٩- حُبها كعصف الرياح

160 5 0
                                    

إن كنت تملك سلاح للمحاربة فأهلا بك في الحرب ..
و إن لم تملك ... أبتعد عن الساحة و أترك المجال لمن هم أشد حرفة في أستخدام الأسلحة
و هي لديها سلاح ..
قوي ..
حاد ..
أنوثتها سلاح لا ردع له ، تتلاعب به بخطورة ، فمن يراها من الخارج يري أنها شابة وديعه و رقيقة
و خلف الرقة هناك أنثي
تخطط ...
تدمر ..
تعلم ماذا تفعل و متي تفعل و الأهم من ذلك ... كيف تفعل
نهضت من فوق فراشها الوثير لترتدي ذلك المعطف المنزلي الناعم من الحرير ... ألتحفت به وهي تنظر للنافذة أمامها و تفكر بما يدور من حولها .. صفقة نوح الاخيرة تُربكها ، فليس نوح بالخصم السهل و لا بالحليف السهل أيضًا لتتذكر أخر لقاء بينهم منذ شهر و أكثر ، عندما أفصحت عن خطة معتز
جلست تنظر حولها بهدوء و تتناول قدح من القهوة بإحدي المنازل بلبنان و هي تري نوح يقترب ليجلس أمامها بهيئته التي تجذبه لها
أرتسمت ابتسامة ساخرة علي محياه وهو ينظر لها بهدوء
- مش فاهم دماغك ماشية أزاي؟!
بادلته الأبتسام و هي تمصمص شفاهها بالنفي
- تؤ .. و مش هتعرف تفهم ، أنا مش أي حد يا نوح برضو
لوي فمه معجبًا بثقتها بنفسها و تسأل
- ها .. ممكن أفهم سبب الأجتماع السري دا إيه؟!
تركت قدح القهوة علي الطاولة لتعتدل و تضع ساق فوق الأخري بثبات
- عايزة أتفاق .. أو صفقة ، بس هتكون بشروطي أنا
أنهت حديثها وهي تشير بسببتها علي نفسها
هز رأسه و هو لا يفهم أو يدعي عدم الفهم
- و أنا المطلوب مني إيه؟!
تنهدت و هي تحاول لملمت أفكارها و التفوه بكلمات مناسبة
- أنا مش هلف و أدور ، المعلومات اللي هقولها دي بحياتي تقريبًا ..
أبتسم و قد وصله توترها بشكل ملحوظ
- و إيه اللي جابرك علي أنك تقولي
هزت كتفيها بلامبالاة و تلقائية
- أنتقام .. أو حق و عايزة أرجعه
حافظ علي أبتسامته ليتنهد
- قولي اللي عندك يا ريهام
- معتز ناوي يورطك في جوازة و فضيحة
قضب جبينه ليعتدل بصدمة بعدما خرجت من جملتها
- جواز ؟!
اومأت برأسها و هي تخرج من حقيبتها صور لبلقيس ، تناول الصور من يدها و هو يتأمل بلقيس و قد تعرف عليها سريعًا ، فتلك هي الفتاة الذي تشاجر معها لأجل منزل والدته
رفع نظره من الصور لينظر لريهام بتسأل فأجابته
- بلقيس الفخراني .. إحدي راقصات البالية المشهورة و الناجحة ، ابوها و أمها ماتوا في حادثة زمان و عايشة مع أبن عمة أمها رشاد و أخوها في الرضاعة طارق وملهاش حد خالص غيرهم و ....
صمتت ليتابع نوح حديثها بأهتمام فأطلقت تنهيدة و أكملت
- و حبيبة معتز
رفع حاجبه متعجبًا مما قالت ليتسأل
- حبيبته ! .. و أزاي عايز يجوزهالي؟!
هدلت بكتفيها وهي تنهض لتسير بالمنزل و تنظر للتماثيل الذهبية المماثلة للحضارة الرومانية
- بنت ممدوح الفخراني ، الراجل اللي خسر عبد الحميد و معتز مليارات ، العداوة ما بينهم قديمة جدًا ، من أيام ما كنتوا صغيرين و عبد الحميد كان لسه في شبابه .. و لما مات تقريبًا كل حاجة ضاعت علي عبد الحميد ، و من قريب وصل لبنته بعد ما كانت مختفيه تمامًا ، و معتز تولي الدور و من سنة لغاية دلوقتي مرتبط بيها وواعدها بالجواز ..
نظرت له و أبتسمت بتهكم
- بس واعدها بجواز متعرفش أنه ليك مش ليه
تنهد نوح لينظر للصور بيده و بعدها ينظر لريهام
- و البنت طبعًا واقعة في غرامة
ضحكت بخلاعة وهي تتلاعب بأنف أحد التماثيل
- واقعة بس؟! ... تقريبًا بتموت في التراب اللي بيمشي عليه .. أنت عارف معتز
هز رأسه بأستنكار و هو يلقي بالصور غاضبًا
- ليه مصمم يدخل ستات ما بين لعبته ! ، مش بيحرم خالص ؟ ، مش كفاية عليه اللي حصل مع أخته !
أبتسمت وهي تري انفعاله ، فهي علي دراية بشخصية نوح الصارمة فيما يخص النساء و الأعمال القذرة كالسلاح الذين يتاجرون فيه و التجارات الغير مشروعة
تقدمت خطوتين منه ووضعت يدها علي كتفه بهدوء مغري تتقنه جيدًا
- بلاش عصبية .... يوم الأفتتاح هيتم كل حاجة ، و رافيل بنفسه اللي هيوصلك ليها
نظر لها وهو جالس لتتقابل اعينهم و هو يري كم الحقد الذي ينبع منها ، فبرغم لجوئها له و محاولة إخفاءها لحقدها له إلا أنه بخبرته لازال يفهم نظرات النساء
- و مصلحتك إيه ؟!
