8~

2.1K 91 3
                                    

اقترب منها وهي جالسة على سور الشاطئ -الكورنيش- ، همس في أذنها "هل رأيتك من قبل؟" يعلم جيداً أنه رآها من قبل، وكان يريد أن يسمع الجواب منها، لكنها نظرت له بلا مبالاة وقالت "لا"، أما هو فظل مصر أنه رآها من قبل، فأجابته ثانية "ارحل يا علي"، فصدمه الرد متسائلاً "هل قلت علي؟ هذا معناه أننا تقابلنا سابقاً"، ابتسمت بمكر مجيبة "تعلم أننا رأينا بعضنا، لم كل هذا؟"، يضحك ويرد "حسناً يا أسيل، هل لي أن أحدثك بأمر صادق وعن ماحدث صباح أمس؟"
قالت:-
" انظر معي إلى البحر، إلى آخر نقطة يمكن أن تصل إليها عينك، تخيل معي أنها تخرج لك من تلك النقطة، تنادي بأعذب صوت يمكن أن تسمعه أذنك،
يحاول أن ينهض وهو يتمتم بصوت وصل إلى مسمعها "يبدو أنك مجنونة" تمسك يده بقوة وهي تستطرد قائلة:-
" تصم أذنك عن كل صوت إلا صوتها، رغم بعدها إلا أنك ترها بوضوح، هذا الوجه الملائكي، أجمل وجه يمكن أن تقابله في حياتك، ذراعيها كالمرمر، ذيلها السمكي السماوي، شعرها الأسود سواد الفجر، غجري طويل، صوتها فقط في أذنك، لا تر غيرها، تمد لك ذراعيها، لا تدري بنفسك إلا وأنت تلق بنفسك في الماء لتذهب لها، تسبح وتسبح وتسبح، وكلما شعرت أنك اقتربت منها تجدها ابتعدت أكثر، تسبح ثانية لتشعر بيد تحتضنك في الماء وتجذبك لأسفل، أسفل الماء، إنها هي، شعثاء، ذات أنياب بارزة وحادة، دموية، أخر وأقبح وجه ستراه في حياتك"
ينظر لها بعجب، تبتسم بوجه شيطاني وتقول:-
"عروس البحر ليست كما تعتقد"

..
"كنت أريد إخبارك أن صادقا فقد عمله بسببك."(بعتاب)
..
"أدري"
..
"ألن تصلحي خطأك,? أنتي تعلمين جيدا انه لم يفعل شيئا يستحق طرده"
..
رصت على أسنانها "ذلك الداعشي, كان علي التخلص منه وإبعاده عن المدرسة"
..
"لماذا!(بذهول)
..
"لقد كان يغسل أدمغة الطلاب, كانوا يتصرفون بغرابة بعد حصته .."
..
تبسم بمكر وأردف "أنصحك أن لا تذهبي للمدرسة بعدما سيعلم الطلاب أنك سبب لطرد معلمهم الذي لايستطيعون مفارقته.."
..

.."بالعكس , سيسعدون بعدما أيقنوا أنني خلصتهم من قيود ذلك الملتحي"
..
.

.
...... في تلك الليلة, بعدما برز القمر ساطعا في ستار السماء وحامت النجوم حوله كي تبدي هيبته للناظرين . كان "صادق" خاضعا بين يدي ربه على سجادته التي طبعت عليها آثار سجوده وسجود والده من قبله فهي عبارة عن زربية صلاة متوارثة من أجداده لأبيه ثم له ولأولاده وأحفاده مستقبلا..
..
...
وهاهي الشمس تشرق معلنة يوما جديدا مفعما بالحيوية في نفس "أسيل" حيث اتجهت بسيارتها المؤجرة الى الثانوية بكل حماس , دخلت المدرسة باكرا قبل كثير من الاستاذة , دخلت والإبتسامه تشق وجهها الجميل , وقفت بين الصفوف التي تقف احتراما لتحية العلم بينما الأنظار كلها قد تربصت نحوها تكاد تنفجر في وجهها كأنها رصاصات طائشة ,
..
لكنها لم تهذ لهذا بالا بل ظلت تبحث عن ذلك الملتحي في صفوف الاستاذة الرجال وماطمئن قلبها فعلا أنه طرد كما قال صاحبه بالأمس , شعرت بلذه الإنتصار ووقفت بكل كبرياء كي تشير لصفها بإتباعها الى الفصل ,ولكن لم يتحرك جفن طالب قط!..
أصبحت تؤشر عليهم بأيديها ظنا منها أنهم لم يسمعوها ,واعادت الكرة مرارا وتكرارا حتى ايقنت أنهم متعمدين فعل ذلك كما كرروا الأمر مع باقي الاستاذة , اعتلى الجمود وجهها وهي تنظر لوجه المدير العبوس وقد امسك مكروفونا تصل أسماعه لجميع من في الساحة , .. لكنهم لم يأبهوا لكلام المدير أيضا كانوا يقفون كصفوف الجنود ذكورا كانوا أم إناثا يعتلي الغضب أوجههم جميعا , حاول بعض المراقبين الخاصين بالثانوية بدفعهم للفصول رغما عنهم ولكن ذلك قد اثار طيش بعض الفتية حتى شب شجار رهيب بين المراهقين ومراقبي المدرسة حتى أجفل المدير مسرعا لفك الشجار وجعل الموظفين يتوقفون عن دفعهم , لم تصدق"أسيل" ما يحدث فنظرت الى "علي" الذي كان قبالها تماما يبتسم بخبث شديد كأنه علم ماسوف يحدث!
..
..
دام الحال ساعه ونصف وهم لايتحركون ساكنا , بعدما انبح صوت المدير من خطابات تهديداته المتكررة , ثم جلس على ركبتيه صارخا فيهم .."ماذا تريدون"!!
..
نظر بعضهم الى بعض فتقدم شاب يبدو أنه من صفوف الباكالوريا يقف بهيبة وثوبه ذا النصف ساق يترفرف مع نسمات هواء الباحة قال بصوت اخترق مسامع جميع الحضور ..."سأقول لك ما نريد نيابة عن الجميع"
..
فأشار بيده الى زملائه ليصيحوا جميعهم بصوت واحد .."نريد مدرسنا "صادق"!!"..

...
.............

"صادق"?
...
قالها مدير مدرسة إبتدائية وهو ينظر الى ملفه الذي بين يديه ..
"هل كانت منهتك التدريس من قبل "
..
"نعم سيدي ,لقد كنت مدرسا في إحدى الثانويات"
..
"نعم أرى ذلك ولكن...."
..
"ماذا!(بقلق)
..
زم شفتيه وهو يحرك عينيه الى شكل صادق المفعم بالهيبة والوقار ..
"لقد طردوك!"
..
ملأ الهواء بصدره ثم أخرجه بزفير بطيء.."نعم"..
"كيف سأقبل مدرسا طرد من ثانوية!"
..
"الأمر ليس كما تظن"
...
"أنا آسف أيها الأستاذ لايمكنني قبولك في إبتدائيتنا"
..
طأطأ رأسه موافقا ثم أردف خارجا , وهذا ماحصل معه في جميع المدارس التي توجه اليها حتى استملكه اليأس أنه لن يقبل لأي مدرسة كانت مادامت كلمة"مطرود"  كالنقطة السوداءفي ملفه الأبيض..
....
.....
إستغفر الله في خطواته وهو يمشي بكل هيبة , إستوقفه آذان العصر في إحدى المساجد , فدخل ليقوم بالفرض ثم أكمل طريقه حتى مر بتلك المقهى التي تحدث فيها الى الرجال ذات مرة بشأن النساء ..
...
اقترب باسما ودخل , فاسترحبه صاحب المقهى..
"أهلا بالملتحي"
..
تبسم بسمة هادئة .."لقد طال غيابك ظننت  أنك ستعود في اليوم التالي ولكنك لم تفعل!"
..
حك مؤخرة رأسه معتذرا .."في الواقع كنت منشغلا قليلا .."

..
"حسنا متى يكون الدرس القادم كي أجمع لك معشر الرجال .."
...
"ما رأيك بعد فرض المغرب"
..
"حسنا هذا جيد سيكون الكثير هنا"
..
تبسم وهو ينظر اليه يرحل ...

..............

كان يوما غريبا في الثانوية فبعدما رفض المدير أمر استرجاع المدرس المطرود زاد من غيض الطلبة مما جعلهم يغادرون المدرسة رغما عن أنوف الإدارة , حاولوا منعهم من الخروج ولكنهم قاموا بأعمال شغب وتكسير لم تكن لتتحمل المدرسة مصاريفها من جديد , فأخرجتهم جميعا ...

...
اجتمع المدير مع عدد من المدرسين وموظفي الإدارة يستفسرهم عن حل سريع قبل وصول الأخبار للأكادمية , فلن تكون العواقب سليمه بعد ذلك وأول منصب يهتز هو المدير ...
..
علي بحدة "إسترجع صادق فقد طردته ظلما من أجل سفيهة "ورمق أسيل نظرة إحتقار ..
..
عقدت حاجبيها بغضب لترد عليه بنبرة أحد من نبرته .."تبا لك ايها المغفل , ألا ترى أن صديقك الإرهابي قد غسل أدمغة طلاب هذه المدرسة! انظر ماحدث هذا الصباح"
..
"لقد كان المدرس الوحيد الذي يستطيع السيطرة عليهم" قالها مدرس العلوم بنبرة غيرة ..
..
ثم يرد علي ضاحكا .."إهتم بتشريح الضفادع والفئران لان لا أحد يحبك هنا حتى الموظفون وليس الطلاب فحسب!!"
..
اشتعلت عينيه نارا أجاجا وقد عصر وجهه من الغضب من تلك الكلمات الجارحة امام اسيل التي كان يحاول إثارة اعجابها ..
...
جلس المدير على كرسيه واضعا يده على جبينه , ثم رمق مدرس العلوم الاسلامية الذي يجلس في الزآوية يحك اسنانه بسواكه الطيب وشارد في الخيال البعيد ..
"الن تترك سواكك ذاك وتحاول إيجاد حل معنا , فأنت مدرس إسلامية مثله!!"
..
"نعم قد تستطيع التأثير عليهم مثله!
  ..
هز كتفيه بعدم لا مبالاة وقد قلب عينيه وقال بعدما أخرج سواكه .."انا اعمل مهنة التدريس لكسب هذا " .وأشار الى جيبه .. "اما صادق فكان يعمل مهنة التدريس لكسب هذا ,وأشار الى قلبه ..
..

"كيف يمكن لمدرس واحد ان يقلب أمور المدرسة على عقب!!"(بغضب)
..
"أريد حلا الآن قبل أن يصل الأمر الى الوزارة"

مـحبوبي آلمـلتحي !Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang