الفصل الاول

253 11 0
                                    

الفصل الأول😍😍

كان الظلام أشد حِلكة هذه الليلة عن ما قبلها، حين خرجت المرأة من بيتها الذى يقع بتلك المنطقة الشعبية، بعدما لفت جسدها بعبائة سوداء كلونِ الوشاح الذي تضعه على رأسها وتخفي بأحد أطرافه جزءً كبيرًا من وجهها.
كانت ترتدي بقدميها حذاء يصدر صوت مزعج يشق السكون من جراء احتكاكه بالأرض أثناء سيرها بهذا الطريق الذى يخلو من المارة.
كانت الريح تشتد عواءً وهي تمر  من ذلك الزقاق المؤدي إلى ساحة المقابر التى تقع وراء المسجد الكبير الذى يضم أحد الأضرحة، وحين وصلت أعتاب المقابر بظلمتها ووحشتها المقبضة رفعت كفها تشير لأحدهم وهى تتلفت حولها بحذر..
ركض الرجل نحوها وهو يتلفت حوله هو الأخر فكشفت المرأة عن وجهها واقتربت منه فى ريبة تقول بصوت خافت: عايزة ادخل لسيدنا يافرج..قوله انى جبت المطلوب.....
تلفت فرج حوله بريبة وعاد ينظر لها بخبث، ثم أمرها أن تتبعه وتخطو ورائه إلى غرفة تقع بوسط القبور.
طرق فرج الباب عدة طرقات قبل أن يدفع الباب برفقٍ لينفتح ويأمر المرأة بالدخول .
وقفت المرأة أمام الرجل الذى يجلس في منتصف الغرفة أمام طاولة يضع عليها إناء فخاري، يشعل به النيران ويقذف بها حفنات من البخور لتتوهج بين الفينة والأخرى ..
رفع الرجل رأسه لها وأمرها أن تجلس أمامه، فجلست المرأة وهى ترتجف وتتلفت حولها بقلق، ثم مدت يدها داخل حقيبتها  وأخرجت منها بضعة مناديل وقطع من الأقمشة وهى تقول له بتلعثم: انا جبتلك أترها زى ماطلبت ......
مد الرجل يده أمامها برعونة فالتقطتها سريعًا لتقبلها بخشية، ثم وضعت الأشياء أمامه وهى تقول بغلٍ:  المرة دى مش زي كل مرة ....المرة دى عيزاك تخلصنى منها خالص....
ضحك الرجل بشيطانية ومكر ورفع يده يحك أسنانه الممتقعة بالصفار بأظافره القذرة وهو يقول لها : بس ده هيكلف كتير.
أخرجت المرأة لفافة من النقود لتضعها أمامه وهى تقول له برجاء : تحت أمرك.....بس ريح قلبى ...
التقط الرجل النقود يتفحصها ويتشممها بنهم وهو يقول لها بشيطانية: اهو كده نشتغل بجد.....
والتفت يحدث فرج الذى يقف ناظرًا للنقود بشراهة وقال له بلهجة أمرة: يالا عشان نبدأ الشغل ......
أخرج فرج لفافة سوداء بها قطعة دهن حيوانى كبيرة الحجم، وأعطاها للرجل الذى بدء ينقش عليها إحدى الطلاسم والتعاويذ بدماء نجسة، ثم رشق بها الكثير من الأبر والشفرات الحادة وقام بلفها بعد ذلك بالاقمشة التى جلبتها المرأة، ثم أعطاها لفرج وقال أمرًا: إنزل أدفن دى دلوقت......
إلتقط فرج اللفافة بيده وظل يقف يحك شعره بأظافره، فضحك الرجل ونظر للمرأة نظرة ذات مغزى، فتأففت المرأة وفتحت حقيبتها لتخرج منها ورقة نقدية وضعتها بيد فرج وهى تقول له بغيظ: هو انا هخلص منك أبدًا...بس يالا كله عشان خاطر سيدنا....المهم يجي بفايدة.
فضحك الرجل وهو يقول لها بشرٍ: مش عايزك تقلقى...وقت ماتخلص وتدوب الدهنة دى... هى كمان هتخلص وتدوب ....بس ليا الحلاوة وقتها.....
خرج فرج يخطو بين شواهد القبور التي تنتصب في الظلام تزيد المكان رهبة، ثم توقف أمام أحد القبور قبل أن يدلف داخلها وقام بدفن اللفافة بجوار أحد الموتى، وخرج بعدما أغلق القبر مرة أخرى، ووقف ينظر للمرأة برغبة وهى تخرج من الغرفة وتبتعد وسط الظلام وهو يقول لها مداعبًا: مش عايزك تروح وتنسانا ياجميل..ابقى طل.
**********

نابش القبورWhere stories live. Discover now