ابتعدت عنه لتتلاشي نظراته لها محاولة عدم إظهار غيرتها من تلك التي تدعي بلقيس
- قولتلك أنتقام
- تؤ .. مش قصدي من معتز ، أقصد مني ، إيه اللي أقدر أقدمه ليكي مقابل اللي قولتيه ؟!
نظرت له بتوتر و تخشي أن يعلم ما تريد و لكنها هتفت بأختصار
- بعدين نشوف أنا عايزة إيه
عادت من شرودها علي لمسته لها و أحتضانه لها من الخلف ليدفن رأسه بين عنقها و رأسها مغمغمًا بتثاقل
- قومتي ليه؟!
حاولت رسم الأبتسام علي وجهها و تحسست يده التي تحيط بخصرها لتلتفت له وتتركز بين يديه فيستند بجبهته علي جبهتها و يهمس لها
- حبيبتي قلقانة ليه؟!
- بفكر
- في إيه؟!
تحسست بأناملها صدره العاري و علي وجهها أبتسامة تدعي أنها تستحي من طلب لم تطلبه بعد
أنحني قليلًا و أخطتف منها قبلة سريعة ليعود و يتسائل
- مالك؟!
- كنت عايزة أطلب منك طلب !
أبتسم و هو يمسح علي وجهها بأنامله
- يا سلام ! ، ست ريهام تطلب و معتز ينفذ
ضحكت من أسلوبه اللبق و الذي تعلم أنه أسلوب لايتبعه إلا في حدود غرفة تجمعهم سويًا بدون أي شرع مسبق ، إنما مشاعره واهية و كاذبة و هي لا تبادله مشاعر حب ... بل كره و حقد و تقزز ، و علي قدر قربها إليه علي قدر تقززها المستمر من وجوده و وجود علاقة حميمية بينهما تنساب لها و تنصاع تحت بند من بنود العمل لا أكثر
- شركة المعادي !
قضب جبينه بتعجب
- مالها؟!
نظرت له بتردد أخفته جيدًا خلف دلالها عليه لتطاوق عنقه بيدها
- عايزة أضمها للأسهم الخاصة بيا ، أنت عارف إني لسه جديدة في السوق و محتاجة كام شركة يسندوني ، و أظن أن شركة زي بتاعه المعادي هتفيدني جدًا في مجال البيزنس !
نظرت له تحاول فهم علامات وجهه المتغيرة بحالات متعددة من الأسترخاء للغضب ثم للحيرة
قاطعه أفكاره سريعًا
- لو مش موافق خلاص و ...
قاطعها مبتسمًا و هو يعاود الأقتراب منها لينال قبلة و يهمس بالقرب من شفتيها
- من بكرا الشركة بأسمك
................................................
المسئولية تحتاج لمن يقف بلا هوادة ، تحتاج دفعة قوية و من بعدها ستنخرط بتحمل المسئولية دائمًا
و إذا كانت مسئولية مختلطة بعشق ، فما المانع من بعض التنازل لنيل الرضا و الحب من الطرف الآخر
و هو تنازل اليوم عن عمله ليصطحبها للطبيب كنوع من الخروج عن إطار العمل و الألتفات لمشاكلها الخاصة بالحمل
أستمع للطبيب و هو يطمئن علي أستقرار الجنينين بأشعة السونار
- صحة الأطفال كويسة ، حتي حركتهم اللي بتشتكي منهم يا مدام أمل طبيعية جدًا
ترك أمل تهندم من ملابسها و تحرك نحو المكتب الخاص به ليلحقه ياسين و يجلس أمامه متسائلًا
- طب وهي صحتها عاملة إيه؟!
دون الطبيب بعض الملاحظات و الأدوية بورقة و قطع الورقة و ناولها لياسين هاتفًا
- صحة مدام أمل مش مظبوطة شوية ، يعني محتاجة رعاية و بلاش أي مجهود بدني الفترة الجاية ...
اومأ باسين برأسه وهو يتابع النظر لزوجته و صافح الطبيب وهو ينهض
- متشكر يا دكتور
تأبطت أمل ذراعه و خرجا من غرفة الطبيب ليسيروا بردهة المشفي
تسأل ياسين و هو يربت علي كف يدها المحيط بذراعه
- تحبي أخد أجازة يومين؟!
هزت رأسها بالنفي و أبتسمت له و أنظارها معلقة علي يده المربته علي كفها
- أنت عارف ! ، أنا بكون فرحانة لما بشوفك جمبي كدا
رفعت نظرها له و أكملت بلمعان في عيناها
- لما باسل و شريف يكبروا عايزاهم يكونوا حنينين زيك بالظبط ، يمكن ساعتها أحس إني كملت اللوحة اللي رسمتها من ساعة ما حبيتك
أبتسم بدفء و هو ينظر لعيناها اللتان تنبعان بحب أحبه هو
- هتكمل اللوحة بوجودك معايا في مشوار شكله طويل لسه
أنهي جملته و هو يتحسس بطنها بأبتسامة ربما أشعرتها بأنه يخشي مستقبل الأطفال و كيف سيبنيه ، لكن الخوف الطفيف بعينيه أعجبها و لم تعقب عليه سوي بأبتسامة ، فهي مؤكد ستوفر لطفليها الرعاية و الأمان ، فيكفيهما أنهما من صلب من أحبت و عشقت
........................................
جلس بحيرة و هو ينظر لها ، لا يفهم ما يحدث و رأسه مليئ بالغضب و الشفقة علي شقيقة عاشت بعيدًا عن كنفه لسنوات و هو لم يتكلف السؤال عنها و أكتفي بأخبار واهية من والدته
ربتت علي كتفه بحنو و تسألت
- مالك يا زياد؟!
هز كتفيه ولا تسعفه الكلمات ، هو سرد عليها المعضلة من قبل و لكنه لا يعرف ماذا يفعل
- مش عارف يا رقية ، هموت من القلق عليها و في نفس الوقت خايف غضبي من رفضها وجودي في حياتها يسبب مشاكل تاني ما بينا
أبتسمت بهدوء و ربتت علي كف يده الموضوع علي طاولة المطعم الراقي الذي أختاره ليتناولا العشاء سويًا
- زياد .. مي مش سهل عليها بعد الوقت دا تلاقيك فجاءة بتقولها أنا اهو قدامك و جمبك .. وخصوصًا بعد معاملتك العنيفة معاها
تنهد بضيق و هو يحاول تبرير موقفه
- أنا .. أنا بس كنت فاهم غلط ، كنت فاهم أنها فعلًا خرجت عن طوعنا ، و كمان كلام ماما كان زي الرصاص و هي محسساني إن أختي ماشية علي حل شعرها
رفع نظره لها و بعينيه نظرة حزن و صوته يرتفع نسبيًا
- أنتي مش متخيلة أنا كنت هتجنن أزاي لما عرفت بسفرها الأخير من غير ما تقول لحد .. كنت مستعد اهد الدنيا و أجيبها تاني
تهاونت نبرة صوته و هو ينظر للطعام أمامه
- أنا متعلق ب مي أكتر من أنها أختي .. زي بنتي و أكتر
أبتسمت رقية و هي تري حبه لشقيقته فتناولت القليل من الماء و هتفت بحكمة طالما أعتاد عليها منها
- يبقا تقربها ليك بهدوء مش بزعيق و خناق
نظر لها محاولًا البحث عن حل
- إزاي و هي مسافرة خلاص مع والدتها؟!
هدلت بكتفيها تلقائيًا
- طنط زهرة مش هتوافق تكمل حياتها برا مصر و دا شيئ أكيد .. سيب لمي مساحتها تثبت أنها ناجحة زيك و لما يرجعوا من لبنان حاول تاني .. صدقني هي محتاجة وقت تفهم نفسها شوية
أبتسم لها و هو يفكر بحديثها الذي أقنعه قليلًا و هدء من خوفه علي شقيقته
تزاحت فكرة برأسه فأبتسم مجددًا و هو يهتف مقاطعًا طعام رقية
- بس .. عرفت هعمل إيه؟!
قضبت جبينها و هي تكمل طعامها
- إيه؟!
- بما إننا قررنا الجواز تقريبًا إيه المانع أعرفك علي مي قبل ما تسافر .. أهو تحس إني لسه بأخد رائيها في أهم قرارات حياتي
رفعت حاجبها بتردد و عدم تصديق
- افرض رفضت علاقتنا .. دا معناه أنك هترفض ؟!
هز رأسه مستنكرًا ما تقول ليهتف سريعًا
- لا طبعًا ... أنا أقصد كخطوة أحسسها أنها مهمة عندي ، لكن قرار جوازي منك شيئ محسوم و أنا مش ناوي أفكر فيه حتي
أرتخت ملامحها قليلًا و عادت الأبتسامة الهادئة علي ثغرها مع بعض التوتر ، ليتسأل هو
- ها .. إيه رأيك ؟!
هزت رأسها بهدوء رغم ترددها من الظهور أمام شقيقته التي ترفض وجوده هو شخصيًا
- مفيش مشكلة .. حدد الوقت و هكون معاك
أبتسم بأمتنان لها و عانق كف يدها بيده كأنه يشكرها علي منحه خطوته الأولي للتقرب من شقيقته العنيدة
.......................................
توجهت بملابسها المهندمة و التي اختارتها بعناية فائقة لتبدو كسيدة تطلب العمل بشكل جدي
طرقت باب المكتب بهدوء لتستمع الأذن بالدخول و تدلف برقيها الطبيعي
نهض من خلف مكتبه مبتسمًا بدهشة
- بلقيس ! ... أتفضلي
تقدمت لتجلس أمام المكتب و يجلس هو بدوره خلف المكتب ليتسأل بأبتسامة
- تشربي إيه؟!
أبتسمت بهدوء
- أي حاجة
ضغط علي الزر الخاص بمكتبه و طلب لها عصير طازج
نظر لها و أبتسم
- خير ؟ .. في حاجة حصلت في البيت ؟!
هزت رأسها بالنفي و هي تبتسم
- لا متقلقش .. أنا كنت عايزاك في شغل
ضم حاجبيه بتعجب
- شغل؟!
اومأت برأسها وهي تخرج من حقيبتها عدة صور لتضعها أمامه ، تناول الصور و تفحصها بعدم فهم ، لينظر لها مطالبًا تفسير
سردت له ما تريد بأبتسامة ودية
- دي مدرسة البالية اللي قولتلك عليها قبل كدا
هز رأسه متفهمًا لكنه تسأل
- تمام .. بس إيه علاقتي بيها ؟!
