٨

22.9K 2.9K 880
                                    

"حِين تُدرك أنكَ مُستعد للقفز من فوق حَافة جبل لأجل شخصٍ ما، حِين يختلط حُزنك وخوفك مِن الإبتعَاد مَع سعادتك باللقاء، لن تأبهَ بالعالم ولن تُؤمن بالمستحِيل، سَتختلق ألف عُذرٍ باليَوم لتتشبث بقرارك الخاطِئ، مَا أجمَل شعُورك بالسعَادة حِين تملك العَالم بين يديك، وما أسوأه حِين تُدرك أنك لم تمتلكه يوماً، بل هو كذبة جمِيلة تُساعدك في إلتئام جرُوحك التي لم يسببها الحُب لك، ولم يسببها البشر والعَالم الذِي تسبه، بل هو أنت حِين ألقيت بنفسك دَاخل الهاوية بمُسمَى الحُب"

أنهَيت قراءة خَاتمة الكتَاب الذِي اشتراه تايهيُونج اليَوم، لَا أعلم متَى بدأ بالقراءة حتى.
ولكنهُ أصر علَى جعلِي أقرأ لهُ جزءاً منه كُل ليلة قبل نومه، طفل كبير.

"أُخبركِ شيئاً؟" تحدثُ تايهيونج المُتمدد على السرِير أمامِي، كَان يرتدِي منَامة خفِيفة رغم برُودة الطقس اليَوم لذَا كَان الغطَاء مُلتف حَول جسده كقط ينكمش من البرُودة.

همهمت لهُ كإجابة فرفع نظره لِي وحدق مباشرتاً بعيناي قَبل أن يتحدث"أظن أنكِ تلك الكذبة الجمِيلة بالنسبة لِي"

أشعر بغُصة بحلقِي، رُبما إثر الصدمة.
ما اكتشفته أن تَايهيونج صريح للغاية، وهذا سيء بقدر كَونه جيداً.

"ماذا تعنِي؟" مثلت دَور الحمقَاء وانا أعاود النظر لهُ لهُ فوجدته يُبعد الغطاء عن جسده ثُم أعتدل ليُصبح جالساً على مقربة منِي ومازال يُحدق بِي.
رجاءاً توقف.
هو يصبح مخِيفاً..

"بحقك؟ هل علي أن أجعل الأمر درامياً وأتِي لك بباقة ورود وأذرف الدمُوع وأروي إحدَى قصائد شكسبير لتُدركِ أننِي أُحبك؟"

تباً له.
لما هو صريح للغاية؟ متى أصبح جريئاً هكذا من الأساس؟
هذا الفتَى ينضج بسرعة، أتذكر كَونه طفلاً جاهلاً بأول لقاء لنا.

"إنها أشهر مضت وانتِ مازلتِ تدعِين الغبَاء تجَاه مشاعري، ماذا علي أن أفعل؟" تَابع بغَيظ ثُم عقد ذرَاعيه مع حَاجبين معقُودين ايضاً بالإضافة لشفتيه اللتان تُعبران عن بؤسه.

هو نضج بكُل شيء بإستثناء تلك العادة الخرقاء حِين يغضب.

"لقد حصلت على عمل، لقد تعلمت اللغة الإنجليزية، لقد تعلمت الطبخ والتنظيف، لقد قرأت كُل كتبك المُفضلة واشتريت لكِ كتاباً!، لقد فعلت كُل ما يلزم لأكون فتاكِ المثَالِي لكنك لا تستجِيبين! هل انا قبيح؟ هل أخضع لعملية تجميلية؟ أخبريني!" أنهى جُملتهُ بنوعٍ من الصياح وهو يُمسك بكتفَاي ويُمعن النظر بعيناي.

"أنت بالفعل مثَالِي لِي تايهيونج" رددتُ وانا أبعد يديه عن كتفَاي.

"أيتهَا المحتالة الخبِيثة من جامعة هارڤارد، هل تُظنِين أنني سأصمت بعد ردك هذا؟"

عقد ذراعيه مرة أخرَى وهو يرفع حاجبيه تعبيراً عن غضبه.

"نعم" رددتُ أُشبك يدَاي نَاظرة لهُ بهدُوء فرفع حَاجبيه وهو يطلق ضحكة صَامتة تعبيراً عن استهزائه.

