١٣- أشباح الماضي

173 3 0
                                    

نحتاج جميعًا لوقت نلقي بجميع الهموم خلف ظهورنا و نخطو نحو المستقبل ولو خطوة ..
فقط لنثبت لأنفسنا أننا قادرين .. ولازلنا أحياء ..
ننحت في جدران مختلفة و نركض يمينًا و يسارًا حتي نري أنفسنا بداخلنا ..
وهي تجد نفسها بالرقص الراقي ..
تستمتع وهي تتحرك كالفراشة علي خشبة المسرح ..
لأكثر من شهر غابت عن تراب ذلك المسرح ..
أصابع أقدامها مشتاقه للمسة من خشباته ..
و طأت بأقدامها أخر حركة في رقصتها و أنحنت بحرفية تحيي الجميع ..
صقف الجميع بحفاوه مهللين بكلمات أشتاقت لها..
كلمات مدح و ثناء أشتاقت لسماعها منذ مدة
أبتسم طارق وهو يتحرك نحوها فوق المسرح
- براڤو .. أنا كنت واثق أنك مش محتاجة تدريب
أبتسمت و أحتضنته بشغف ، بادلها العناق و من ثم أبتعند عنها وهو ينظر للأضاءة
- حبيبه الأضاءة ممتازة .. محتاج الفوكس يزيد علي بلقيس شوية
أبتسمت حبيبه و اومأت برأسها
- من عيوني
نظر حوله ليراقب فتيات عرض البالية خلف بلقيس و يأمر شذي الواقفة أسفل المسرح
- شذي الميك أب محتاج يزيد شوية و اللبس ممتاز ..
تمتمت بهدوء
- حاضر
التفت لينظر لحازم
- كلمت الأوبرا ؟
- اه .. وصلوا برا
صقف طارق بيده
- طب يلا يا شباب خلال خمس دقايق المسرح يكون فاضي
تحركت فتيات عرض البالية بأنتظام فأثني عليهم
- عرض ممتاز يا بنات .. و نجهز للعرض اللي بعده
صعدت حبيبه للمسرح لتحتضن صديقتها بشغف
- وحشتيني يا سو
بادلتها بلقيس العناق و هي تتمتم
- و أنتي أكتر
أمرهم طارق بحزم
- لا أنزلوا مش وقت سلامات ..
ضحكت بلقيس وهي تمسك بيد حبيبه
- تعالي قبل ما ياكلنا
هبطتا عن المسرح ليجلسا علي المقاعد الخاصة بالجمهور و بجانبهما حازم وشذي
أبتسم حازم و هو يمازح بلقيس
- نجمتنا المتألقة أخيرًا رجعت بعد شهور العسل
لكزته حبيبه موبخه إياه
- مترخمش عليها
نظرت لبلقيس التي أبتسمت بحزن فهي تعلم أن الشهور السابقة لم تكن عسلا أبدًا ..
صحكت بلقيس بسخرية من حالها فأصدقاءها يظنون أنها سعيدة .. وهي لا تستطيع البوح بما يعتلي قلبها من مشاعر .. حتي صديقتها حبيبه لن تستطيع الحديث معها بشيئ كهذا
- بس أنا زعلانة يا سو ... يعني تكوني بتحبي نوح الدمنهوي و أنا معرفش ؟
قالتها شذي بعتاب فأبتسمت لها بلقيس بأعتذار
- سوري ! .. بس نوح مكنش حابب الصحافة تعرف فأضطريت أسكت
اومأت شذي برأسها بتفهم و مازحها حازم
- طبعًا البيه بيغير علي السوبر ستار
أبتسمت بلقيس بحزن و لكنها تداركت الأمر وهي تنهض
- بطل هزارك ده .. أنا هرتاح شوية
وقفت حبيبه بجانبها وهي تلاحظ تلك الأبتسامة الحزينة علي محياها ..
تشك منذ البداية بأمر الزواج فبلقيس كانت متيمة بمعتز أبن عم نوح ..
فماذا حدث لتتزوج بأبن العم و ليس الحبيب ! ....
لم تتحدث معها طيلة الأشهر التي مضت حتي تري بلقيس بنفسها و تعلم ما هي الحقيقة
فزواج سريع كهذا لن يمر عليها مرور الكرام ..
هناك ما هو مختلف و ما هو خطأ و هي لن تترك فرصة لصديقتها حتي تكذب عليها
- هاجي معاكي
علمت بلقيس ما تفكر به حبيبه فأعتذرت منها بتوتر
- لا .. خليكي هنا أكيد طارق محتاجك .. هرتاح شوية و أبقي أنزلكوا
لم تتركها تتحدث بل تحركت سريعًا و هي تعلم أن حبيبه لن تسمح لها بالهروب طويلا .. لذلك قررت العودة سريعًا للمنزل بعد أنتهاء التدريب الثاني ..
فليس هناك حاجة لإثاره الشبوهات حول زواجها
.......................................
يورقنا أحيانًا الأعتراف بالحقيقة ..
نخجل ، نخاف ، نهتم لأجل سلامة أحدهم ..
أسبابنا عديدة لعدم البوح بالحقيقة ..
ليس بالأمر الهين أن نسجنها بداخل ضلوعنا ..
لكن مع كامل أدراكنا العقلي إنه لا يليق بنا البوح الآن ..
هناك جزءًا خفي بداخلك يخبرك
" أن تحدث ، أعترف .. لا تخف من الحقيقة " ..
ولكن هذا الصوت الخفي يؤلم أكثر من أي شيئ و مع ذلك لازلنا نسجن الحقيقة حتي لا يتأذي أحد ..
يكفينا أننا نتألم بمفردنا و هم سعداء !
وهو قلق و يظهر عليه القلق .. يتصرف بأرتباك و كأنه يفكر بشيئ ما يورقه ..
يضع ملابسه بالخزانة و يتحرك بعشوائية ليست من عادته .. هو لم يعتاد علي كتم الحقيقة ..
لم يكذب يومًا ! .. أسيكذب الآن و قد نال منه العمر أضعاف مضاعفه ؟
تنهد بضيق وهو يجفل عن وجودها خلفه و لا يعلم ماذا يفعل أو ماذا سيخبرها ..
أيخبرها أن شقيقها أكبر تجار السلاح ؟ أم يخبرها أنه يلقي بفتاة ضعيفة في جُب المخاطر ولا يبالي لها ؟ .. أم يخبرها أن شقيقها سينال منه الجميع دفعة واحدة ولن يرحمه أحد ؟
جلس علي الفراش ليتفاجئ بها تقف تنظر له بحيرة و قلق ...
حاول الهدوء و السيطرة علي ذلك القلق الذي يعتريه منذ أن ترك صديقه يلقي بنفسه في المهالك
أقتربت منه بقلق لتجلس جانبه و تمسك بيده
- مالك يا ياسين ؟ .. مش علي بعضك ليه؟
أبتسم وهو يضغط علي كف يدها
- مالي ؟ .. أنا كويس
لم تقل نظراتها حيرة وهي متأكدة من كون هناك شيئ ما
- أنت تعبان؟
مسح علي شعرها بحنو مصتنع يحاول أن يتخفي فيه
- لا يا حبيبتي .. أنا كويس .. بس ضغط الشغل
تنهدت بحزن وهي قد قرأت أخبار الصباح و كيف خسرت شركاتهم الكثير من الأسهم ...
- أنا شوفت الأخبار .. معلش هي فترة وهتعدي زي غيرها
اومأ برأسه مبتسمًا بتصنع
- إن شاء الله
تسألت بتوجس
- نوح عامل إيه؟
كاد يصرخ بها و يخبرها
" شقيقكِ يلقي بنفسه في الجحيم .. لن يخرج من معركته رابح ، سيخسر نفسه قبل أملاكه "
لكنه أبتسم و هو ينهض منهيًا الحديث
- كويس .. بس ضغط الشغل مخليه مش علي بعضه
تنهدت أمل بحزن
- طب أروحله؟
أجابها بتقرير وهو ينام علي الفراش بأنهاك
- مفيش داعي .. هو في الشغل أصلا
أستلقت بجانب زوجها حزينة و تخشي علي أخيها من الوقوع .. قلبها يخبرها أن الأمور أكبر من تلك البساطة التي يتحدث بها ياسين
أقتربت منه لتستند برأسها علي صدره وهو يحاوطها بيده متحسسًا بطنها الذي ظهر به أنتفاخ بسيط ..
يحاول أستمداد القوة من أطفاله .. لعله يقاوم و يصمت أو يجد حلا لإنقاذ صديقه من بين الغابة ..
رفعت نظرها له و هي تضع يدها فوق يدها المحيطه ببطنها لتبتسم بشجن
- بتحبهم ؟
أرتسمت أبتسامة هادئة علي ثغره و هو يتلاعب بخصلات شعرها
- بحبهم بس ؟ .. أنا بعشقهم .. كفاية أنهم جزء منك
مسحت رأسها بصدره باحثه عن الأمان و سعيدة نوعًا ما من كلماته التي تشعرها أنه سيكون أب رائع ..
- و هما بيحبوك أوي
..........................................

عزرائيل الحُب Donde viven las historias. Descúbrelo ahora