تنحنحت بحرج و هي تتلاعب بأصابع يدها
- كنت عايزاك تصمملي الديكور الداخلي و الخارجي بحيث أنه يناسب الأطفال ...
رفعت عيناها له بحرج لم يقل لثانية
- أنا عارفة أنك شاطر في الموضوع دا .. و الصراحة متعاملتش مع ناس كتير و خايفة حد يضحك عليا أو كدا
خيم بينهما الصمت قليلًا لتتسأل هي بتوجس
- مش موافق؟!
أبتسم بعدما فكر و هو ينظر لصور المكان جيدًا و يتخيل له تصميم معين
- لا أكيد موافق
أبتسمت بأرتياح و هي قد خطت أولي الخطوات نحو حلم حياتها
- شكرًا يا حسام .. بجد أنت انجدتني
أبتسم لها و هو يرفع نظره لها
- أكيد مش محتاجة تشكريني
هزت رأسها بأمتنان لتتسأل
- تحب نبدأ أمتي ؟! ، هو أنا مش مستعجلة .. شوف مواعيدك إيه و أنا هظبط مواعيدي عليها
فتح إحدي الدفاتر أمامه و تابع جدوله خلال الثلاث أشهر القادمين ليخبرها
- اممم .. أنا فاضي يومين في الأسبوع .. خلال 3 شهور هتكون مدرستك جاهزة بأذن الله
أبتسمت له بأمتنان ليدخل الساعي و معه العصير الخاص بها
أشار لها حسام لتتناوله
- اتفضلي
- ميرسي
حملت الكأس بين يدها و هي تفكر بأمر المال ، فهي لن تقبل أن يفعل ذلك مجانًا لكونه شقيق زوجها
فنظرت له بتردد
- بس ..
نظر لها محاولًا استيعاب ما ستقول ليحثها علي اكمال الحديث بنظرته
تنهدت و هي تضغط علي الكوب بحرج
- أنا لازم اتفق معاك علي المبلغ اللي هتأخده
هتف بأستنكار و هو يعرض رفضه
- لا طبعًا .. مينفعش أخد فلوس علي حاجة زي دي
تنهدت بضيق و هي تعلم أنه لن يوافق
- معلش يا حسام .. مش هينفع متوافقش ، أنا بتعامل في شغل ، و خلي إطارات العائلة دي في البيت و بس
هز رأسه مستنكرًا ما تطلب ليهتف
- مستحيل .. نوح لو عرف إني أخدت فلوس هيضايق، و بعدين أعتبريها هدية مني لجوازكوا وأهتمامك بليليان بنتي
حاولت إقناعه برفضها
- أنا فاهمة سبب رفضك ، و شكرًا لو كانت دي هديتك .. بس دا أول مشروع خاص بيا كبلقيس ، و أنا محتاجة أثبت لنفسي إني قد مسئولية زي دي ، و لازم أتكفل بكل لوازم المشروع ..
صمتت قليلًا لتترجاه
- معلش يا حسام .. أنا لازم أدفع حق تعبك معايا ، و أعتبرني عميل غريب ..
تنهد بضيق و هو يري مصداقية حديثها و أنه مقنع ، و كيف تريد أن تكون مستقلة و مسئوله عن أولي مشاريعها .. لكن أخيه سيغضب و يثور عليه
قطعت تفكيره و قد رأت بعينيه تلك الحيرة
- من ناحية نوح سيب الموضوع دا عليا .. أنا هعرف اقنعه و أكيد هو مش هيرفض .. بما أنه بيفصل الشغل عن العلاقات الأسرية
تنهد حسام و هو يهز رأسه موافقًا علي حديثها .. لكنه أعترض
- بس أنا هأخد نص المبلغ بس و الباقي أعتبريه هدية مني و شكر علي أهتمامك بليليان الفترة اللي فاتت
أبتسمت بهدوء مستسلمة لرغبته وتمتمت
- ليليان تستحق أهتم بيها لأني حبيتها و أتعلقت بيها و مش محتاجة هدية أو شكر علي حبي ليها .. بس رغم كدا أنا هوافق علي طلبك
أبتسم لها بأرتياح و قد رأي فيها الشقيقة التي تحافظ علي أبنته بغياب أمل .. فهو منذ فترة مشغول عن الطفلة بعمله و لولا وجودها بجانبها طيلة الفترة التي مضت و شغل عقلها لكانت ليليان تخاصمه الآن لكونه لا يهتم بها
نهضت بعد أن وضعت الكوب أمامها علي الطاولة مع أبتسامه هادئة و مصافحه منها له بتهذيب
- استأذن أنا بقي
................................................
الحلم جاهز .. فقط خطوات و يتحقق
تاره ينجح الأمر و تاره أخري يفشل لكن بالنهاية
النجاح أمرٌ سهل ...
وخصوصًا إن كان مع شاب قارب علي الثلاثون من عمره كطارق ... رجل عاني كثيرًا ليصبح هو أكبر منظم للحفلات الكلاسيكية بأشهر الفنادق بالعالم العربي ..
يتخده هواية لا عمل فقط .. ينغمس في التحضير ليالٍ طويلة لكل حفلة .. يريد أن يصدح صيته ..
و بالفعل نجح بعد الكثير من العثرات القديمة الذي بنت شخصيته الآن .. و كأي رجُل هو ..
أحب و ذاق العشق ..
لكنه لم يتذوقه كما أراد .. بل أمتزج العشق بعروق الخيانة .. و هذا أكثر ما يبغضه بحياته
الخيانة ...
و التي لها معاني كثيرة .. فالخيانة ليست بالمعني الحرفي المعروف لدي الجميع ..
الخيانة درجات كالعشق و الحب تمامًا ..
و الدرجة الذي تعرض فيها للخيانة رغم بساطتها إلا أنه لم يغفرها .. ربما لأن حينها كان قلبه لازال بِكر!
قلب فتي لازال بعمر العشرين .. لم يكن ليسامح لكون حبيبته تُحادث أحد أصدقائها الشباب بصفه خاصة ، و لقائاتهما كانت علي مرئي و مسمع من الجميع
هو كرجل شرقي لا يؤمن بوجود الصداقة بين فتاة و شاب .. و حينها نظر للأمر علي أنه خيانة لا تغتفر ..
فتركها و أغلق فوق أعشاش قلبه الآف الأبواب ، و لا يريد لعصفورة جديدة بأن تطرق باب العُش رغم حاجته للحب من جديد ...
وعصفورته تدق بأبه بقوة هذه الأيام .. والجميع يتحدث معه عن مدي أفتتانها به منذ سنتين ..
وليصدق الجميع و يفعلوا و يتحدثوا كما يشائوا..
لكنه لم ينسي خيانة تذوقها منذ عشر سنوات ، لا يريد أن يتذوق مثلها ثانيًا ، فبالكاد هو أثبت ذاته و حقق حلمًا كان بعيدًا بالنسبة له ..
وناقوس الحب حتي و إن دق الباب بقوة لن يفتح له أبدًا
أفاقه من شروده صوت صديقه حازم من خلفه و هو يربت علي كتفه
- إيه يا عم سرحان في إيه ؟!
أبتسم طارق و هو ينظر له سريعًا و يعود لينظر من شرفه غرفته بالفندق
- ولا حاجة
هز حازم رأسه ليقف بجانبه و بيده سجارته متذوقًا منها القليل
- هو أنا عمري سألتك بتفكر في إيه و جاوبتني ؟!
ضحك طارق و نظر له
- أدام أنت عارف بتسأل ليه ؟
أبتسم حازم و هز كتفيه بلامبالاة
- فضول عادي يعني ...
ساد الصمت بينهما قليلًا ليتسأل طارق بتوجس وتهكم
- لسه محمد بيه مش ناوي ينزل بلقيس العروض ؟!
هز حازم رأسه بيأس و هو ينظر للطريق المزدحم خارج الفندق
- لا .. حاولت أقنعه بس بيتحجج بالأخبار اللي نزلت عنها هي و جوزها
تأفف طارق بغضب مكتوم
- ما هو عارف إنها كانت إشاعات .. ليه مصمم !؟
حاول حازم تخفيف الأمر عن صديقه
- أنت عارف محمد .. مش هيقتنع إلا لما الموضوع يختفي
تنهد طارق بيأس و زفر أنفاسه بضيق و كاد ان يتحدث إلا أن حازم قاطعه بحماس و كأن لديه فكرة
- أنا عندي الحل
نظر له طارق منتظرًا معرفة ما هو الحل خلف ذلك الحماس
فأجابه حازم سريعًا
- حفل أفتتاح دهب
قضب طارق جبينه بعدم فهم .. فأكمل
- مدينة دهب .. عاملة افتتاح جديد لمعظم القري السياحية اللي هناك ، وعلي حسب معلوماتي أن من ضمن الأفتتاح في فقرات كلاسيكية و من ضمن العروض اللي هتتعرض فقرة البالية .. و كمان نيللي كريم هتشارك في حاجة زي دي أكيد
هز طارق رأسه بعدم فهم
- ايوة ما أنت قولت إن نيللي هتشارك .. فين الفكرة هنا؟!
ضربه حازم علي ذراعه
- افهم يا عم الذكي .. أقصد أنها فرصة ذهبية .. أختك بتحب نيللي كريم وواخداها مثلها الأعلي فأكيد هتشارك معاها في العرض و من ناحية تانية نثبت وجود بلقيس و أنها لسه هتكمل حتي بعد جوازها و بكدا ننفي الأخبار اللي حولين الجوازة دي من كونها مصلحة وسلم للشهرة
ضربه طارق علي رأسه بيأس من تفكيره
- أنت غبي؟! ... يعني هما بيتهموها أنها أتجوزت عشان الشهرة نقوم مطلعينها في أول ظهور ليها بعد اللي أتقال دا مع نيللي كريم ؟! .. دا هيكون تصريح رسمي مننا أنها واخدة الجوازة دي خطوة فعلا للشهرة
هز حازم رأسه و قد فهم الحلقة الذي فاتت علي عقله
- تصدق عندك حق !
تنهد بيأس و هو يسحب القليل من النيكوتين من سجارته
- طب والحل ؟
تنهد طارق و حديث بلقيس عن كلمات نوح يتردد بأذنه ، فهو رغم طلبه الملح من محمد صاحب عروض البالية بإعادة بلقيس للفريق مرة أخري إلا أنه يخشي رد فعل نوح إذا أتي لها بعرض جديد
فبخبرته شقيقته علي مشارف الخوض بعلاقة يبدو أن الحب هو ما سيخيم فيها علي المصلحة الخاصة ، لكنه بنفس الوقت يريد يثبت لنوح بأن ما تفعله شقيقته ما هو إلا رقي و ليس تمايل بالجسد كما أدعي .. يريد لشقيقته النجاح بعيني نوح كما يراها هو ناجحة و متألقه دائمًا
......................................
