15- اختلاجات

6.4K 211 32
                                    

مضى شهر ولا زال نوار غارقاً بنومه العميق ، غيبوبه اخرجته من الحياة الى عالم اخر يشبه النوم ، يحتمل ان يستفيق ويحتمل العكس ، والمسكينة ياسمين ، تجلس وتنتظر لم ترى طفلها الصغير عزام خلال هذا الشهر إلا عدة مرات ، كانت تدفع لدار العناية بالاطفال  لكي يعتنو به، لم تكن مهيئة لتكون ام ولم تحب يوما هذا الموقع ، بل كانت عكس ذلك تتمتع بدور من يحيط بها الاهتمام والعناية ، كانت امراة قوية ولكن بظهر وسند حقيقي كان خلفها.
هو نوار لكان سرعان ما تعرت من قوتها عندما إنهار ذلك الجدار المنيع خلف ظهرها ، ذات مرة قرأت عبارة في إحدى الروايات الرومنسية العتيقة  وجعلت منها شعار لها "المرأة القوية هي التي يقال عنها كانت .....فارادت ....فاصبحت وحققت ماتريد ..."
ولكنها في الواقع لم تنفذ من تلك العبارة اي شيء فهي لم تحقق اي شيء يستحق الذكر علاقتين زوجيتين فاشلتين وطفل مهمل ، وحبيب محطم مات بسببها مرتين....
مات بقلبه الذي اكتوى بنار حبه لها مرة ، ومات بجسده الذي دب به المرض دبيب النمل مرة اخرى.
فجأة وبينما كانت تحملق بصفحة وجه نوار وكأنما تراءى لها صوته يقول لها

- لماذا فعلتي بي كل هذا !!!

تبسمت وكأنها تكلم ذاتها ، وقالت

- لقد اعتبرتك جزء من المؤامرة التي حيكت ضدي ، من زوجة والدي وخالتك ، لقد سُرقت من طفولتي الى فراش الزوجية ، وانا طفلة لا زالت تتمسك بلعبتها ،
لا ادري يا حبيبي لما فعلت معك كل ما فعلت ، انما هو ذلك القلب الاحمق الذي لم ينبض يوما إلا لك ولكنه متآخرة اخبرني بذلك ، تتزاحم الحروف والكلمات على نافذة ذاكرتي لتختار مفردات تليق بمشاعري ، هو جنون او ضياع هو خضوع او انصياع ، هو تملق او رياء هو استسلام ورفع لكل الرايات البيضاء .
أدركت متآخرة يا نوارة قلبي ونور عيني ، ‏ليس كل جميل طيب القلب ولكن كل طيب القلب جميل فأقسمت ألا اخسرك ، من الصعب أن تخسر قلباً يخاف عليك فـ هناك قلوب لا تعوض ‎وقلبك يا حبيبي ويا ابي ويا اخي ويا كل احلامي قلبك لا يعوض ابدا ....

بينما كانت ياسمين تناجي نوار كالمجنونة التي تقف تكلم قبرا لا ينطق تهامست تلك الممرضة الممتلئة الارداف والمنفوخة الجسد مع زميلتها التي تعاكسها في شكل جسمها فهي طويلة نحيلة كالنعامة التي لا يلفتك إلا ساقاها الطويلتان ، قالت السمينة

- يقولون انها ابنته

تضحك الاخرى وتقول

_ لا يا حمقاء هي زوجته انا سألت الطبيب وأخبرني ...

بتعجب ترد السمينة

- انه يكبرها بسنين ، كيف تزوجته وكيف لهكذا زواج أن يخلق هذه الحالة من الحب ، بالعادة عندما تتزوج الفتاة الشابة من رجل عجوز يكون الدافع هو المال ، وتنتظر تلك الشابة اللحظة التي سيموت بها زوجها لترث كل تركته وتتمتع بحياتها مع شاب يماثلها الحيوية والنشاط ...

تقول الاخرى - لله في خلقه شؤون ، ومن الحب ما قتل ، انها لا تنام الليل انظري كيف اصبحت كالمومياء من شدة التعب ، طوال فترة عملي في هذا المشفى لم ارى مثل هكذا حالة  ، انها حتى لم تبدل ملابسها منذ اسابيع ، لا تمل الكلام معه وكأنه يسمعها ، احيانا أعتقد أنها مجنونة ..

تقول السمينة - ليست مجنونة ، هي تحبه والحب اعمى من دون عيون
إن اجمل العلاقات واصدقها ....
علاقة لا سبب لها ولاحاجة بعدها ..ولا مصلحة متوقعة منها ، وهذة الشابة تحب هذا العجوز

ثم دلفن داخل الغرفة لاعطاء نوار جرعة دواء جديده تبقية على قيد الانفاس .......

يتبع .....

لا تنسوني من الدعاء والدعم احبكم في الله

الكاتب ضياء عسود

الجاحدة .....Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt