدنيا ...حسبي الله ونعم الوكيل يا الله اقتص لألنا حقنا ...اني والله مكسورة ما بأيدي حيله ...اني والله ما...."
:
:
قاطعتها ابنتها لا تحملها اللوم ..."امي لا تخافين انا الله معاي ...لكن والله مشتاقه ..اريدتج واريد حضنج هسا ...امي ليش ماعلمتيني ..ليش ماعودتيني ...اني كل يوم اراقب جيته وروحته وخايفه يا امي خايفه هاي عيونه تجتل كيف وصله ....يكرهني يا امي ..اني بكل يوم ادعي على ابوي هم استغفر ..للي رماني فيه ...هاي الريال يا امي لو عليه كان يكتلني اليوم قبل باجر ..وجدته مره قاسيه حتجيها سم ...ومدت يدها علي ..لولا الله ثم مرة ابوه كان اني هسا ميته مكتوله ما ادري شنو وضعي ...ابوه ريال طيب أي والله طيب لكن ما اله حس...هاي لو يكتلني و يدفني ما حد يمي ....بس لا تخافين امي الله وياي "
:
:
لم تستوعب لمن كان يقف على باب سادا بهامته النور المتسلل من الخارج للمكان طفيف الاضاءة ...
:
:
لم تستوعب بعد منظر الهاتف الذي تحطم الى قطع بألتقاءة مع الجدار ....
رفعت عينيها هلعه لوجوده القريب منها ....
كانت عينيه تتأجج شرا ..وغضبا ...
ومع فرق اشوط الطول بينهما ..غلل اناملهه في شعرها ولفه حول كفها وهو يجره لتقف متألمه ..تمسك يده بكل قوتها محاولة تخفيف ماتشعر به ....
:
:
:
وبتعاليه الذي لا يطاق ..."انا لا سمح الله سمحت لجنابتس ...تستخدمين جوال ..ولا تتواصلين مع اهلتس ...."
:
:
حررها وهو يدفعها بكل قوته على الارض ...خفف من نبرته ...تسلطه متفنن فلا يصرخ ابدا ...اقترب منها ...."اهلتس الله يرحمهم سامعه ...ماعاد لتس اهل انتي غره انتي مولوده من يوم انا اخذتس لمي ...ولا اقولتس انتي اصلا مالتس وجود ولا قيمه ...انتي ولا شيء ...انتي ديه فاهمه ...."
:
:
:
رفع عينه لابنته التي كانت تقف امام الباب مشدوهه ...تغيرت ملامحمه ...وهو يتقدم منها اكثر فهلعت مبتعده ...."فكتس الله ....انا كل ما افضى لتس يحبسني عنتس شيء ....بس ثقي المره الجايه بعلمتس قدرتس ..."
:
:
:
انسحب بهدوء عكس ما دخل وهو يحمل ابنته عن الارض ويقبلها ...
كانت لا زالت مطرقه رأسه وهي تغطي ملامحها بكفها و اهتزت كتفيها باكيه ...
انها ضعيفه لا تقدر عليه وقد كسرها بكل ماحولها ...
كسر كيانها وسحب انسانيتها منها ...
:
:
:
و انسانياتنا يا سادتي ...اغلى ما نملك...
:
:
::::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
الجزء الثاني والعشرين ..
:
:
:
" مواجهات مؤجله .."

:
:
:
أغمض عينيه بشده مقاوما الام وهو يضع ابنته في سريرها الحصين ..
ما ان وضعها حتى فقد توازنه وجلس على الارض ...
ضرب طرف السرير الخشبي القاسي بيده التي مدها عليها ...
لم يكن يوما ليضرب انثى او يؤذيها ..
حتى ام ابنته مع كل المشاكل بينهما لم يتجرأ يوما ليمد يده ..
فتنقص رجولته في عينه ..
الا ان جدته كانت قد أملته حقدا و تحريضا قبل ان يراها ...
تجاهل الالم القاتل في يده وهو يغلل انامله في شعره و يشده مفرغا حدة الآلم ..
:
:
كانت ابنته تراقبه فزعه ..مالت من سريرها تقبل رأسه بحنانها الصغير المبتدئ..
رفع رأسه لم يكن ليستطيع ان يفتح عينيه فالضوء يزعجه ..
الا انه ابتسم لها مغمضا عينيه وقد تسللت من بين جفنيه دمعة آلمه الذي لازمه منذ سنوات ..
:
:
:
::::::::::
:::::::::::::::::::::::::
تعلقت بصغيرها تحتضنه والابتسامه المتردده تداهم محياها الجميل ..
لا تكاد تصدق بأن ابنتها بخير ..تواصلها معها بحد ذاته يعني بأنه بخير ..
وهناك شعور في قلبها يقول لها بأنها ستراها قريبا ..
و ستحتضنها ..حينها لن يفرقها عنها الا خالقها ولن تسمح لمخلوق كان بلمسها او التعدي عليها ...
:
:
صغيرتها الجميله ...جاهدتها ...جمال حياتها ومهجة روحها ..
كان يكفيها ان تسمع صوتها لتدب الحياة الى اطرافها ..
تجاهلت الحزن في صوتها وانقطاع الاتصال ..لانها تود ان تكون متفائله وسعيده ..
تحتاج للتفاؤل لتستمر بالعيش ...و لاحيلة لها سوى الدعاء ..
:
:
:::::::::
::::::::::::::::::::::::
أبتسم لابنته السارحه كعادتها ساكنه في مقعدها ..
التفت لأبنة عمه التي دلفت للغرفه للتو وقد اكتست باللون الغامق ..
وخلت طلتها من أي () ...
:
:
سألها بهدوءه المعتاد ..."وينها ام يوسف ..؟؟"
:
:
اشارت له برأسها هامسه ..."تنوم ولدها ...."
:
:
هز رأسه بالايجاب ...وهو يعاود تأمل ابنته امامه ..
جمع قبضتيه وهو يسند ذقنه عليها ..وعينيه تغرق بأفكاره ...
كانت نظراته وكما اعتادت كعينا صقر ...لقد كان حلمها ان ترتبط به منذ كانت مراهقه لكن ارتباطها به لم يجر عليها سوى الحياة الرتيبه والنسيان المؤلم ...
:
:
لم تكن يوما لتفتح اسرار مقلتيه او تفهمه او تصل الى قلبه ..
التفتت لأبنة عمها الداخله ..تكبرها بخمس سنوات فقط الى ان ملامح الكبر واليأس كانت قد بدأت تتسلل اليها ..
لم يكن ليجتمعن في أي مناسبه الا ان وفاة عمهن اكبر من أي مناسبه ..
وهن يعلمن ماذا يجر هذا من حمل على هذا العسكري المتزمت ..
:
:
سألته تلك بأدب ....
وقد حولت سنوات زواجهم ال22 علاقتهم لأخوه محضه ...." أمرني يا ولد عمي ...."
:
:
نظر الى من تشاركهن الغرفه وقد تواجدت بجسدها فقط ويبدو بأنها قد داهمها النوم جالسه ...
أشار برأسه بنبرة لم ولن يفسرنها فهو لم يشتكي يوما ..."نوف نامت ...."
:
:
التفتت اليها امها ...وبحسرة ..." اليوم اتغير جدولها ..."
:
:
راقبها تخرج من الغرفه مع ابنته ..
ألتفتت الي تلك بجانبه ............." كيفك يا ام يوسف ؟؟مبطي ما قابلتك ..."
:
:
هزت رأسها برضا ..."الحمد لله ..كيفك انت الله يسلمك..؟"
:
:
هز رأسه بالايجاب ...وغرق في صمته ..
برود المشاعر والحياة المنزوعه تسيطر على هذا المنزل ..
دخلت تلك تلبس عباءتها ....سألته برسميه ..."ابو يوسف ..توصلني بطريقك امدي السواق نام اللحين ...."
:
:
فهم انها تود ان تختلي به فهو لم يراها لأسبوعين وقد كانت عينيها تزدحم بالاحاديث ...
:
:
ارخت عينيها خجله من النظر في عين ابنة عمها الوقورة التي اختارتها العائله لتكون ضرتها ...
وقف وهو يلتفتت لزوجته الاولى ...."تامرين شيء يا ام يوسف ...."
:
:
هزت رأسها بالنفي ..."سلامتك ....ايه صح ..عمتي نايمه عندي .."
:
:
هز رأسه بالايجاب وهو يشير لتلك لتسبقه ...."زين قلتي لي كنت بمرها ....زين ..بكرا ان شاء الله بمركم ..."
:
:
ما ان رأته الخادمه مقتربا حتى ابتعدت عن طريقه بخفه رفع ابنته حذرا واجلسها في المقعد خلفه ...
:
:

استقام جالسا في مقعده ...التفتت اليه من بجانبه ...سألته ..."أخذت اجازة ...."
:
:
هز رأسه بالنفي ..."احتمال اخليها تقاعد ..."
:
:
اتسعت حدقتيها هلعه ...."لا يا ابو يوسف الا التقاعد ...تنازل عن الشيخه ولا تتقاعد ..."
:
:
التفتت اليها بهدوء وقد ارتفع احد حاجبيه محذرا ..."مها ...."
:
:
تلعثمت وقد نسيت نفسها معها طول هجره انساها من يكون ...
همست نادمه ..."أسفه ..."
:
:
وقد توتر جو السياره ...في الواقع أي مكان يتواجد به هذا الصعب يلفه الصمت والتوتر ..
التفتت لأبنتها بجوار خادمتها ..تنهدت وهي تعيد نظراتها الى الطريق ...
:
:
في الواقع الفجوة بينهم كانت متواجده منذ ان ارتبط بها قبل 15 سنه ..
الا انها اتسعت وكبرت حتى قد هوى كلاهما الى هاوية الهامش والنسيان والتجاهل ...
محمد اول خلفتها قد توفي بعد اربع سنوات من ولادته بفعل شدة اعاقته ...
نوف ثاني خلفتها لا زالت صامده ..وقد فقدت منذ سنتين طفلها في ولادته لأعاقته ..
:
:
ابنة عمها سارة زوجته الاولى فقدت ابنتين ولازالت تحتفظ بيوسف اهون اعاقة مرت بعائلتهم ...
:
:
هذا الرجل دفن اربعه من ابناءه ..غير تجارب الحمل الفاشله التي لا تحتسب ..
ودفن ابيه و اخيه و اعمامه الاثنين وابني عمه ..
قلبة العسكري وشخصيته القياديه تمنعه من الوقوف على الاطلال ..
رجل مثله يرقد على الكثير من الاسرار ولا يفكر بالامس ابدا ...
:
:
اوقفها امام بوابة منزلها الفخم المترف الذي خصصه لها ..
لم يحدثها وهو يفتح الباب ليخرج ابنته من السياره ...
راقبته بصمت وهو يضع ابنه في مقعدها المتحرك ويتركها للخادمه ..
سألته ...بتردد"بتنام هنا ...؟؟"
هز رأسه بالنفي واجما ...وهو يعود ادراجه الى سيارته السوداء الفارهه الضخمه ..
:
:
تعلم بأنه لن يتحرك حتى تغلق باب منزلها ...
لم تلفتت الى الخلف وقد اعتادته ...حكم قدرها ان ترتبط بأقسى واصعب شرقيي ..
كانت خطيبه لأخيه رحمة الله ..
لكنها مشيئة الله تسيرنا ...
:
:
::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::
حتى سكاكا في هذا الوقت من السنه جوها شديد الحراره ..
اغلق باب سيارته التي بالكاد اوقفها في الشارع الضيق ...
توجه للباب الذي يختفي ربعه تحت الارض بظرفتين خضراء صدءه ..
كان منزله افضل منزل في المنطقه الشعبية القديمه ...
دفعه بكتفه وهو يدير المفتاح في القفل ..
:
:
واجهته برودة المنزل القديم المرمم ..بدورين وسلم طيني بالي ..
