ارسمي الحرب معي

الفصل الثامن عشر

١٩٤١/١٢/٢٧

أقترب من الخزانة وهو يجفف شعره بالمنشفة المحاطة حول عنقه ، ويرتدي ملابس نومه ،حينما توقف فجأة أمام كراس التقويم

السابع والعشرون من ديسمبر

الأول من يناير

توهجت نظرات عينيه الثاقبة فور وقوعها علي تاريخ اليوم ، واليوم المشار إليه بخطٍ أحمر

مضي ثلاثة وتبقي أربعة

عقله متضارب تصورات عدة تجول بمخيلته أشعرته بالأختناق

صوت إغلاق باب غرفتهِ المفاجئ أنتشله من تفكيره ، ألتفت خلفه ليري تلك الابتسامة التي تخطف له أنفاسه، تلك الابتسامة التي لم يشاء أن يراها مجدداً

"أبقي بعيدة عني"

نبرته حادة ومرتفعه حينما رفع سبابته محذراً أياها ، حركت رأسه ترفض أمره وقد تلاشت ابتسامتها وحل مكانه العبوس

"تجنبت رؤيتي طوال الثلاثة أيام الماضية ولكن لا يمكنك الاستمرار في معاقبتي هكذا للأبد"

"جربيني"

خطوة تليها خطوة غير مبالية بتحذيراته لها ، هي فقط أرادت عودة الأمور كما كانت لم تعد تحتمل تجاهله الموجع

قريبة منه كفاية لتشبع عينيها من النظر إلي محبوبها ، بارد الملامح ذو الطابع الساحر الذي لم يكترث لها ولا لصوتها المتحسر

"فقط اسمعني "

ارتجفت متفاجئة منه حينما وضع يده علي فمها كي يسكتها وفي عينيه شئ غير مفهوم لها ،أشتدت قبضتهُ عليها للحظة يتأملها بوجهِ خالٍ من المشاعر وفي النهاية دفعها أرضاً

"ألم تسمعيني أنتِ ! .. أبقي بعيدة عني"

صرخ عليها مرة أخري كعادته لم يسمح لها بالدفاع عن نفسها ، علي الفور أندفعت من غرفته وهي مغمضة العينين لتتمالك دموعها المتساقطة

كم هو موجع الإنكسار علي يد أقرب شخص منك !

جرت إلي ملجئها الوحيد الذي يشعرها بالإمان بمجرد رؤيتهُ

بالطبع إلي أخيها ملاذها الأول والأخير في هذه الحياة

فتحت حقيبة أنسيل بعدما تأكدت أنه ليس في الجوار ، أخرجت القلادة وقربتها إلي صدرها لتزيل حزن قلبها

ابتسمت بإهمال وهي تحيطها حول عنقها ، للحظة شعرت وكأنها بين ذراعيه يخبئها من قسوة العالم

علي الفور تلاشي كل شئ حينما سحب أنسيل القلادة ، لتعود إلي حياتها الضائعة

"صدقاً إيرما .. أين العهد الذي بيننا ! "

شعرت بنظراته الحارقة تتأكلها وهو يكتف يديه إلي صدره في انتظار تفسيرها، حركت خصلاتها إلي خلف أذنها لتخرج توترها