"حسناً انتِ مُحقة سأصمت" أدَار وجهه للجهة الأُخرَى يُفكر بما سيقوله تالياً.

"هذَا غرِيب انا أعتذر، لا بُد أننِي جعتلك متوترة، انا فقط خَائِف" أنخفض صَوته وبدأ يحدق بجميع الاتجاهات عدى الإتجاه الذِي أجلس به.

أستطيع معرفَة أنهُ عَلَى مَشَارِف البُكاء من نبرة صَوته.

"من ماذا؟" سألتُ أرفَعُ حاجبَاي.

"أخبرنِي يُونجِي أننِي إن لَم أحصل عليكِ بسرعة، فستُعجبين بشخصٍ أخر،لأننِي غرِيب أطوار وألتقيتك في ظرُوف غرِيبة" أخفَى وجهه خلف يديه مُستدعاً لسماعِي أوبخه.

"مُنذ متى يُونجي يعلم بحقيقة أمرك!" شعرت بغضبي يُسيطر علَى كُل خلية بداخلي.

"منذ اليَوم الأول الذِي رأيته به" أجاب يونجِي الذِي ظهر من لا مكَان واستدرتُ لِأَرَاه يتكئ علَى بَاب غُرفَتِي.

"انتِ تظنين نفسك ذَكية أيتهَا المُحتَالة الحمقاء من جَامعة هارڤارد" وضع يُونجِي ذلك الوجه السَاخِر الذِي يُثير اشمئزَازي ويستفز كُل جزء بِي.

"هذا الفتَى المسكين طلب منِي مسَاعدتهُ لأجعلكِ تهتمين لأمره لكنكِ قَاسية القلب" أشار لتايهيونج الذِي كَان يبتسم بدوره لِي شامتاً.

كاد يُونجِي أنْ يخطُو دَاخل الغُرفة ولكنِي سبقته بصفع البَاب بوجهه وإغلاقه من الدَاخل.

"أيتها القَاتلة المُختلة من هارڤارد، لا تقتلِي الفتَى المسكين!" طرق يُونجي بقوةٍ على البَاب وأستمر بالطرق بطرِيقة مُزعجة.

"تباً لك ولهارڤارد!" صِحت من خلف البَاب قبل أن أستدير للفتَى الجالس على السرير أمَامِي "وأنت!"

أنتفض جسده وشد قبضته على الغطَاء وهي يُزيح جسده للخلف.
رفعت سبابتِي بوجهه وانا أخطو بإتجاهه، لَا أعلَم ما سأفعل أُرِيد التنفِيس عن غضبِي فقط وقَبل أن أُدرك أننِي كُنت أقف أمامه فُوجئت بجسده يرتطم بِي وبدأت ذراعيه تلتف حَولِي.
وكأنهُ سكب مائاً فَوق كُتلة النار بدَاخلي.

"أعتدتِ علَى مُعانقتِي حِين كُنت أشعر بالحُزن، رُغم أنكِ تكذبين بكونك تكرهين العناق، انتِ فتاة مُعقدة، لذا كَان علَي دراسة لُغة الجسد من أجلك ايضًا، أمازلت غير جذابًا بالنسبة لك؟"
أرَاح رأسه فَوق كتفِي ووضع قُبلة علَى وجنتِي
"إن تقبلتِي غرِيب أطوَار مثلِي، فأنا أيضاً أتقبل فتاةً مُعقدة مثلك، لن تكُون كذبة حِينها، ولن يضطر أحدنا أن يقفز من فَوق حافة جبل من أجل الأخر، لأننا سنقفز سوياً، أستطِيع الذهَاب إلَى نهَاية العَالم مُمسكاً بيدك، وأستطِيع البقاء برفقتك إلَى الأبد، يُمكننا صُنع بداية جديدة، من فضلك"

لَم أشعر بهذَا التوتر قبلاً، ولَم أشعُر بهذه الرَاحة قبلاً أيضاً.
أُحبه بكل خلية دَاخلِي حتَى وإن أخفيت هذا عن نفسي لفترة كَافية.
انا فقط أخشَى أن يختفي، هو يستحق الأفضل.
والأفضل ليس انا بكُل تأكيد.

"انا جائعة، لنأكل ثُم نتحدث بالأمر"

_____________________

تقييم من ٥؟

Pick a boy → k.th ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن