الفصل الثالث

14.3K 449 11
                                    


خمسة أشهر أخرين مروا عليها بروتين قاسي تحملت بهم حديثه اللاذع وما كان يُربت عليها هو هرولة الصغيرة كل ليلة لأحضانها تطلب منها سرد حكاياتها...
وضعت أخر صحن للفطور فوق المائدة بصمت وجلست بجوار نجمة تطعمها بيداها...

كسر يحيى الصمت قائلًا بجمود :
- بكرا عيد ميلاد نجمة هنروح الملاهي وبعدين هنروح عند بابا ابقوا جهزوا نفسكوا

نظرت له وهي تحرك رأسها بصمت وأعادت نظرها للصغيرة زفر بحدة وهو يترك المائدة يحمل جواله ومفاتيح سيارته ذاهبًا للعمل... رفعت تارا نظرها تنظر في أثره وأخرجت أنفاسها ببطء منذ أن عادت لمصر وهي تشعر بالأنطفاء قلبها يؤلهما كلما كانت قريبة منه بالجسد ولكن أرواحهم وقلوبهم بعيدة كل البعد على أن تجتمع سويًا، تشعر أنها تستهلك كل طاقتها النفسية لتبقى بجواره فقط تلك النجمة هي من تُنير سماء حياتها... ضوء خافت بعيد يخبرها أنه مازال هنالك أمل لتبتسم من جديد....

▪▪▪▪▪▪▪

في صباح يومٍ جديد أشرقت به الشمس تنثُر أشعتها تبُث الدفء داخل القلوب... في مدينة الألعاب ذهبوا ثلاثتهم ليحظوا بيوم مشرقٍ مرح للصغيرة فاليوم عيد مولدها أراد أبيها أن يلهو معها قليلًا فمُذ وفاة والدتها لم تخرج يومًا سوى مع تارا تذهبن لمنزل عمه وأحيانًا أخرى يتبضعن بالمول التجاري...
أرتفعت ضحكاتها وهي تهرول أمامهم تؤشر بيداها لأبيها على الأحد الدُمى المحشوة تريدها بداخل صندوق زجاجي كبير..

رددت نجمة بسعادة وأعين لامعة :
- بابا عايزة دي

ابتسم يحيى برزانة وأخرج بعض العملات المعدنية وضعها بداخل الآلة وأمسك بذراعها الألكتروني يحركه بيداه يريد إمساك اللعبة اللتي أشارت عليها أبنته، كانت تقف نجمة تتابعة بعيناها اللامعة ببريق خاطف تتمنى هذه الدُمية وتصفق بيداها بحماس... وقفت تارا تشاهدهما وتتابعه بعيناها وهو يزفر بغضب لا يستطيع إمساك الدمية لتقف اللعبة تُعلن عن إيقافها لأنتهاء الوقت المحدد، ركل الآلة بقدميه بحنق أعاد الكرة ليفشل مرة أخرى، ملت نجمة وعقدت يداها أمام صدرها، أنطفاء بريق عيناها وهي ترى والدها لا يحصل على ما تريد وتنفخ وجنتيها ترمقة بغضب طفولي وكأنها تخبره "أرأيت أنت لم تحصل لي على ما أردت"...
أرتفعت ضحكات تارا الساخرة وهي تنظر إليه لتضحك مرة أخري من قلبها ضحكة صاخبة ملئت المكان وهي تعود برأسها للخلف، تطلع بها يحيى قليلًا شرد بضحكتها الطفولية التي لم يراها منذ زمن وتحولت نظراته لنظرة متحدية لترفع أحد حاجبيها وهي تنظر له فيُخرج المزيد من العملات المعدنية يضعها في الماكينة ويحرك العصا الإلكترونية من جديد تقف المخالب المعدنية فوق الدُمية تحديدًا يضغط الزر لتهبط لأسفل تُمسك بها ويرفعها لتتحرك واضعة الدمية بالفوهة خارج الماكينة...

خرجت دمية الأرنب وردي اللون لتقفز نجمة بسعادة تهرول تحتضن الدمية وتترك أبيها تذهب سريعًا لتارا تريها النجمة وهي تهتف بسعادة :
- شوفتي بابي جاب أيه أخيرًا فاز

عشق في سماء الماضي "نوفيلا"Where stories live. Discover now