الفصل الثالث

2.8K 246 123
                                    

سويسرا ثلاثة أشياء تخطر علي البال ، الساعات ، الشكولاة ، والحيادية ، تلك الحيادية التي ألتزمت بها منذ قرون تحجب عنها أدخنة الحرب بينما العالم يتناحر ويتصارع ، كانت ولا زالت مهد التنوع الديني ، اللغوي فهي تعتمد أربع لغات رسمية الألمانية ، الأنجليزية ، الفرنسية ، الأيطالية ، والأهم من ذلك التنوع العرقي حيث مختلف الجنسيات والطوائف الأوروبية تلجأ إلي  مكان واحد .. سويسرا

كانت في غاية الإرهاق يوم كامل مضي ولم يتوقف عن القيادة ، بين الأحياء المهدمة والطرق الوعرة بعيداً عن الحياة

هربت عينيها إلي النافذة بجوارها ، مشاهدة تواري الشمس في الأفق وسط الطريق الخالي من السيارات والأشجار والجبال والسحب تهرب بعيداً من سرعة السيارة ، كل هذا زاد القلق بداخلها

"لا نية لك في اختطافي"

قالت ممازحة تحاول تناسي الواقع وقد أمالت بجسدها للخلف تراقب الملازم الذي قبل بمساعدتها بدون مقابل ، وما كان منه سوي استراق نظرة خاطفه إليها ، ثم عاد إلي الطريق أمامه بدون التفوه بحرف

"إذن السلاح الجوي الملكي"

عيناها لم تبرح الشارة علي كتفه ، وقد انعكس الشعور بالغضب علي صوتها ، ليحرك رأسه بالإيجاب بابتسامة متكلفة تعلو شفتيه

"الملازم الأول زين مالك"

هربت ضحكة ساخرة من شفتيها بدون قصد ، حتي تخفي بها شعور الحنق الذي ينبع في داخلها

"دعني اخمن ، طيار برتبة ملازم أول تقصف الأبرياء في سبيل شارة"

"أهذا من شأنك ؟"

تحدث بهدوء مكبت عن غضب وعيناه لم تفارق الطريق الخالي أمامه ، ويبدو علي ملامحه الاستياء

صمتت تماماً وهي تلعن نفسها ، غبية كادت أن تكشف أمرها ، إن أرادت البقاء علي قيد الحياة عليها إغلاق فمها الثرثار

"لكنتك توحي أنكِ لستِ بريطانية ، من أين أتيتي ؟"

سأل بصوت هادئ يحمل وراءه الكثير من الأحكام الغير مفهومة لها ، فأزاحت شعرها البندقي إلي خلف أذنها حتي تشغل الأنتباه عن عقلها المضطرب بحثاً عن كذبة مناسبة

"من هولندا "

أجابت بصوتٍ منخفض بالكاد سمعه ، مرر بصره يتفحص النظر إلي ملامحها التي ساد بعض التوتر الظاهر عليها

"وما الذي أتي بكِ إلي سويسرا بمفردك ؟"

"النازيين قد إجتاحوا بلادنا ، لهذا أرسلني والداي إلي سويسرا هرباً منهم"

تحدثت بهدوء وهي تهتف فخراً في نفسها بجوابها الذي بدي مقنعاً

ما عليها سوي الاستمرار علي هذا النحو لبضعة أيام أخري حتي يتحقق مرادها للوصول إلي ساحرة أوروبا .. فرنسا

ارسمي الحرب معيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن