تَشابتّر ٢.

5.7K 363 103
                                    

فَي صَباحٍ اليَومِ التَالي، كِانتْ أنِواعُ العَصافِيرُ تُزَقزِقُ بلِحنٍ عَذِبٍ فَوقَ الاشَجارِ ذِات الخَضارُ المُصفرْ .،الشَمسُ لاحِت فَي الافُقِ وتَمركَزتْ فَي قَلبِ السَماءِ مُعلِنةً بِأنهُ لا غُيومَ ولا أمطِارٍ اليَوم.،لِنعكَسَ ضَوئها النِاصِعُ فَوقَ أورِاقِ الاشَجارِ مُعطيةً لِوناً خَلاباً وسَاحِراً للأبصَارِ.

بِدأ النَاسُ يَتوافِدونَ فَي الشِوارِع والازِقةْ الضَيقةُ فَي تَلكَ المَدينهُ ذَات الطَابِع البَسيطُ والجَميلُ.كُلٌ مِنهم يَذهبُ لِعملهِ المُحدد.فَمِنهُم مَن يَأخذُ أطفالهُ لِلمدرسةِ ومِنهُم مَن يَذهبُ هَو للِمدرسةِ ومِنهُم مِن يَخرِجُ فِي رِحلةٍ للأستِجمامِ والتَرفيهِ عِن النَفسُ ومِنهمُ مَن يَذِهبُ لِمكتبهِ ومِنهُم ذَلِك الرَجلُ العَجوزُ الذي يَعملُ كَبوابٍ فَي أحدىْ العِمارّاتِ السكَنيةُ .

كَان يُنِضفُ رَصيفَ الشارِع التَابعُ لِتلكَ العِمارةُ التيْ يَعملُ بِها،يَسمعُ الناسَ الذيِنَ يَمرِون ذِهاباً وأياباً يَتكَلِمون عِن جَمالِ الطَقسِ اليِومِ وعِن أخِتلافَهُ عَن باِقي الأيامُ، فَألاسِبوعُ الفَائتُ كَان مَليئاً بألامطارِ والبِرودةِ والعِواصِفُ الرَعديةُ..فَهذا مُحتَملٌ فَي شَهرِ دَيسَمبرّ البِارِدُ ولِكنَ طَقسَ اليِومِ كَان مُختِلفٌ تَماماً.

ولِكنَ مَا يَشِغَلُ تَفكِيرهُ أكِثر هِو ذَلكَ الفتَى العَنيدُ الذِي يَحبِسُ نَفسهُ فيْ غُرفتهِ لِمدةُ أسِبوعانِ ،لا يَأكِلُ ولا يَخرِجُ مِن غُرفتهِ وغَير قادِر عَلى فَعلِ أي شيْء..فَقطّ بضعُ قَطراتٍ من الماءِ يَبتلعِهُا..هَذهِ هَي السَخافةُ بِأمِ عَينها.

فَجأءةً قاطَعَ تَفكِيرهُ العَميقْ صَوتٌ رَقيقٌ ناعِمٌ يَهمِس بِقربهِ، أدارَ الرَجِل رَأسهُ لِيرى أبنتهُ تَقِفُ خَلفهُ بِهدوءٍ وفَي عَيناهاْ ذَاتَ السَوادِ الحَالِك نضراتٌ ناعِسةٌ تَدِلُ عَلى نِهوضها تَواً مِن السَريرِ.

؛"عَزيزتيَ لِما نَهضتيِ مُبكِراً،عَودي لِسريركِ الدافِءُ هَيا".
أردفَ مُتكلِماً بَينما يَداهُ لَم تَتوقفَ عَن العَملِ والتَنضيفِ المُستَمِر.،

؛"أبا..،هَل كَ..كَلمتَ تَايهَيونِغ اليَومُ..؟؟!أرجِوكَ أبا كَلمِهُ أرجِوك.."
نَطقتْ بهِدوءٍ وبِأكثرِ النَبراتِ تَوسلاً وفَي عَيناها لَمعةٌ هادئةٌ
؛"رَانوليسا بُنيتيَ..سَوفَ تَمرضينَ أن بَقيتي هَكذا هَيا عِودي للداخِل.."
؛"لَن أعَود حَتىٰ تُخبرنيَ أبا..، هَل كَلمتَ تَاي؟ "
رَدفتْ بَرغبةٍ واضِحةٍ وبَنبرةٍ مَائلةٍ للِبُكاء،

؛"أجل لَقد كَلمتهُ.. حَاولتُ جَاهداً جَعلهُ يُغيرُ رأيهُ لَكن بِدونِ جَدوىٰ فَأنتِ تَعرفين تَاي وطِباعَهُ..، وكَأني أجَمعُ و أضَعُ المَاءَ فَي سَلةٍ مَثِقوبةٍ. ".
؛لَك..لَكن أبا.. ألا يَوجِدُ خَيطُ أمل..؟! "

الشُرفة.Where stories live. Discover now