أنها تعيش كابوساً
لا يمكن أن يكون هذا حقيقياً...لا يمكن وحسب ! لابد أنها نائمة....رغم أنها لا تدرى كيف أو متى . لابد أنها غفت فى مكان ما وبشكل ما لتجد نفسها فى هذا الحلم المريع المنفر. وهى الآن عاجزة عن الاستيقاظ و الفرار من هذا الحلم .
أسوأ جزء من هذا الحلم هو الصمت المفاجئ الذى ساد المكان بعد ما أعلنه ميغيل. صمت دفعها للنظر حولها رغماً عنها لتدرك فجأة عدد الأشخاص الذين سارعوا فعلاً للرد على صرختها . أناس تحلقوا الآن فى نصف دائرة يحدقون إليها يراقبونها بانتظار ردها.
يا إلهى! ليت هذا يكون حلم وليتها تستيقظ سريعاً !
حاولت ان تقرص يدها بقوة إلا أن هذا لم يأتِ بنتيجة سوى الألم.
تمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها لو يحصل أى شئ يخرجها من هنا يبعدها عن هذا الاحراج المميت وهذا العار الرهيب ويجعلها تختفى.
ليتها تستطيع أن تستيقظ و تكتشف أن هذا لم يحصل أبداً.
إلا أن هذا لن يحصل أبداً وأدركت فى لحظة مروعة أنها لن تتمكن أبداً من إنكار اتهامات ميغيل . لن تتمكن من ذلك حتى وإن ارادت أن تفعل. فهى لا تجيد الكذب أبداً ولو حاولت أن تكذب للاحظ أى فرد من أفراد أسرتها والدها أو أحد أخويها على الفور ادعاءها و خمن الحقيقة.
فى الواقع حتى ولو فكرت فى المحاولة لما نجح الأمر فقد فقدت فرصتها وترددت طويلاً وأدانت نفسها بصمتها. لو كان بإمكانها أن تنكر ذلك,لخرج الكلام من فمها تلقائياً وعلى الفور فى رد على اتهام ميغيل لها.....لأدانته من دون تفكير حتى.
وربما فُسر صمتها على أنه اعتراف . أمكنها أن تقرأ ذلك على الوجوه من حولها وفى الأنفاس المحبوسة و الهمس المفاجئ.
وظهر ذلك أيضاً فى الطريقة التى أرخى به أخواها من قبضتهما على جايك. لم يطلقا سراحه فى الواقع لكن طريقة إمساكهما به لم تعد طريقة معاقبة بعد أن ارتخت عضلاتهما قليلاً.
ــ مرسيدس.....
كان والدها من تكلم فيما التزم الآخرون الصمت التام.
ماذا يمكنها أن تقول؟ماذا هنالك ليُقال؟إذا ما أنكرت الأمر فماذا قد يضيف ميغيل؟ و.....أحست بطعم المذلة فى فمها حين تذكرت أن جايك يحمل معه (دليلاً) . اليد فى الذراع التى يمسك به أليكس قريبة بشكل خطر من الجيب الذى يمكنه إذا ما شاء , ان يسحب منه المنديل الحريرى ليزيد من إقناع عائلتها.
اعترفت مرسيدس رغماً عنها :"حسناً , نعم إنما ليس كما تظنون!"
ــ وهل من طريقة أخرى؟
لم تر والدها يوماً ينظر إليها بهذا الشكل و لم تشعر من قبل بوخز إدانته و بالانزعاج من رؤية عينيه الداكنتين تصبحان باردتين و بعيدتين .
لكن , ماذا توقعت؟فهذا خوان ألكولار . رجل يعنى له إرثه الكاتالانى و اسم عائلته كل شئ . ولطالما كانت سمعة العائلة من الأولويات فى أفكاره. واتهام ميغيل سلط الضوء على اسم العائلة بشكل سلبى أمام جمع كبير من الضيوف فى هذا العرس الأنيق. زهرة منسية
لعله ليس سيئاً بقدر الفريدو مدرانو الذى تزوج شقيقها رامون من ابنته للتو إلا أنه لا يزال ينتمى إلى المدرسة القديمة. لعله تقبل عشيقة جواكين السابقة و التى هى زوجته الآن فى العائلة إلا أن أبن خوان ألكولار أستقل عنه و بنى حياته بنفسه . أما التشكيك فى سمعة أبنته الوحيدة من قبل الرجل الذى كان من المفترض أن يتزوجها و فى مكان عام فمسألة مختلفة.
لا سيما أن معظم الموجودين من أفراد المجتمع نفسه الذى نبذ زوجة رامون الجديدة بسبب غلطة صباها.
ــ أنا.....
شرعت تعترض لكن بدا جلياً أن والدها غير مستعد لمناقشة هذه المسألة أكثر.
ــ سنتحدث فى هذا الموضوع لاحقاً....بمفردنا.
ــ أبى !
ــ لاحقاً.
ــ لكن....
رمق والدها الحشد من حوله بنظرة ثم عاد ينظر إليها بعينين باردتين . بدا جلياً أنه يكافح ليبقى مسيطراً على أعصابه.
ــ كفى.
ارتفعت يده وشقت الهواء و كأنه يقطع الحوار بحدة.
ــ قلت إنى لا أريد أن أتحدث فى الموضوع هنا.
كانت مرسيدس واثقة تمام الثقة من أن هذه الكلمة هى كلمته الأخيرة فى هذا الموضوع. فقد استدار واستعد للسير جامعاً عباءة الوقار من حوله كما يفعل دوماً عندما يهدد شئ ما رباطة جأشه وهدوءه و مركزه.
ــ هل يفيد إذا ما قلت لك إننا كنا مخطوبين؟
جاء السؤال من آخر مصدر ممكن توقعه....من جايك نفسه .
جاء بشكل غير متوقع و بشكل مجفل للغاية بحيث أسكت الكل و أوقفهم حتى والدها . فى الواقع كان قد خطا خطوة واستعد للتالية حين أبطأ سيره واستدار.
ــ ماذا قلت؟
تمهل جايك فى الرد.
فى بادئ الأمر أدار رأسه يميناً و يساراً و نظر تحديداً إلى حيث لا يزال أليكس و جواكين يمسكان به . لم يكن بحاجة لأن يتكلم فقد فهما مغزى رسالته, وأطلقا سراحه ما جعل مرسيدس ترتعش قليلاً . أليكس و جواكين لا يتراجعان أمام أحد لذا لابد أنهما رأيا فى هذا الرجل ما يستوجب الاحترام.
ــ قلت هل يفيد إذا ما قلت لك عن مرسيدس وأنا....مخطوبان؟
أنت تقرأ
الإنتقام الأخير - روايات احلام
Romanceالملخص لم يرد جايك تافرنر امرأة كما أراد مرسيدس ألكولار . لذا عندما نبذته بطريقة مؤلمة طالبته كبرياؤه المجروحة بالانتقام ـ ما الذى تريده تحديداً منى ؟ هذه المرة لم يتمكن جايك من كبح ابتسامته . فارتسمت على وجهه ابتسامة واسعة ماكرة ـ آه , مرسيدس ! ألم...