قصة مهدوية

1K 93 23
                                    

الحجرة_٣١٣
__________
كان الطبيب الشاب يراقب بحذر المريضة التي ترقد في الغرفة ثلاثمائة وثلاثة عشر ، منذ عمله في هذا المستشفى لم يلفت انتباهه مريضاً كما حصل معها .
بسبب انتكاساتها المتكررة من مرضها المزمن قرر الاطباء ضرورة بقائها تحت المراقبة ومنذ مايقارب الشهرين و هو يتابعها عن كثب علَّهُ يكتشف طقسها الذي تمارسه كلما استعادت وعيها من اغماءاتها المستمرة وها هي في هذا اليوم  تستعيد وعياً فقدته منذ اسبوعين .
كان مصمماً ان يعرف ماتقوم به لذا أنتظر حتى حلَّ المساء و ساد الهدوء اروقة المشفى فخطى بأرتباكٍ نحو غرفتها ولاول مرةٍ تسمر نظره على رقم الغرفة ولايدري مالذي اصابه فقد نبض قلبه خافقاً في صدره وانتفضت دقاته و هو يضع يداً باردة امتلئت بنداوة الخوف على مقبض الباب فأداره بلطف وتسلل الى داخل الحجرة بهدوء بالغ حتى احسَّ بأن لقلبه صوتاً مسموعاً في الارجاء .  شعر بأنه ينتهك خلوتها وكأنه يدخلُ محرابَ مناجاةٍ مقدس ، لم يكن يعلم بأن دخوله الى حجرتها سيغير حياته وينقله الى ذلك العالم المشرق .
كانت هناك ترقدُ بسلامٍ يبعثُ على الاطمئنان  تقوم بطقسها المعتاد تحادث الكرسي الذي بجوار سريرها وتهمس بضعفٍ كأنها تحاور احدهم :
🌱_ ياساكناً قلبي سلامٌ من الله عليك ياقرة العين ويا بهجة النفس ،الا من لقاءٍ قريب قبل ان تفارق روحي هذا الجسد البالي الضعيف الذي انهكه المرض .
مراقبٌ بصمت و شارد الذهن ظل الطبيب الشاب يحادث نفسه : 🌱_ لاتبدو لي مجنونةً بتاتاً فما بالها تكلم كرسياً وكأنه كائنٌ حي ؟!
اجفله صوتها رغم ضعفه فالتفت اليها وهي تراقبه مبتسمةً ، كان سارحاً بأفكاره فلم يلاحظ بأنها تنظر الى حيث يقف : 🌱_ اقترب ايها الشاب اقترب .

كان يشوب صوتها مسحةُ حنانٍ ولطفٍ لم يعهدها في مرضاه سابقاً ، دنا من سريرها بحذر فاومأت اليه بيدها ليجلس ، جلس وهو لايزال مضطرباً فهو لايعرف ماعساه يقول لها .

تأملها، كانت شاحبة وتعلو وجهها ملامحُ المٍ  وضعف ولكن اكثر مالفت انتباهه تلك الابتسامة التي تعلو شفتيها على الرغم من شدة الالم !
بادرته بالحديث : 🌱_ تريد ان تعلم مع من اتحدث أليس كذلك ؟
انتفض في كرسيه فقد اخافته حقيقة ان تعلمَ مايفكر به واجابها بأضطراب : 🌱_ نعم .
صمت قليلاً ثم اردف قائلا :
_ اراقبك منذ فترة وقد حيرني ماتقومين به كلما استفقتِ !
اتسعت ابتسامتها حتى طالت عيناها واشارت بيدها الى الكرسي بجوار السرير : 🌱_ أترى هَذَا ؟ انه ليس كرسياً بالنسبة لي .
استرسلت بصوت ضعيف :
🌱_ انه الامل ... ارسمُ بخيالي صورة ذلك المُنتَظر المحزون جالساً ها هنا واظل احادثه وابثه شكواي والمي .. عندما علمت ان مرضي لاشفاء منه اصابني خوفٌ شديد من انني قد افارق هذا العالم دون رؤيته فبدئت اتخيل انه موجود هنا واظل احاوره الى  ان افقد وعي .. وفي كل مرةٍ افتح  فيها عيني احمد الله اني لازلت على قيد الحياة واني استطيع ان احادثه مجدداً .. انتظرته طويلاً .. وها انا ذا أُمَني النفس بحديثٍ خيالي علًّه يُشفي جروح الغياب . ☘️ كان الشابُ يصغي باهتمامٍ بالغ والدمعُ يترقرقُ في عينيه ، فجأة انتبه الى انها صمتت .. ظن انها فقدت وعيها فسارع الى جس نبضها ولكن ..
هي ... فاضت روحها الى بارئها .
هو ... ظل ينحبُ بنشيجٍ لم يشهده من قبل فقد عرف الان لِمَ نبض قلبه بقوة عندما رأى رقم الحجرة التي ترقد فيها هذه  المريضة المنتظرة .

#ولايزال_ينتظر ..
#خذني_اليك..

فليتنافس المتنافسون ♥🌹🍃Donde viven las historias. Descúbrelo ahora