طلاء الجدار الابيض واسلاك توصيل الكهرباء الخارجيه ..
فرشه المرتب ورائحة امه في المكان ..
الدور الاسفل صالة وغرفه ومطبخ وحمام ..و الاعلى غرفته وحمامه و السطحوح الذي عدله ليمضي فيه معظم وقت فراغه النادر..
:
:
سمع صوتها الذي يعشق يناديه من غرفتها ..
"كايد ..."
:
:
ابتسم يمحي وعثاء يومه من على هيئته ...اتجه الى غرفتها ..."ذاني يمه ...."
:
:
كان يحمل علبة علاج في يده ..انكفأ عليها يقبل يدها ورأسها ويغرق في رحمتها وحنانها ..
أمطرته بدعواتها ..أبنها الجميل العاقل ..
ابنها وسعادتها في الدنيا واعظم انجازاتها منذ ان خلفته اختفت مع قدومه كل هموم الدنيا وحزنها وشعورها بالنقص ..
وباتت الدنيا في عينها كايد ..
لقد كان ابيه فقيرا معدما لا انه شيخ الكرماء وعظيم الاخلاق وكريم النفس ابي الروح ...
فقد ربى هذا الشاب على الفضائل و العفه رغم كل حياة المترفين التي تحيطه لم ينجرف يوما ..
:
:
عاتبته ...."ياوليدي ..بعده باقي علاجي ما قضى ...."
:
:
أبتسم لها وهو يجلس على فراشها بجانبها .."يمه اليوم اول مااخذت المكافأة شريته هو اهم من أي مقضاه ..."
:
:
ابتسمت له تقبل باطن يده .."يافدى عمر امك انت ...."
:
:
قالتها وهي تقف ..تعلقت عيناه بها ...تسائل"يمه ...وين ؟؟"
:
:
ابتسمت بحنانها .."الغدى من ضحى وانا احتريك بوه ..."
:
:
وقف يمنعها ..."اجلسي يمه خليه علي ...."اكمل قلقا عليها ..."يمه الله يخليتس لو علي ما ابي غدى ..مابي الاسلامتس خلاص يمه ..اجلسي وارتاحي ...يمه قلبتس ما يحتمل كل ذا ...و انا ابيتس يمي يمه لا غديت دكتور و خرجنا من هالعيشه واستغنيت عن خالي ..."
:
:
غصت بمناجاته ..فهي قد نجت من جلطه بأعجوبه ...ولم تكن لتخلف ورائها سواه ...تخاف عليه من حزن الايام وجور الدنيا ...
بالكاد تمالكت نفسه وهي تتأمل منكبيه الواسعه يخرج من الغرفه ..
همست بكل كسرة السنين القديمه .."ياعين امك ..ياروحها ..."
:
:
مد السفره المتواضعه وهو يجلس امامها يجبرها على الاكل ..
تأملته انه امير بهيئة خادم ...لا يشبه ابيه او امه ...
فترت يدها وهي تراقب شعرات رماديه غزت شعره ..
أ شاب أبني في ريعان شبابه ؟؟حسبي الله على الدنيا ..؟؟حسبي اياه وكفى سيعوضنا بمشيئته جنته الخالده ...
:
:
بعدما تأكد من نومها وراحتها ..
صعد الى غرفته ..
لم تكن تحوى الاخزانه خشبيه صغيره وفراشه على الارض وتلفاز صغير في ركنها ...
وباب غطاه بستار يؤدي الى السطح الذي احتفظ فيه بكل عدته وادواته ومحركاته ...
لطالما امه نهرته من حمل الاثقال ..
الا انه لا مكان لممارسه هوايته الا هنا ..
حورة ليناسب اهتماته برفوف حديده جمعها ورتب عليها اغراضه ..وغطاه بصفائح معدن وخشب ..
:
:
بالكاد تحمم ورمى نفسه على فراشه تبقي ساعه عن صلاة العصر ..ليرتح قليلا ومن بعدها سيتوجه الى مجلس خاله ...
غدا الجمعه ولن يكون هناك مجلسا سيسافر خاله اليوم المغرب ...
الحمد لله ...
سيتسنى له قضاء نهاية الاسبوع لنفسه ..
:
:
:
:
للتو انتهت من رفع السفره فبالرغم من حياة ابيها الفارهه الا انه يرفض دخول أي خادمه للمنزل ..
استلقت امام التلفاز بملل ..
اليوم الجمعه مما يعني بأن الفروسيه ستبث حتى صلاة العشاء ...
راقبت اشكال الامراء بفضول مراهقهه ..
حتى ظهر احدهم ...
فازت فرسه للتو ..جلست متأمله ملامحه تشعر بأنها رأته قبيل هذه المره ...
نطق المذيع بأسمه ..."الشيخ عساف منصور الــ ..."
:
:
لم تسمع اسم قبيلته وهي تلتفت لامها تستعد للخروج ...نادت عليها ...وقد رأت في خروج امها انتهاء مأساة الملل ..."يمه ...... يم وين رايحه ؟؟.."
:
:
بأستعجال ردت ...."يم عمتس صفيه ...."
:
:
ترجتها ..."يمه الله يخليتس بروح معتس ضايقتن بي وزمان عن عمتي ..جدتي بتروح ..."
:
:
هزت رأسها بالنفي .."جدتس ف القريات ...اعجلي علي ..."
:
:
وقفت بحماس ..."توني متحمهه يمه البس عباتي بس ...الله يخليتس لا تروحين عني ..."
:
:
ابتسمت امها لحماسها ..."زين خلصيني ...لا تروح علي العصريه ...."
:
:
للمره الاولى تكن في هذا المكان تأملت الشارع القديم الاثري ...
بعض المنازل لا زالت طينيه ...
توقفت السياره في اقصى مكان استطاعت ان تصل اليه ...
ترجلت منها بعد امها ..
انتابها الماس وقد فتح الباب ودلفت بعد امها ...
كمية الحميميه في المنزل الصغير تجعل منه قصرا ..
لم ترى عمتها منذ 6 اشهر ..
لقد تغيرت جذريا وفقدت وزنها ...وبانت ملامح الكبر عليها ..
رحبت بها ترحبيا حارا وهي تحتضنها ..كانت كريمه بمشاعرها و ضيافتها ...
احاديث النساء لاتهمها الا انها تحب عمتها للغايه ...لديها عقليه جميله ..وشابه ..
ومنزلها يبعث شعورا ايجابيا وسعيدا بها ...
سألت امها عمتها فتذكرت بدورها ...."وينوه كايد ...موجود ابي اسلم عليه ياحبيبي ياهالولد تربية رحمان ....؟؟؟"
:
:
هزت رأسها بالنفي مبتسمه .."ماتقصرين ياحبيبتي ...لا والله اليوم طلعتوه مع فياض اخوه وصديق عمره..."
:
:
غضنت جبينها .."الا بسألك يا ام كايد فياض مهوب اصغر منوه ...حول الثلاث سنين ..."
:
:
هزت رأسها بالايجاب ..."الا والله اصغر منوه لكن كايد دخل المدرسه متأخر ..."
:
:
غرقن في الحديث عن الاعمار و تواريخ الميلاد ..
لم يكن الحديث يهمها تأملت في سقف الغرفه المعاد ترميمه ..
:
:
احست بفضول عما يدور في انحاء المنزل الصغير ..
وقفت مستأذنه لدخول دورة المياه ..
خرجت من باب الغرفه قابلتها صاله صغيره بفرش ازرق شبه تراثي ...تلفاز مغطى بمفرش تريكو ابيض ...
ورائحة البخور قد تشبع بها المكان ...
دورة مياه اقصى يساره بمغسله خارجه ..وبجانبها باب مغطى بستار يؤدي للمطبخ ...
رفعت الستار بفضول نظرت في انحاء المطبخ المتواضع المرتب ..
أبتسمت لمنظره الجميل و اشعه الشمس تضيئه ..
