| ٤ | لم يحن وقتكِ بعد

3K 230 142
                                    

"لا أزال حياً"

ما إن قرأتها حتي لازمت الصدمة فاهي المنفرج، ما الذي قرأته الآن، من كتب هذا؟
أيعقل أنها الجثة؟

لم أستطع أن أنتشل نفسي من تلك الصدمة، فجائني صوت أمي لينقذني من شرودي و بحر أفكاري الهائج، كانت أمي تناديني لنذهب،
خبأت المذكرة في حقيبتي، و أغلقت الغرفة، ثم نزلت للسيارة..

طوال الطريق كانت أمي تبكي، و تتلوا ما تيسر لها من القرآن و الأدعية، أبي كان كل فترة يمسح عينيه، أكاد أجزم أنه يبكي، لكنه يحاول إخفاء ذلك عنا، أما أنا فقد كنت شاردة في الطريق علي جانب السيارة، كنت أفكر ما معني كل ما يحدث، و لماذا يصر أبي علي إخفاء الحقيقة..

وصلنا إلي وجهتنا، و بعد أن صلينا علي حازم، توجهنا صوب المقابر، و من تَذمُر الناس الذين يحملون النعش أدركت أن النعش ثقيل، ربما هذا بسبب حجم الكفن المبالغ فيه!

وصلنا إلي مقابر عائلتنا، و بعد دعاء الشيخ و إلقائه خطبة عن الموت، حُمل النعش ليدخل مثواه..

لا أدري فيما كنت أفكر حينما طلبت من والدي أن أدخل معهم القبر، أنا حقاً شعرت بشيء يدفعني للدخول، حاول أبي منعي بحكم أني فتاة، و لا يجوز أن أدخل معهم، و لكني أصررت علي رأيي، فما كان منه سوي الانصياع لرغبتي البلهاء..

دخلت مع أبي، عمي و بعض شباب العائلة، و لا داعي لأن أصف لكم شكل القبر، فلا بد أنكم تعرفونه جيداً..

وضعنا جثمان اخي علي الأرض الرملية، فاقترب منه أحد الشباب ليكشف وجهه كما جرت العادة، لكن أبي صرخ فيه بألا يفعل؛ فارتاب الجميع من تصرف أبي الغريب، و خرجوا بعد أن وجهوا حازم نحو القبلة..

لم يبقي سواي مع أبي و عمي فريد، بقينا نحدق باخي مع سكب بعض عبرات الوداع، ثم هم ثلاثتنا بالصعود، أو أبي و عمي فقط من صعدا، لأني و بدون مقدمات أمسك أحدهم برجلي، تحديداً أمسك بها حازم، لا ادري كيف أخرج يده من الكفن الملفوف حوله، لكنه فعلها بطريقة ما لا تمت للبشر بصلة..

ناديت عليهما لكنهما لم يلتفتا، و كأني سراب، ناديت أكثر حتي وصل بي الأمر للصراخ، و لكنهما أنهيا السلم، و خرجا بالفعل بدوني..

"أﻻ يزال هناك أحد بالداخل؟"

سأل أحدهم فأجابه أبي بالنفي، ثم أُقفل الباب، مشكلتي هنا ليس أن الباب أُغلق، و أنا وحدي في قبر مع جثة متحركة لا تزال تقبض علي ساقي، بل المشكلة الحقيقية في أن ذلك الصوت الذي سأل أبي كان صوتي أنا، إذاً أنا الآن بالخارج مع أهلي، و هذا يعني أنهم لن يعودوا للبحث عني أصلاً!

لا تفتحوا الباب | Don't open the door «مكتملة»Where stories live. Discover now