[الفصل الأول]

4.1K 242 179
                                    

داعبَ نسيمُ الهَواءِ البارد وجهي وخُصلات شعري ليُخرجَني مِن شرودِ عَقلي الذي ألهاني عمَّا يحدثُ مَعي، نظرتُ لجانبي الأيمن لأدرِك وقتها كَمّ أنني وَحيداً بَائساً بِلا ظَهر، أبصرتُ أمامي لأجدهُما يسيران سوياً مُتشابِكا الأذرُع، وقتِها تحطمَ قلبي وتألمتُ كثيرًا.

حَدقتُ بظهريهُما بينما يتسامَران ويضحكان بلا ذنب كأنني طَيفهُما الذي يسيرُ خلفهُما.

هُما صديقي المُقرب هيونكي وزميلٌ لنا بالجامِعة تَعرفنا عليه منذُ إسبوعَين .

ما اسمهُ حتي؟ لا أتذكره.

أنا وهيونكي وهو وبعض الأشخاصِ الآخرين نعملُ علي مَشروعاً خاصاً بالجامعة بعدما وُضِعنا بمَجموعةٍ واحدة ، تبادلنا أرقام هواتفنا لمُساعدة بعضنا لا أكثر، ولأنني لم أكُن بحاجةٍ لأي شخصٍ إلا هيونكي، فلم أتحدث مع أحدٍ مِنهم بولا حرف.

هذا ما فَرضَتهُ عليّ نفسي، بأن هيونكي يَكفيني فقط، سأسأله هو فقط ، لستُ بحاجةٍ لغيره، سأتحدثُ معه هو فقط، لن أتعرف علي أحدٍ غيره، لن أسمح لأي شخصٍ بدخول دائرة أصدقائي غيره.. حتي وجدَتُ دائرةَ الأصدقاءِ خاصتي إنغلقت عليّ أنا وهو فقط، وقت إيقاني بهذا لم أجزع، فأنا أؤمنُ بأنَ صديقٍ واحدٍ حقيقيّ خيرٌ مِن ألف صديق مزيف.

شعرتُ بالغيرة، كما شعرتُ وكأنني مُغفلٌ كبيرٌ يسيرُ بالخلفِ وقت الحاجه، شَددتُ علي قبضةِ يداي الباردتان ثم زفرت الهواء ليَخرجُ دخاناً مِن فمي نظراً لبرودة الجو، فنحن في ليالي ديسمبر الباردة، أسرعتُ في خطواتي لألحق بهما وما إن وصلت إليهما حاولتُ الإنضمام لهُم في الحديث، ولكن لم يكُن هُناك مَن ينتبه لكلامي وكانا يُقطعاني كثيرًا وكأنني لم أكُن أتحدث.

شعرتُ ببركانٍ يثور بداخلي، تلك المرةِ الأولي التي يحدث بها معي هذا، دائماً أكونُ أنا مكان ذلك الشخص الذي يسيرُ بجانبِ هيونكي.

"ما هذا؟ أليسَ مِن المُفترضِ أن نسيرَ معاً؟ هل أصابَكُما العمي ولا تراني؟" سألت بعصبيةٍ بينما أسحبُ ذراعَ هيونكي للخلف بقوةٍ ليتوقفا وأحصلُ علي إنتباههما.
"وما مَنعك أن تفعل هذا؟" ردّ ذلك الشخص مُمَثلاً البرائة.
تَجاهلتهُ ووجهتُ نظري لهيونكي الصامت والذي يحملُ علي وجهه تعابيراً غريبة، حاولتُ تجاهلها "ماذا حلَّ بِك؟ منذُ متي وأنتَ تتعامل معي هكذا؟" تلفظتُ بنبرةٍ أهدأ مِن الأُولي بعدما رأيتُ أعينَ الناسِ المُتوجهَه نحونا.

صمت هيونكي قليلاً ناظرًا للأرضِ ، رفعَ نظره ثُم تنهدَ ونظرَ لي "جونغسو، أنتَ أصبحتَ مُملاً ، لا أريد أن أعرفكَ بعد الآن." أخبرني بإبتسامةٍ ساخرة، ووقتها أيقنتُ سببَ تلك التعابير، وقعَ عليّ حديثه كوقعِ صاعقة علي منزلٍ مِن خشب، تدمرَ كاملاً.
"ماذا حدث؟" حاولتُ الحفاظَ علي ثباتي أمامَهُما وألّا أنهار عكس ما يحدثُ داخلي.
"بكلِ بساطةٍ.. أنتَ لم تعُد صديقي المُفضل ، وهو يضحكني عنك ويتحدث أكثر منك، وأيضًا أقضِ معه وقتًا مُمتعًا عنك، وبصراحة صمتك تلك الفترة يزعجني كثيرًا وأنا لا أحب هذا." ردَّ ببساطة، وكأنه لا شئ.

