ROBOT

|6|

الصمت ثرثار لا يرحم دواخلنا

نحن الفئة الصامتة و لو تحدثت
أولئك الذين على منصةِ أعينهم تُتوج الردود بدلاً من ثغورهم ،الفِئة التي لا تنتمي لأحد ولكل أحد في الوقت نفسه

يجب عليك أن تستوعب أنك حين تقوم بطلاء ثلاثة جدران لن يثنيوا عليك و يخبرونك أنك أبليت جيداً بل سيسألونك لما الرابع بدون طلاء؟ لا أحد يقوم بتقدير جهدك ظنناً منهم أنهم حين يقللون من قدرتنا سنحاول أن نبهرهم في المرات القادمة لكن التقليل من مجهود أحدهم سيجعله يتوقف عن المحاولة ... هذا ما كان جدي يخبرني به دائماً ، كان يكرر نفس العبارة بكل ظروف الحياة و اختلافاتها

كان يخبرني أن التنفس ليس دليلاً كافياً للتفريق بين الحي و الميت و الموت لم يكن ملزماً فقط بالأحياء فالذين يتوقفون عند نقطة معينة من حياتهم تاركين إعادة مشاهدهم البائسة شريط يرافقهم في رحلة انتظار اللاشيء ، هم أموات لم يدفنهم أحد

أمي تشعر بالقلق عليّ ظنناً منها أنني إنطوائي و كل يوم أزيدُ في تضيق حلقة الناس حولي ، هي تخبرني أنها خائفة لأنني لا أشبه الذين في سني ، لكن كلا يا أمي أنتِ مخطئة فالإنطوائي يخاف من الناس أما أنا فأكرههم و هذا فرق كبير

أكره أسألتهم الفارغة التي يرمونها عليك بدافع الفضول لا الحب و أشمئز من أجوبتهم الممتلئة بأشياء غبية تتستر بقناع مرصع بكلمات منمقة تبدو للوهلة الأولى أنها رائعة لكنها سلعة رخيصة من المجاملات المقرفة التي يتبادلونها غاية الظهور بصورة المجتمع المثقف ، يهربون من الصمت و كأنه جهل لكن الجهل حقيقةً هو فلسفتك و حديثك في شيء لا تعمل أو تؤمن به فقط لإبهارهم

نحن نصمت كثيراً أجل لأن الفئة التي نحاكيها لا تريد الوصول لنتيجة غير أنهم محقين لذا لا بأس من مسايرة الحمقى بدل من تضيع الوقت معهم

ينصتون للجزء الذي يعجبهم فقط من كلامك
اتعرفون ما يعجبهم ؟ الفضيحة .. يركضون للسؤال عنك ليتأكدو أن حالهم أفضل من حالك ، يحبون الإنصات لتلك النصوص التي تجعلهم يتحدثون عن كم أنهم مثاليون و لا يفعلون مثلك أبداً فهم طاهرين حاشاهم الخطأ

كمثل مرة قلت إن الله غير موجود .. في قلوب أولئك الذين يستغلون نقاط ضعف الآخرين ليحققوا غاياتهم

من النص كله لم يلفت نظرهم إلا قولي أن الله غير موجود لأكون الشيطان الملحد و هم الملائكة المنزلة .. لكن هل وضحتُ لهم الصورة ؟ بالطبع لا لأنهم لا يريدون الحقيقة سوى تلك الموجودة في رؤوسهم بدل عقولهم

لا تحاول التبرير فالناس يعرفونك جيداً لكن بالطريقة التي هم يريدونها