ألتمعت عيناها غضبًا حين رأته يدلف لمكتبها و هي ترتب أغراضها التي تحتاجها للسفر غدًا صباحًا
كادت تصيح به لكنها صمتت حين رأت تلك الشابة تدلف خلفه بأستحياء و ملابسها منمقة للغاية و علي وجهها أبتسامة هادئة كملامحها البسيطة و حجابها الرقيق للغاية
نظرت له بتعجب و هي تبتلع نوبة الغضب الذي تداهمها ليبتسم زياد و يسحب رقية برفق لجانبه بعدما أغلق الباب
- أزيك يا مي
هزت رأسها بأنها بخير و هي تطالعه بغضب تحاول كبحه أمام تلك الغريبة
لتتسأل بهدوء منافي لغضب عيناها
- عايز إيه يا زياد
أبتسم و هو يضغط علي كف رقية بهدوء و راقبت مي تلك الحركة كمحاولة لفهم من هذه الفتاة التي من المستحيل أن تسأل عنها .. فهي ليس لها دخل بحياة شقيقها إطلاقًا
- جاي أعرفك علي خطيبتي رقية ...
نظر لرقية و أبتسم بحب
- و قريب أوي هتكون مراتي
أبتسمت رقية بحب له و خجل لنظراته لها أمام شقيقته .. لكنها سرعان ما نفضت ذلك الخجل و سحبت يدها من يده لتصافح مي بتهذيب
- أزيك يا مي
نظرت مي ليدها الممدودة لها و رأت أنه من الذوق مصافحتها فبكل الحالات غضبها من أخيها لن يجعلها تُعادي من ستكون زوجته
فمدت يدها وصافحتها مصافحة باردة
- أهلا
سحبت رقية يدها بخجل و توتر بشعورها أن مي تنفر وجودها و تعرفها عليها
أنهي زياد ذلك التوتر بأبتسامة
- حبيت أعرفك بيها عشان أخد رأيك فخطوة زي دي
نظر لرقية وتسأل
- حلوة مش كدا ؟!
أبتسمت مي بجمود و مجاملة وهي تجاهد حتي لا تطرد أخيها خارج مكتبها
- اه .. مبروك
تنهد زياد وهو ينظر لشقيقته التي أحتقن وجهها بالدماء غضبًا منه لينظر حولها
- شكلنا جينا في وقت مش مناسب
هزت مي رأسها تؤكد علي ما قال بجمود
- اه .. زي ما أنت شايف ... بحضر لسفري
تعمدت الضغط علي حروفها الأخيرة لتثبت له مدي تشبثها بالسفر هذه المرة .. فأطلق تنهيدة يائسة
- تمام .. هنمشي أحنا
أبتسمت مي بوقاحة
- ياريت
رمقتها رقية بنظرة محذرة و غاضبة غضب بالكاد ظهر و فهمته مي
مدت رقية يدها لتصافحها للرحيل و هذه المرة ضغطت بأناملها علي كف مي بهدوء و تحذرها بكلمات مزينة
- أتشرفت بمعرفتك و إن شاء الله لما ترجعي نتقابل تاني .. هستناكي في الفرح
خرجت رقية بصحبة زياد للخارج و مي تنظر بغضب لكف يدها الذي كان بين راحة رقية منذ ثواني لتهتف بحنق لنفسها
- تهديد بأسلوب زياد .. لحقت تاخد من طبعه ؟!
مشاعرها متخبطة من بين فرحة لشقيقها و غيرة من تلك الرقيقة التي تدعي رقية ، فيبدو أنها نالت الحب من شقيقها و الذي لم تناله هي ..
..........................................
" أحبيه رجُل ثلاثيني لا عشريني فحياة المراهقين لا تناسب امرأة تريد رجلًا "
- نهال الراوي -
وهي أحبت ...
لا ..
لم تُحب بعد بل تخشي الحب
و تخشي الاقتراب ، و كأن الاقتراب موت محتم ، أقتراب مؤلم تتجنبه و تنكره بقوة ، تنكر بعثرة روحها و شوق غريب تملكها حين أستمعت لصوته مع شقيقه و عمته بالأسفل ، فهي انتظرت عودته ليومان واللذان تغيرت مدتهما ليصبحا أسبوعان علي أمل التخلص من لعنة تتمسك بها يومًا بعد يوم ، لعنة لم تتصور أنها لن تفلت منها ، فمنذ أسبوعين و هي تراه بكل ما هو محيط بها ، عطرهُ تلثمه بين ثنايا غرفتهما و أبتسامته العابثه و المتحدية حتي وقاحته و فظاظته معها ، و رغم أرغام نفسها بالأنخراط بالعمل و مشروعها الجديد إلا أنها أفتقدته و هي تُجالس الغرفة كل ليلة بمفردها و إن أخترقت الصغيرة لي لي تلك الوحدة أحيانًا ...