ألتفتت للسلم المؤدي للأعلى بالقرب من باب المطبخ ...
:
:
شدها الفضول وهي تنظر الى باب غرفة عمتها التي استقبلتهن فيها ...
ابتسمت وهي تخطو بحذر نحو الاعلى ...
لم تتوقع ماذا تجد ..
كان الباب مفتوح حتى نصفه ..دفعته بهدوء ..
تأملت المكان للحظه ..تذكرت من اوصلها ..المكان يغرق بوجوده وشخصيته ..
جالت في الغرفه قليلا وهي تراقب الباب ...
رفعت الستار في منتصفها بلا مبالاه ..
فأتسعت حدقتيها لما خلفه ..
ذبلت اطرافها خيفه وتعلقت عينيها بما ترى ...
كان ذاك يجلس على الارض معطيها جانبه الايمن وقد انشغل بما بين يديه بحرفيه ..
وقد اتسخت انامله بسواد ما ينشغل به ..
كان عاري الصدر فالحر خانق هنا ..كان المكان قد نضح بجماله ..
سبحان من سواه فجمال الرجال مخيف ..
كان يدندن مع نفسه ..
" قالوا ترى ..ما لك امل في قربها لو يوم .."
:
:
توقفت يديه للحظه عما يفعل يفعل وهو يحس بوجود غريب ..
لم يكن يوما في هذا البيت سواه و امه و ابيه ..
رائحته وجودها رقتها غطت المكان ..
رفع عينيه ..فتعلقت بها ..
كانت نظراتها هلعه ..كطفل فضح أمره ..
توقف الكون حوله ..
وكانت جميلته اول انثى يراها في حياته ..
غللت اناملها في مقدمه شعرها واعادت ترتيبه وهي تعود للوارء بخطوات متعثره ..
وقف بعينان متعلقه فيها أخر مالمحه شعره وهي خارجه من الباب ..
راقب مكانها الخالي متنهدا ..
لقد عرفها ..عرفها من عينيها التي لمحها مره واحده ..
:
:
كادت تتعثر في درجات السلم وهي تحاول تمالك نفسها وقد اعلن نبض قلبها الانتفاضه العشوائيه ..
و بردت اطرافها و تهمشت حواسها وهي لا ترى سواه عاري الصدر محدقا بها ...
:
:
ما ان انهت السلم حتى استندت على الجدار محاوله تمالك نفسها ..
محاوله تجميع شتاتها بلا جدوى ..
كانت عينيه وحدها اكبر مواجهه في حياتها ولن تواجه مثلها يوما ..
تبا لها ولفضولها الذي اوقع بها ...
:
:
اتجهت الى الغرفه حتى لا يشك احدهم بغيابها ...
دخلت الغرفه تمثل الاسترخاء وبداخلها حروب عاتيه ..شنتها حدقتيه بقلبها...
:
:
لم تعرها امها اهتمام بينما ابتسمت لها عمتها تحي بها مره اخرى ...
وبعد الاحاديث بينهن وصمتها السارح ...
وقفت عمتها ..
سألتها امها .."وين يا أم كايد ..."
:
:
ابتسمت تلك .."الشاهي ..."
:
:
نهتها .."ارتاحي هذاهي عذبى تقوم عنتس ..."
:
ابتسمت معترضه بلطافه ..."لا يابعد حيي خلى ترتاح ضيفتنا ...اقوم انا بالمره اراعي كايد كوده جا اناديتس تسلمين عليه ..."
:
:
:
:::::
::::::::::::
ارتجفت لذكره ..وحرائق اللقاء لازالت تضرم فيها بلا هواده ...
:
:::::::::
::::::::::::::::::::::::::
احمر وجهها وغارت حدقتيها من شدة بكاءها ...استلقت على سريرها وحرائق قديمه تشتعل بها ..
تماما كمرتها الاولى باللقاء به ...
كانت هذه ثاني مره يلتقيان دون حجاب ...
بعد كل هذه السنوات هذه اول مره ..
تحفظه عن ظهر قلب ..تصم وصفه كما اسمه ..
