٣

786 121 251
                                    

عدد الأشخاص الذين يضيفون العمل لقوائم قراءتهم يخيفني :/

شكرا لكم❤

***

-سيدي، لقد وصلنا.

أعلن السائق، لتلتحف ذكرى السفينة، مختبئة -لبعض الوقت- فيحل مكانها التفكير بلقاء عائلي، له طعم آخر.

نزل من العربة، فَهَمّ بتعديل هندامه.
لطالما أحب اللقاءات العائلية من هذا النوع: حيث يترك الجميع مشاغل الحياة خلفهم؛ أمنية بلقاء يبدد الهموم، وينزل السكينة حتى الخلود.

دخل إلى الفندق الملكي-بيته الثاني والفندق الوحيد من نوعه في مدينة الزبير جنوبي محافظة البصرة، الذي توارثته عائلته كما تتوارث صخور الشلالات مياهها.
ألقى التحية على الحراس، عندما كان متوجها نحو الباحة الخلفية للفندق الملكي، لكن موظف الاستقبال أوقفه قائلا:

-سيد مسلم، أهلك لم يصلوا بعد.

-لمَ؟ لقد اتفقنا أن نلتقي اليوم؟

-نعم، لكنهم لم يشاؤوا الخروج في جو سيء كهذا، قال والدك أنه يخشى على أمك وأختك من المرض، أو الخطر في وقت كهذا؛ فالكثير من قطاع الطرق سيجدون في هذا الجو فرصة للقتل والسرقة.

-كان عليهم إخباري...

-أظن أن الجو سيبقى هكذا ليومين على الأقل لذلك جهزت غرفتك بشكل كامل لترتاح فيها.

أرخى جسده مستسلما.
فكر سابقا أن يراسلهم للتأكد من اللقاء لكنه استبعد فكرة عدم مجيئهم.
شكر الموظف واتجه صوب مكانه المفضل-المكتبة.

استطلع الكتب بعينيه، وهو يسير قرب الرفوف، حتى وقعت إحدى عينيه على كتاب جذبه، فأخذ الكتاب، واتجه إلى الجزء الخلفي من المكتبة، قرب الشباك، المواجه للحديقة الخلفية، حيث كانت الأشجار تواجه هبّات الريح والمطر الشديدين.

يبدو أنه لم يلاحظ قطرات المطر الخفيفة في الطريق، ولم ينتبه إلى اتساخ حذائه إلا عندما نظر للممر الذي قطعه، وقد كانت خطواته مطبوعة على الأرض بآثار من الطين.
أحس بالخجل، وأدار وجهه للجهة الأخرى، مع القليل من الغضب؛ عندما أحس بسوء فعلته.
هناك، حول الطاولة القريبة منه، انتبه لفتاتين كانتا تقرآن كتابا، وتتناقشان حول عناصر الرواية، فقالت إحداهما:

-لم يذكر الزمكان في كل أعماله إنما أعطانا مشاهدا فقيرة عن الوجود فهو يطلب من القارئ تخيل عالمه الروائي الذي يصنعه دون خلق السبل لذلك. فقد تكون شخصية الرواية عراقية مثلنا لذلك فهي تمتطي حصانها لتنتقل من مكان لآخر، أو قد تكون إنكليزية تصعد في سيارتها عالية الرفاهية.
عليه أن يخبرني أين أنا لأبد بالتخيل فلن يخرج خيالي خصبا من اللاشيء.

ابتسمَ لحوارها، ثم أنزل رأسه ليبدأ رحلته الخاصة.
لكنه تفاجأ عندما قرأ اسم الكتاب أمامه 《نجمة إسرائيل》 حيث كان مكتوبا على مطلعه 《من يدخل أرضنا المقدسة سيخرج منها روحا بلا جسد》
لم يتذكر أخذه لهذا الكتاب، فقد ظن لوهلة أن أحدا وضعه أمامه.

أحس بصداع خفيف بدأ يغمر رأسه دفعه للتفكير في أخذ قسط من الراحة؛ فنهض من مكانه وذهب ليعيد الكتاب لكن إرهاقه جعله ينسى من أين أخذه حتى!
اتجه نحو صاحب المكتبة ووضع الكتاب أمامه ليعيده، فهو أعلم بمكانه، ثم خرج.

أعاد صاحب المكتبة الكتاب، لكنه أعاده لجيب حقيبته الخاصة وليس لرفوف المكتبة.

أما مسلم فقد أخبر موظف الإستقبال أن يرسل برسالة للميناء يعتذر فيها من السيد آبيف ويخبره أن يؤجل لقاءهما للإسبوع القادم بسبب مشكلة مفاجئة.
صعد بعدها الدرج وتوجه لغرفته المعدة مسبقا، لم يكابد لتغيير ملابسه المحملة برائحة المطر إنما التحف سريعا ليتخلص من ألم رأسه...

***

يبدو أنني ساستمر في وضع فقرة واحدة في كل فصل
أظن أن الأمر أفضل هكذا لأعطيكم مجالا للتفكير في كل جزئية بشكل منفصل.

هل خرجتم بشيء من الفصل؟

ماهي توقعاتكم للغد؟

ملاخ همافيتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن