12-هاتف ينبش الذكريات

7.1K 232 26
                                    

كانت ياسمين تشعر بتأنيب ضمير واضح مما فعلته بنوار ، والحُرقة تزداد بإختفاء الرجل ، بحثت في اقسام الشرطة ووضعت اسمه في المشافي ، حتى انها سألت صديقة لها على المعابر والمنافذ الحدودية ولكن دون جدوى او رد كانت تعلم ان ل نوار صديق وحيد هو رضوان كان صديقه بالعمل منذ كان شابا ، ذهبت الى العمل وسالت عنه لكنها علمت انه تقاعد ولا أحد يعلم عنوان منزله هم فقط يعلمون بأي حي يقطن لكن لا يعلمون بالتحديد أين وهذا صعب المهمة على ياسمين وهي تعلم أن لا احد يعلم مكان نوار الا رضوان ، وبالتأكيد لا أحد يعلم عنوان رضوان بإستثناء نوار .
هذه الحالة النفسية جعلتها تهمل طفلها وتتركه دون اهتمام وخصوصا انه بعمر صغير، كانت تحس انه غلطة وشيء ما كان يجب ان يكون ، وهذا زاد من كآبتها ، في احدى الايام وبينما كانت تعاين مريض اكتشف إصابته  بالسرطان حديثا  وتفحص له ضغط دمه في احدى غرف المشفى الواسعة جاءت ممرضة لتقول لها

- دكتورة ياسمين ، لديك هاتف في مكتبك .

اهتز قلبها واحست بتوتر وقالت - حسنا انا قادمة .

انجزت ما تقوم به بسرعة واتجهت عبر رواق ضيق ، يفصل بين اجنحة المشفى تنبعث فيه رائحة ادوية ولو ان المعطرات ورائحة مواد التنظيف كانت واضحة ، مشت ياسمين بخطوات متناقضة تتباطئ احيانا وتتسارع احيانا اخرى ، ذلك لانها لا تتلقى اتصالات بالعادة ، فكرت من يمكن ان يكلمها الا شخصين زوجها امجد ، وهنا تصاب بإحباط من الفكرة فتتثاقل الخطوات او نوار ، وهنا تدخل بارقة امل في قلبها فتتسارع قليلا خطواتها ، لقد احست ان ذلك الرواق وكأنما يمتد لكيلو متر او اثنين ، احست انه لا ينتهي فكلما مشت خطوة انبثقت امامها عشر خطوات جديدة ولعل ذلك مرده الى حالة الكآبة المزرية التي تعيشها ، والتي جعلتها لا تهتم بشكلها على عكس عادتها ، فشعرها ليس مسرحا بالطريقة المعتادة وعطرها لم يعد يفوح في كل المشفى ولبسها بات عاديا جدا وغير منسق بل انها لم تعد تزيل الشعر الزائد حول حواجبها كما كل النساء ، وهذا امر لاحظة كل العاملين في المشفى ، بتلك الحالة الرثة ، تابعت خطواتها المتثاقلة بإتجاة ذلك الهاتف اللعين الذي زاد من توترها ، وزاد من انقباضات قلبها ، واخيرا وبعد ان احست بمرور دهر انتهى ذلك الرواق وبان من بعيد باب مكتبها ، الذي خصصته ادارة المشفى لها ، مدت يدها لتفتحة وتدخل ، لترى الهاتف الابيض اللون والموضوع فوق طاولة مكتبها بجانب بقية مستلزمات المكتب من اوراق واقلام واختام وسماعة الاذن الخاصة بالاطباء ، وضعت سماعة الهاتف الى جانبه ، دون ان تجلس امسكت السماعة ووضعتها على اذنها وقالت بصوت متهدج يملئة التعب والارهاق وبعض الامل .

- الو

ثم سادت لحظة انتظار ، قد تكون ثانية لكنها بمقاييس الحالة النفسية ل ياسمين دامت لأشهر

لا رد .......

اعادت السؤال - الو .... من يتصل انا الدكتورة ياسمين
....

الجاحدة .....Where stories live. Discover now