لم أكُن أعلم أن عقله صغيرٌ هكذا! تلك هي نفس الأسباب التي يقولها الأصدقاء بالإبتدائية عندما يُريدان التفرُق.

حافظتُ علي ثَباتي ، وعوضاً عن عدمِ صُراخي عليه أو صفعه أصبحتُ أتكلمُ بوقاحةٍ لأُخرجَ ذرةً مِن ما بداخلي ورداً علي إحراجه لي: "هذا لأنك أصبحت تملكُ شخصيةً مهزوزةً مؤخرًا ، وتعرفتَ علي بهلوانٍ، أمّا أنا مُجرد إنسان طبيعي، ولن أتغير لأجلك."

تغيّرت نظراتهما إلي الغضبِ ولم يَتلفظا بحرفٍ لأدرِك وقتها أنّ ما عليّ فعله هو الحفاظ علي هَيبتي وكَرامتي والإنسحاب دونَ المُحاولة معه بأن نتغير ونفتحُ صفحةً جديدة.ً

تدَحرجَ نظري بينهما بإشمئزاز ثم أردفتُ باسماً بسخرية: "أنا أيضاً لا أريدك أن أعرفك بعد الآن، إحترقا سوياً." ثم أدرتُ ظهري عكس تجاههما وتحركت قدَماي لتأخُذني للامكانِ.

..

ضاقَ عليّ صدري لدرجةِ شعوري بأن قلبي يعتصرُ بالداخلِ، لم أستطِع السيطرة علي دموعي أكثر مِن ذلك لأسمح لها بالهُطول، إرتديتُ قُبعة الهودي الأسود الذي ارتديه وأنزلتُ خُصلاتِ شعري لتُغطي عيناي حتي لا يري أحدٌ دموعي، لطالما كَرهتُ ذلك، حشَرتُ يداي الباردتان داخل جيب الهودي لتدفئتهما.

لازلتُ أسير بعشوائيةٍ ولا أعلم إلي أين ستقودني قداماي فقط إستَسلمتُ لهُما.

مرَّ شريطُ ذكرياتي أنا وهيونكي سوياً مُنذ المرحلةِ المتوسطةِ، لطالما كنتُ أحبُ الجلوسَ وحيدًا أستمعُ لموسيقتي المُفضلة، ولكنه بادرَ بالتقدم نحوّي، حملَ صينية طعامه وجلسَ بجانبي وبدأَ بالحديثِ معي، بالبداية كنتُ أشعرُ بالإنزعاجِ؛ لأنني تعودتُ علي العزلةِ والهدوءِ، ولكن مع مرورِ الوقتِ بدأتُ أندمجَ معه وأنغمسَ بأحاديثنا المُختلفه لساعاتٍ دون أن أشعر، لم يكُن ذلك سهلاً بالبداية ولكن بعدَ ذلك إكتشفتُ كم أنني ثرثاراً .. وهو يقولُ الآن أنني قليلٌ الكلام! جميعُ مَن تعرفَ عليّ وتعاملَ معي إعترفَ بأنني شخصٌ مرح ومُمتع، وهو يُنكرُ ذلك الآن! رُبما لأن مزاجي أصبح مُعكَرًا الفترةِ الماضيةِ بسبب مشكلةٍ مع عائلتي ، ولكنه صديقي ويجبُ عليه تحمُلي بكلِ ظروفي مَهما كانت وإلا فهو لا يستحقْ هذا اللقب.

ولكن .. لن أنكرَ أنه كانَ مَن عَوضني قليلاً عن كل صديقٍ أسأتُ بإختياره كما أسأتُ بإختياره .. أهذا يعني أنني سأحصلُ علي صديقٍ آخر يفعل ما فعله؟ تلك هي دوامة حياتي التي أدورُ بها.

أكره كم أنني عاطفيًا غريب الاطوار عم غيري من الشباب، وأشعر بالغيرة كثيرًا.

أشعُرُ وكأنني سأنفجر، أريدُ الفضفضه لأي شخصٍ بما حدثَ معي، لطالما إعتدتُ علي فعل ذلك معه ، ولكنني لم أعدْ ذلك الشخص الذي يهربُ منه إليه بعد الآن.

-----------------------------------
----------------------

مرحبًا. ♡

كما يعلم البعض فقد تم إجراء تعديلات علي الرواية وتم تغيير الشخصيات إلي شخصيات خيالية، وتم تغيير أسماء بعض الشخصيات، ثم تم إعادة النشر.

إذا أعجبكم الفصل لا تنسوا دعمي بالڤوت وترك تعليقاتكم اللطيفة. ♡

وأيضاً بإنتطار رأيكم. ♡

شكراً لكم ودمتم سالمين. ♡

°نصيحة ديسمبر°Where stories live. Discover now