هبطت الدرج وهي تنظر له و لا تستطيع منع عيناها من النظر له و أشباع شوقها له ، تأملته بصمت وهو يصافح شقيقه بترحاب و عمته تحتضنه و توزع عليه القبلات كعادتها و تلك الصغيرة التي تعلقت بقدمه ليحملها بين يديه مغدقًا إياها بالحب و القبلات المشتاقة و كأنه سافر لسنوات عِدة و ليس أسبوعان
أنتبه لها وهي تقف بعيدًا عنهم قليلًا و تتأمله بهدوء جعلها جميلة كعادتها و هو يتحدث مع الطفلة بعبثيه
- وحشتيني أوي يا لي لي
تعلقت الطفلة بعنقة وهي تحتضنه
- لا.. أنا زعلانة منك
ضم حاجبيه بتعجب و عيناه لا تفارق النظر لبلقيس
- ليه بس دا أنا بحبك
أمسكت وجهه بكفها الصغير لتجعله يلتفت لها و يبتعد بأنظاره التي فاقت إرادته عن بلقيس و بغضب طفولي صاحت به
- أنت سبت لي لي و مشيت و لي لي كان عندها مسابقة و أنت مش شوفتها
أبتسم لها نوح بحنو و طبع قبلة علي وجنتها اليمني
- أنا أسف يا ستي ، و عشان لي لي زعلانة نوح جاب هدية كبيرة للي لي
أنفرجت أبتسامة و اسعة من فم الصغيرة و هي تتسأل
- بجد؟!
هز رأسه بالتأكيد فأحتضنته و قبلته بسعادة
- لي لي بتحب نوح قد البحر و سمكاته
ضحك الجميع علي أثر حديثها الطفولي فتقدم حسام و أنتزعها من بين يدي شقيقه
- خلاص يا لي لي عمو نوح تعبان و محتاج يرتاح
هبطت بأقدامها الأرض و حذرت أبيها بتحذر طفولي
- خلي بالك يا بابي .... حضرتك بتبعدني عن نوح كل شوية و كدا لي لي هتزعل
تعجب حسام من حديثها و قضب جبينه بصدمة في حين كتم نوح ضحكته
صاح بها حسام محذرًا
- ليليان !! ، في حد يقول لبابي كدا ؟!
نكست رأسها بحزن طفولي و تأسفت
- سوري بابي
أصدر حسام أمره بمعاقبة الطفلة علي حديث جديد عليها فصاح بها بهدوء أخافها
- اطلعي أوضتك و مفيش لعب خالص النهاردة ، لحد ما لي لي تتعلم تتكلم بأحترام مع بابي
هدلت كتفيها بحزن و همت لتعترض
- بس ...
أمرها و هو يحاول ضبط أنفعاله
- ششش ، من غير نقاش ، أطلعي
ركضت الطفلة من أمامه غاضبة لتمر من جانب بلقيس و تصعد لأعلي و هي غاضبة و حزينة من كلمات والدها
وبخه نوح وهو ينظر للطفلة وهي تغلق باب غرفتها خلفها بعنف
- بطل غلاسة يا رخم
وكزه حسام في كتفه بغيظ و هو ينظر له
- أنت اللي هتبوظها والله يا ابن الدمنهوري ، و بعدين بدل ما أنت بتحب في بنتي عبر مراتك المسكينة اللي مقولتلهاش ازيك حتي
أنهي جملته و هو ينظر لبلقيس ، و تلقائيًا تلاقت نظرات نوح و بلقيس سويًا ليتابعا النظر لبعضهما بدون التفوه بكلمة واحدة
هو أيضًا أشتاق لها و لحديثها المتحدي و للنظر لعيناها الرماديتان
قاطع تفكيره صوت زينات المتسأل
- إيه يا بني أنتوا متخانقين؟!
- هاه .. لا طبعًا
- أمال مالكوا بتبصوا لبعض و ساكتين ليه
أبتسم نوح بعبث وهو يجاري عمته فيما تقول حتي يظهر أن كل شيئ طبيعي ، تقدم ليقف أمام بلقيس و يرمقها بنظرات لم يستطيع كبحها
- أصلها وحشتني يا زوزو
ضحك حسام و زينات وهي تهز رأسها يمينًا و يسارًا غير مصدقة صراحته الدائمة بكل ما هو يتعلق بها
- مفيش فايدة فيك
يفصل بينهما أنشات فقط ، و عيناها تطالع عيناه بشغف ، غبية لقد سقطت ببئر وعرٍ لا خروج منه ، فأهلًا بها بمصيدة العشق و العشاق
أنحني قليلًا و جذبها برفق ليحتضنها و تستقر بين يديه لتتفاجئ من فعلته لكنه أحتضنها و كأنه أشتاق لها بحق ، إن لم تكن تعلم أتفاقهم بالتمثيل أمام العائلة أنهم أسعد زوجين لصدقت أنه أشتاق لرؤياها وعناقها كما أشتاقت هي بحماقة له
فإحاطته لها أشعرتها بالأمان الغريب ، و رائحة عِطره التي تسربت إلي أنفها جعلتها تهدأ بقربه و كحركة تمثيليه منها لإنهاء العناق الذي لم يكن تمثيلًا قط من كلا الطرفين ، أحاطته بذراعيها و من بعدها أبتعد عنها ببطء وهو ينظر لعيناها
فأنفلتت من شفتيها أبتسامة متوتره
- حمدلله علي سلامتك
أبتسم لها وهو يري توترها
- الله يسلمك
قاطعتهم زينات مبتسمة وهي تقترب من بلقيس لتمسك يدها
- خلصنا سلامات؟! ، تعالي نروح نحضر الغدا
قضب جبينه بتعجب و تسأل قبل أن يرحلا
- غدا؟! ، أنتي بتعرفي تطبخي ؟!
أبتسمت زينات و ربتت علي كتف بلقيس التي تملك منها التوتر و الشعور بالسعادة ، لتهتف بفخر
- الأسبوعين اللي غبتهم علمتها أزاي تطبخ
خرجت منه ضحكة تلقائية لم يستطيع كبحها ، فعمته مهما حدث لا تتخلي عن فكرة أن الفتيات يجب أن يطبخن لأزواجهن
- من بالية لطبيخ؟! ، حرام عليكي يا زوزر
لم تجيب بلقيس بل أبتسمت بتوتر وهي تعيد خصله من شعرها خلف أذنها ، فأجابت زينات بأستنكار
- وماله ! ، مش عيب تطبخ لجوزها لا هيقلل منها ولا حاجة
أبتسم بهدوء وهو يري قبول بلقيس للفكرة و اقبلها دون إبداء أي أعتراض أو أمتعاض
سحبتها زينات سريعًا ليتوجها للمطبخ
- لا أحنا لو فضلنا نتكلم مش هنخلص من نوح ، يلا ورانا طبيخ كتير
أبتسم نوح و هو ينظر للأنسجام بينها و بين عمته التي يعتبرها كل شيئ له
ربت حسام علي كتفه و غمز له بمشاكسة
- شكلك مش مستحمل البُعد عن حبيبة القلب
نظر له نوح و قد تغيرت ملامحه للحدة و تنحنح بحرج
- أيه الكلام الفارغ دا ، أنا طالع أريح شوية
تحرك نوح ليصعد الدرج بعدما أرسل حقائبه مع الخدم لأعلي و علي وجهه علامات مبهمة ، فأخيه دون قصد نبههُ لما كاد أن يقع به و لم يلحظ ذلك أبدًا ، هو يجب أن يحذر مما هو يفعله و من تصرفاته ، هو لا يُحب ولا يُعجب بالنساء هن من يفعلن
و هو يرفض ...
هكذا هو نوح الدمنهوري لا ينصاع لأنثي إلا لرغبة منه بها و بعدها فالتذهب إلي الجحيم ، وذلك دون حُب و مشاعر واهيه و كاذبه
في حين أبتسم حسام وهو يتمني لأخيه حياة جيدة و سعيدة بزواج يبدو أنه مستقر نوعًا ما
..........................................
أنتي و إن لم تكوني عشقًا فأنتي وطن ...
أنتي الحنان و الدفء ...
نظراتُكِ العابثه تقتلني في محض قلبي ...
فيا مذيبة الفؤاد أقبلي بي حبيبًا !
و هي جعلت قلبه ينتفض عشقًا ، حركة يداها وهي غاضبة ، عيناها الواسعة و شعرها الملقي بإهمال خلفها و حتي وقت ضعفها و هزيانها ، هي تجعل قلبه يرفرف حين تنادي علي أسمه كطلب للمساعدة .. لا يعلم متي وقع بها عشقًا .. هو فقط يحبها ولا يريد غير ذلك ..
نظر لها مبتسمًا و هو يضع رأسه في راحة يده ساندًا علي أحد المخازن أمامها وهي تتحدث بعصبيتها المعتادة لإحدي عارضات الموضة موبخه إياها
- انتي أمتي هتتعلمي تمشي علي المسرح صح ؟!
أعتذرت الفتاة بأسف
- أنا أسفة ..
صاحت فيها بغضب و تحذير
- أخر مرة أحذرك .. من بكرا لو متعلمتيش تمشي صح هطردك و أنتي عارفة إني مبهددش
تنهدت الفتاة بضيق و أنسحبت بخجل من أمامها .
وقفت وهي تحاول تنظيم أنفاسها الغاضبة و تلعن ذلك الغباء الذي تلاقيه من العاملين بالفندق
عيناها لمحته يقف و ينظر لها فتقدمت نحوه و الغضب عاد مرة أخري لنبرتها و هي تتسأل بتهكم
- يا تري حازم بيه خلص شغل الأضاءة والورق المطلوب ولا هطلتع جمبه أسبوعين كمان ؟!
أبتسم وهو يراقف أنفعالاتها التي دائما يعشقها ...
حك مؤخرة رأسه بقلة حيلة
- هتستني اسبوعين كمان !
عبثت ملامحها أكثر بغيظ و صاحت بأستنكار
- أسبوبعين ؟؟ لييه ؟ أنا لو بعتاك تطلع بطاقة كانت خلصت
كاد ينفجر ضاحكًا و هو يراها وصلت لذروة غضبها لكنه رسم علي ملامحه الضيق و اختلفت نبرته للحدة قليلا
- صوتك ميبقاش عالي و أنتي بتكلميني
رفعت حاجبها بأستخفاف و ضمت يدها لصدرها
- افندم ؟ ..
هز رأسه مؤكدًا علي ما قال .. و أخبرها بتقرير قبل أن يذهب
- الناس قالوا اسبوعين و أنا مش هفضل أزن فوق دماغهم
التفت موليها ظهره ليذهب فأنفجرت فيه غاضبه
- والله العظيم أنت حُر لو مجاش بكرا
انفرج فمه مبتسمًا و يحاول السيطرة علي ضحكاته العاليه ، فهو قد أنهي الورق و اعمال الأضاءة منذ شهر لكنه يتحجج لكي يراها يوميًا تتسأل و تنفجر غاضبه بنهاية الحديث ..
كم يستمتع وهو يراها تغضب و تصب غضبها عليه ، رغم أنه يعشقها و هي تبتسم ففي ابتسامتها حياة له و حب كأسمها تمامًا ..
... حبيبه ...
و هي حبيبته و ستكن أكثر من ذلك قريبًا .. فقط فلتنتظره
..............................................................
أتمني البارت يكون عجبكم ، مستنيه رأيكم ⁦❤️⁩

عزرائيل الحُب Where stories live. Discover now