٦

179 25 29
                                    


الموافق: ٦/حزيران/١٩١٥

جينو:

جاء الصباح بعد اختباء النجوم و القمر و زوال الشعور بأن الوحدة تجتاحني و أشرقت الشمس لتخفي الظلام عن السماء المعتمة لتنير عالمنا و دخل نورها ليملأ غرفتي باشعتها الساطعة.

استيقظت من النوم باكراً و لأول مرة منذ مدة لم أكن أريد أن اغمض عيناي مرة أخرى للعودة إلى النوم.

بدأت يومي بصنع كوباً من القهوة. أخذتها و ذهبت إلى الشرفة، تأملت المدينة من هذا المكان العالي وتسائلت بتعجب كيف تتغير الاحوال بهذه السرعة؟

كانت السعادة تتطاير في الهواء الذي كنت استنشقه و كانت السعادة لوحة فنية ملونة بألوان مختلفة ترمز للفرح، للطيش و المحبة. و لكن الآن يبدو وكأن الالوان بدأت تتلاشى شيئاً فشيئاً و بقى فقط الاسود و الابيض و الرمادي.

بعد انتهائي من احتساء قهوتي بدلت ملابسي لأخرى مناسبة لأخرج بها، كنت أريد الالتقاء بتلك الفتاة. لم تكن موجودة فجلست على الرصيف انتظرها. انقضى بعض الوقت ولم تحضر وكنت حينها على وشك أن أفقد الصبر و أعود أدراجي.

جاء بائع اعتقد بأنه كان نفسه الذي كان يكلم تلك الفتاة دائماً و عيناه كانتا تنظران في كل مكان و كأنه يبحث عن شيء. تفحصت ملامحه وكانت تلك المرة الأولى التي أراه بها عن قرب. كان رجل ستيني، اشيب الشعر، قامته منحنية قليلاً.

'ما بك؟' سألته لأدرك نظراته التي كانت حائرة. بعد أن قرر إخباري فتح فمه ناطقاً 'لا أعلم الي اين ذهبت! لم تأتِ اليوم و هي عادة لا تتغيب عن عملها.'

استقمت و سألته بدون تردد 'أين تسكن؟' لم يجب كان فقط ينظر لي. 'اريد فقط الاطمئنان عليها.' أضفت عله يغير رأيه ويطلعني على المكان.

ذهبت راكضاً متجهاً إلى العنوان الذي أخبرني عنه، ووقفت عندما رأيتها تمشي أمامي، تعطيني ظهرها و تحمل حقيبة على ظهرها.

تبعتها، كنت امشي خلفها و يفصل بيننا قرابة ١٥ متراً، كنت أريد أن أعرف إلى أين هي ذاهبة.

كانت متجهة إلى محطة القطار. ابتاعت تذكرة من بائع التذاكر. وبعد ذهابها اتجهت نحو البائع ليسألني 'إلى أين ستذ؟' و اجبته 'الي نفس المكان التي تذهب اليه تلك الفتاة التي كانت هنا قبل بضعة ثواني.' أعطاني التذكرة و جريتُ خلفها. نظرت إلى التذكرة و انتبهت انها تريد الذهاب إلى شرق ساسكس.

كنت مستغرب من المكان. لماذا تريد الذهاب إلى تلك المكان؟

ركبت القطار و انا أيضاً. كنت جالس بضعة كراسي خلفها. سندت راسها على النافذة و تنظر الى الخارج أثناء سير القطار إلى الوجهة.

المحاولة مجدداً ⇺لي جينوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن