الفصل الرّابع

1.7K 88 6
                                    

الأمر غريب كيف أنّه عندما تخسر من تحبّ في الدّنيا، يصبح أيّ شيء تقوم به بلا معنى، كأنّك كنت تعيش لأجلهم، وكلّ ما يمكنك فعله هو العمل، في وعلى أيّ شيء، أن تُبقي يديك وعقلك مشغولين فقط لتبعد تفكيرك عنهم، وإن كنت محظوظا، سيكون العمل شاقّا كفاية ليُتع...

Hoppla! Dieses Bild entspricht nicht unseren inhaltlichen Richtlinien. Um mit dem Veröffentlichen fortfahren zu können, entferne es bitte oder lade ein anderes Bild hoch.

الأمر غريب كيف أنّه عندما تخسر من تحبّ في الدّنيا، يصبح أيّ شيء تقوم به بلا معنى، كأنّك كنت تعيش لأجلهم، وكلّ ما يمكنك فعله هو العمل، في وعلى أيّ شيء، أن تُبقي يديك وعقلك مشغولين فقط لتبعد تفكيرك عنهم، وإن كنت محظوظا، سيكون العمل شاقّا كفاية ليُتعبك وتنال قسطا من الرّاحة ليلا.

كانت تلك هي إستراتيجيتي في العمل الجديد،..في البيت الجديد. أحيانا، عندما كنت في الحرم الجامعي، أستيقظ صباحا على صوت المنبّه وللحظةٍ أحسّ أنّني في المنزل، ثمّ أنظر حولي ويبدأ عقلي في الاستيعاب وأدرك أين أنا بالذّات، ثمّ أبتسم مشتاقا لوالديّ وأحسّ بنوع من الرّاحة عندما أعرف أنّني سأراهما نهاية الأسبوع. يحصل هذا معي هنا أيضا، أستيقظ ولا أتذكّر أين أنا ثمّ عندما أتدارك الوضع، لا أشعر بالرّاحة على الإطلاق، لأنّني أعرف أن والداي ليسا هناك على أيّ مكان من فوق سطح الأرض، أمر متعبٌ أن تبدأ نهارك هكذا كلّ يوم.

هُم عائلةٌ لا أجد لهم وصفا سوى الطّيبة والتّقوى..دائمو الابتسامة في وجهي ويهتمون بي جيّدًا؛ هناك جدّيْن، عبد الله الّذي وظّفني وزوجتهُ الّتي يدعوها جميع من في العائلة نانا، ثمّ هناك ابنتهما الّتي لا تخرج من غرفتها أبدا وعلى ما يبدو ابنتها قدر ذات السّابعة من عمرها والّتي تكاد، هذا إن لم تفعل بالفعل، تُفقدني صوابي.

قدر؛ مع أنّها تُشعرني كأنّني أحمقٌ كلّ الأوقات، إلّا أنّها مميّزة جدًّا، قليلة الكلام، كثيرة الابتسام، إلّا معي طبعا، تصلّي كلّ الصّلوات في وقتها حتّى الفجر وأحيانا تقوم الليل أيضا، تحفظ أكثر منّي من القرآن وتنامُ عليه أيضا، تنجذب للقرآن كما تنجذب اليرقات للضوء، ما إن تسمع القرآن حتّى تذهب أين يُتلى وتستلقي هناك حتّى تنام، جميلة ذات شعر شديد السّواد والطّول، عيون زرقاء و رموش كثيفة وطويلة وبشرتها بيضاء كالثّلج النّقي.

لطالما تساءلتُ كيف هو الوضع أو العيش داخل منزلٍ ووسطَ عائلةٍ ملتزمة، ولم أعتقد يوما أنّ إجابتي ستكون كالتّالي: كأنّك مُنتشٍ؛ ما إن تدخلَ للمنزل حتّى تحسّ بنسمةٍ باردةٍ متعطّرةٍ برائحة المسك تُنعش لك رئتيك بأنفاسٍ نقيّة كأنّ الهواء مُبارك، حتّى في الصيف ودون مكيّف؛ أكاُد أقسم مع أوّل خطوةٍ تخطوها داخل البيت حتّى تشعر بالرّاحة والأمان المطلق؛ مجرّد التّفكير به يُشعرك بذلكن ربّما لكثرة ما يُتلى من قرآن بين جدرانه، أو لقلّة ذنوب أصحابه، أو لكثرة صلاتهم وقوّة إيمانهم، أو كلّ ما سبق، لكن داخل ذلك البيت جنّة، جنّة لم أستطع الاستمتاع بها إلّا قليلا.

كل شيء بقدرWo Geschichten leben. Entdecke jetzt