لقد نسيت كم كانت تعشقه ..
كم كانت متيمه به لا تبكي الا لغيابه ولا تفرح الا لقربه ..
جميلها المنبوذ ..
والان هي في علاقه لاتفسر مع فياض ...
:
:
صديقه المقرب بل اخيه ..كم تأملته دون قصد تبحث عن أي شيء فيه كان قد تشاركه مع ذاك ..
لا وصفه ..ولا اسمه ..ولا خلقه ..ولا فكره ..يشبه ذاك ..
ومن يشبه كايد ..
من ..؟؟
::::::::::::
:::::::::::::::::::::::
جمعت اجزاء الجوال المبعثره في يدها ..
سكنت وهي تحتضنها بين كفيها وكأنها تحتضن اخر صدى لصوت امها ...
ارتجفت لا ارديا ..متأثره ببرد المشاعر حولها ..
"بيمن يعني اعتز هسا لاجل اعيش بهالدنيا ...الماعرف منهو ...يمسح بكرامتي الارض ...اني شنو سويت ..ياربي هاي الابتلاء منك واني راضيه ..ارحمني يارب واكتب لي الاجر .."
:
:
التفتت الى الباب ..كانت جميلة المكان التي طالها اجحاف مشاعره ..
ابتسمت لها وهي تجلس بجانبها ...رتبت شعرها وهي تتأمل دموعها بحزن ...
أنتبهت للحطام في يدها ...غضنت جبينها .."جاهده ..اش هذا ؟؟"
:
:
هزت تلك رأسها بالنفي ..لقد كبرها الهم حقا .."هاي بركات الشيخ جسار ..."
:
:
عضت تلك على شفتها السفلى لائمه نفسها ...ليس بيدها شيء حقا ..
لحظات مواجهة جاهده معه دائما ماتكون غير متواجده ..
احتضنتها لتحسسها بالامان ..
الا ان تلك مات في داخلها أي شعور ...
:
:
تواجدها في مكان يحمل قصد كقصة جاهده اكبر عجز ..فهي تراقب بلا أي مبادره ...
فحتى لو وعدت نفسها فهي في موقع لا يخول لها التصرف ..
لا تملك سوى الوقوف بجانب هذه الصغيره ..
:
:
همست لها .."جاهده ...حبيبتي الغرف كثيره انتي بس اختاري ..ووعد مني ان شاء الله ماراح تشوفين وجهه .."
:
:
جسار غريب ومخيف ...فهو شخص متناقض ..يؤجل كل شيء الى وقت في حين خطئه لن يصلح بعده شيء ابدا ..
فلا يكلف نفسه عناء الاعتذار او الوقوف على الاطلال ...
:
:
:
بعدما تطمنت على استلقاء جاهده على سريرها في غرفتها الجديده انها صغيره ولكنها حميمه بنافذه تغطي اغلب جدار الغرفه ..
و بسرير فردي ..وقطع اثاث على الرغم من فخامتها الا انها قليله ..
:
:
عادت الى غرفتها ..القصر في وسط قصر ..
اغلقت الباب خلفها ..
كانت خاليه منه كالعاده ..جلست على الكنبه في منتصفها ..
راقبت باب مكتبه المغلق ..وما ثلاب الا باب مؤصد ..
احيانا تذم نفسها لانها تشتكي من بروده وبعده ..وكانت د جربت كل تلك الحياة القاسيه .
الا انها انثى تحتاج مشاعره اكثر مما تحتاج أي شيء ..
فهي منسيه بالنسبه له لكن عندما يتذكرها لا يزيدها سوى ألما وتعلقا به ..
لحظات كثير تنتبه اليه بأنه قد نسيها فعليا ..
تنهدت وهي تتمدد في جلستها تراقب تجمع السحب مجددا في الخارج ..
:
:
:::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::
:
:
راقبت دخول رأس مال سعادتها في الدنيا ..قبل رأسها ويدها ..
جلس بجانبها بهدوءه الوقور..كان لازال مرتديا بذلة عمله السوداء المهيبه واحزمة اسلحتها المضاعفه وشارت انجازاته ..
