الفصل الثامن (الأخير)

17K 448 75
                                    

أنفاس لاهثة ودقات قلبٍ متخبطة هادرة مشاعر مهتزة بين الإشتياق والخوف تتلبسه... إشتياق لرؤية عيناها السوداء والغوص بداخل سحرهم العميق وخوفًا من رفض رؤياه، تنفس بقوة يكتم بداخله نيران رغبته العميقة بأحتضانها... جسد جامد متيبس عكس ما يعتمره وأعين تتطلع للباب الخشبي المغلق في قهرٍ وحزن متراقص على أوتار أعصابه...

رمق طارق شزرًا بعبث متطلعًا لملامحة المتورمة وأسفل عيناه الممتزج بين درجتي اللون الأزرق والبنفسجي يتخلله أحمرار طفيف...
أعاد إليه طارق النظرة بسخط تحولت نظراتهم لبعضهم لضحكات رجولية خافتة.
تنهيدة حارة مرتعشة خرجت من بين شفتاه يتذكر رؤيته لأبن عمه والحديث الدائر بينهما...

وقف يجوب حديقة المنزل يمينًا ويسارًا بأنتظار قدوم طارق يغلي غضبًا بداخله يعصف ذهنه يبحث بين ثناياه عن مكان تواجدها فقلبه لن يهدأ إلا بعد رؤياها وزرعها بداخل أحضانه تُهديء من خفقات قلبه الهادرة...

تقدم منه طارق سريعًا ليهتف متعجبًا :
- في أيه يا يحيى جايبني على ملا وش...

لم يكد إتمام جملته متوقفًا على لكمة يحيى لوجهه ساقطًا أرضًا يرتمي على ظهره بقوة... مال عليه يحيى يمسكه من مقدمة قميصه الفاتح بعدما أحتلته البقع الطينية من الأعشاب الخضراء...

صاح يحيى من بين أسنانه بغضب :
- تارا فيييين يا طارق!!

صياحه يكاد يصُم أذنه ترك يده الممسكة بكف الأخر ليضعها فوق أذنه يهتف من بين تأوهاته المتألمة كاذبًا :
- معرفش هي فين

هزة قوية حصل عليها طارق يعاونه يحيى للوقوف يتابع بحدة وغيرة مجنونة تنبعث من بين كلماته :
- أخلص يا طارق بلاش لف ودوران والا عايز تبعدها عني وتتجوزها أنت! بس ده بعدك تارا طول عمرها ليا

أنصعق طارق من حديث أبن عمه الهستيري ليردف متعجبًا مصدومًا :
- لا أنت كدا أتجننت رسمي

أزاح كفه هاتفًا بقوة وهو ينكزه في صدره العضلي :
- تارا أختي زيها زي ميار الله يرحمها لو أنت بتفكر في حاجة غير كدا يبقى محتاج تتعالج

أردف بضيق وهو يتطلع له عيناه تغيم بغيمة الحزن المرتسمة على ملامحه يجلس أرضًا دافنًا رأسه بين يداه مستندًا على ركبتيه :
- أمال مش عايز تقولي هي فين ليه! كلكوا عارفين وقلبكوا مرتاحة وأنا اللي قلبي قايد نار من قلقي عليها

جلس طارق جواره يربت على كتفه متناسيًا ألم عيناه ووجهه مرددًا بلين :
- أنت اللي عملت في نفسك كدا وجرحتها

نظر لها يحيى بشراسة مردفًا بأستنكار وحيرة :
- أنا توهت مكنتش عارف أعمل إيه أمشي ورا قلبي اللي كان كل فكره في تارا والا أمشي ورا عقلي اللي بيفكرني دايمًا بوعدي لأختك

أعين متعجبة مصدومة تطلعت له ليتساءل طارق بعيناه بنظرة حزينة وقد توصل بداخله أن أنانية وغيرة ميار المفرطة هي من كانت الحائل بينهما...

عشق في سماء الماضي "نوفيلا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن