كُلّ الأُمنياتِ هيَ أَنت.

10.9K 366 48
                                    


صَباح الخَير ، هل يُمكنِني قولُ صباح الخَير؟ و أيّ خيرٍ هَذا و أنا لا أرى مُضيئتيك؟!
يبدو أنّه ليسَ صَباح الخير.

اللّيلة الماضِية ، و أخيراً بعدَ مرورِ شَهرَين إستطَعتُ أن أخطوَ خارجَ غُرفَتي المُعتِمة تماماً كقَلبي..
رغمَ أنّني لَم أُحبّذ حقاً الخُروج لكنّني فعَلت ، مشَيت وحيداً بِلا وِجهةٍ معيّنة
و أينَ قادَتني قَدماي ؟! أجل تماماً..إلى تلكَ الحَديقة.

لَكِنّها كانَت مُختلفة عَن قَبل..كُلّ شيءٍ كانَ رمادياً..
العُشب ، الشّجرة الّتي حفرنا علَيها أسمائَنا..بِالمُناسبة تلكَ كانَت أكثرَ حركةٍ خرقاءَ و طفوليّة قد فعَلتُها في حَياتي ، لكنّني لَم أندَم عَليها لأنّني قد فعلتُها معكَ أنت.

حتّى الزّهور لم تَكُن تملِكُ ألواناً كَما فِي السّابق بل رأيتُها باهتةً و ذابلةً تماماً كَروحي دونَك..

على أيّ حال دَعني أكمِل لكَ أحداثَ ليلَتي البائِسة الّتي لا تُهمّك.

تَراءى لناظريّ حَبيبان قَد إلتحَمَت يَداهُما بِبَعض.. لا أُنكِر الحَسدَ العظيمَ الّذي اجتاحَني حينَها..لوهلةٍ تذكّرت دفءَ أناملِك الّتي كانَت تَتناسب بشكلِ مُذهل معَ فراغاتِ خاصّتي.

تسائَلتُ..ما الضّرر إن كانَت تلكَ أيدينا أنا و أنت؟
ما الضّرر إن كنّا موضعَ ذلكَ العاشقَين اللّذين يَسكُران على حبّ بعضهِما و يُصبِحان و يُمسيان على أوجهِ بعضهِما؟

بعدَ ذلكَ المشهَد أنا لم أتمالَك نفسي ، تبادرَ إلى ذِهني فجأةً مشهدُ رحيلكَ القاسي لِتخرُجَ دُموعي المُتطفّلة تُشاركُني ما إستَحضرَته ذاكِرَتي مِن ألَم...
شهَقتُ شهقةً كانَت رُوحي عَلى وَشكِ الخُروجِ مَعها ، لقَد كانَت عاليةً بما فيهِ الكِفاية لتلفُت انتباهَ ذلكَ الشّاب و تلكَ الفتاة اللّذان إستَدارا بسرعةٍ و ملامحُ القلقِ تبدو عليهِنا.. و الشّفقة.

ما إن استدارا حتّى أطلقتُ ساقايَ للريح..مُقسماً بأنّني لن أطأ ذلكَ المَكان مجدداً و لو عَلى جُثّتي.

ركضتُ و ركضتُ و ركضتُ ..تاركاً نَسماتَ الهواءِ تَتخَلخَل بينَ خُصلِ شَعري و تُداعِب وَجهي المُبلّل بالدّموع الحارِقة ، لم أعلَم إلى أينَ أنا مُتّجهٌ ، و لم أهتَم..لرُبّما يقتلُني مجرمٌ ما في إحدى تلكَ الأزِقة المُظلمة و أرتاح.
بعدَ عدوِ لِمُدّة ليسَت بالقصيرةِ بدأ التّنفسُ يصبحُ صعباً حتّى قرّرت التّوقفَ في منتصفِ الرّصيف سانداً كفّتا يديّ عَلى رُكبتي ألهثُ بِصُعوبة.

إرتمَيتُ في النّهايةِ عَلى الرّصيف البارِد بِلا مُبالاة ، و هكذا باءَت مُحاولتي في العودةِ إلى الحياةِ بالفشَل الذّريع..أريدُ العَودة لكنّني ما زلتُ متعلقاً بآثارِك ، ما زلتُ سجينَ ذِكرَياتك..أخبِرني ماذا عَسايَ أفعَل؟

أنا فقَط تكوّرتُ عَلى نَفسي و ضمَمتُ رُكبَتيّ إلى صَدري بادِءاً نوبةَ بُكائِي الهِستيريّة المُعتادة..
أنينُ ألَمي أصبحَ مَقطوعةً علَيها أن تُعزَفَ كلّ يَوم.

هَل أنا بكَيت فِي مركزِ المَدينة كالأطفالِ الّليلة الماضِية؟
أجل لقد فعَلت ، و يا لِلصُدفة..لم يكتَرِث لي أحَد.
ناسِ هُنا و هناك ، أصواتُ قرعِ أحذيَتِهم تملئُ المَكان..كلّ منهُم يهتمُّ بشأنهِ الخاص غيرَ عابئٍ بذلكَ الفَتى الّذي ينتحبُ عَلى الأرضِ كالأطفال..
عَلى الأرجحِ هُم قد ظنّوا أنّني مُختل.
و هم محقّون..أنا مجنونُ بكَ أنت.

أي سوءٍ و أيّ ضررٍ قد يحدثُ لهذا العالَم إن كُنتَ الآن تحتَضِنُني وَ تَحتويني بكلّ ما فيّ من ندوبٍ و جروحٍ قد خلّفها الزّمن؟ ما الّذي قد يحدُث إن حاولتَ إحتواءَ حُزني لبعضِ الوقتِ كما كنتَ تفعَل سابقاً؟
هل الأمرُ أصبحَ ثقيلاً عليك؟ حسناً لا بأس..لا أريدُ أحضاناً و لا كلماتٍ مَعسولة..
لا أحاديثَ و لا حتى خِصامات..
فقط أريدُ الإحساس بِوجودِك.
لا تُريد؟ لا بأس أريدُ أن أعلمَ فقَط أنّك على قيدِ الحَياة.
أريدُ أن أعلمَ أنّك تتنفّسُ و بشكلٍ جيّد ، حتّى لو كانَ ذلكَ بِدوني..لا بأسَ مجدّداً.

لكِن كما هيَ باقي رَغباتي ، أعلمُ أنّ هذه الرغبة لن تَتَحقّق.
مع أنّها أصبحَت رَغبتي الوَحيدة الآن ، أُمنيَتي و طَموحي و غايَتي و هَدَفي الوحيد.

أتَرى؟ كُل الأمنيات أصبحَت أنت.
و كل ما أنَا مَحرومٌ مِنه ، هوَ أنتَ أيضاً.

مُعَذّبِي || VK ✔️Where stories live. Discover now