في ثاني ايام العزاء لازال يؤدي واجبه ..
فهو موقن بصعوبه و اهميه وظيفته النادرة التي لا يلتحق بها أي من كان في هذه المملكه ..
:
:
راقبها تمده بفنجال القهوه ..تناوله وهو يفتح اعلى زر في الياقه ..
نزع قبعته العسكريه السوداء مرر يده على شعره القصير المسرح بطريقه عسكريه لا تتغير ..
:
:
هي تعلم بأنه ينوي التحدث ولكنها عادته يتحلى بالصمت طويلا قبل ان يلقي بحديثه المنمق ..
:
:
"لا اله الله يمه ..."
:
أبتسمت له .."محمد عبده ورسوله ...أمر يا وليدي ..."
:
:
"عمي .."
:
اغمضت عينيها وهي تأخذ نفسا عميقا ..."كانت هذه فكرته منذ سنوات والان حان وقت تنفيذها ...هي تعلم عن أي عم يتحدث ...عم له من ام جاريه اختفت اخباره منذ سنوات عندما نفاه اكبر اخوانه ....وحرمه من أي ميراث او شيخه ..
هزت رأسه بالنفي .."والله ياوليدي ما اعرف عنه أي شيء ..هي قصه و اعرفها صحيح ولد عمي لكن القصه قديمه ..."
:
:
هز رأسه بالايجاب ..."يمه له ابن خاله حول الحجاز ..تعرفينه .."
:
:
هزت رأسها بالنفي ..."لاء والله ...ياوليدي مالك وماله وش تبي به يمكنه مات و الله يرحمه ...منين بتطلعه اللحين بعد كل هالسنين ...وشيختك لك ...مايحتاج ..."
:
:
هز رأسه بالنفي ..."لا يمه ..و اذا لي اولاد عم ..لهم حقن علي ..وهذا حق لهم من شرع الله ..برده لهم عسى ابوي وعماني يرتاحون بقبورهم ...يمه انا مالي ولد ولا وريث ...وذاك شايفه الحمد لله ..ابي منهو يشيل اسمنا بعدي ...و منيب متنازل عن الشيخه ابد ..."
:
:
هزت رأسها بالنفي تمنعه ..."ياروح امك وشهوله هالهرج...لو يريحك روح دور عن ولد خالته اسأل ..مانيب موقفتك ابد ..."
:
:
هز رأسه بالايجاب ...وهو يهم واقفا بأصرار ..."لعمي جوهر حق برقبتي لا يمكن يضع ..."
:
:
تأملته مفتخره ...لقد ربت ابنة الصحراء شيخا وقورا رغم سنوات عمره الاربع و اربعين ..
شيخا يكنى بـ"عساف بن منصور اليوسف ..."
:
:
:
اغلقت كتابها وهي تنظر للنافذه الواسعه التى احتلت معظم جدار الغرفه ...
تعبت من الوقوف ..
يا الله ...سبحانه ..من لا يصعب عليه اعجازا ..
منذ شهور كانت بالكاد تستطيع تحريك نفسها ..
و الان تتعب من الوقوف ..
لقد ملت من كل هذا حقا ..تود بشده العودة الى المدينه المنورة ...
بعد اخر مواجهه مع عذبى والموقف الغريب الذي لا يفسر لم تستطيع التفكير بشيء ...
عداه ..
عدى عذبى والالتقاء الغريب بطبيبها ..
طبيبها السعودي الغامض ..كيف وصل الى هذا المكان ..ماقصته ..؟؟ما ماضيه ؟؟
ماحزنه ؟؟
ماصلته بعذبى ؟؟
:
:
وما شأنها هي ...وما اللذي ادخله لكل هذه الدوامات بعد غرفتها الصغيره في شقتهم القديمه ..
:
:
:
وهل يبنى حاضرنا الا على اضغاث الماضي ..
لماضي هو ما نكون ..
:
:
:
:  

العشق انفى للعشقWhere stories live. Discover now