١٠

153 22 0
                                    


الموافق: ١١/تشرين الثاني/١٩١٥

ان الجو ممطر. انها اول مرة تمطر منذ شهور طويلة. في الظلام كنت جالس و افكر و بعدها سمعت صوت الرعد فتركت القلم من يدي على مكتبي و وقفت عند النافذة التي كانت خلفي. فتحت النافذة و اقشعر بدني بسبب الرياح اللاسعة التي هبّت عليّ. كنت استمع لصوت المطر الذي كان يضربُ زجاج النافذة بضربات خفيفة و جميلة. كنت اعشق المطر، حتى رائحته، و صوته.

اشعر بالراحة عندما اسمع صوت المطر. احب ان لا أفكر بشيء و أقف عند النافذة، انظر كيف يمتلئ الجو بقطرات المطر حين تتناثر في كل مكان. كلما كان يخف وقع المطر كنت ادعي بأن لا يتوقف، كنت استنشق رائحته بعمق حتى املئ رئاتي.

أغمضت عيناي و استمعت لصوت السيارات التي كانت تمر فوق بُريكات المطر، كنت استمع لصوت صراخ و فرح الأطفال و هم يركضون و يلعبون تحت المطر. و كنت استمع لقطرات المطر يطقطق على الشارع و النافذة الزجاجية.

ابتسامة رُسمت على وجهي و جلست على مكتبي اكتب، فكأن المطر ارسل لي افكار و قررت أن اكتبها قبل أن انسى و اندم.


بدأت اكتب و اكتب و عندما توقفت عن الكتابة انتبهت بأن المطر توقف و انا كتبت حوالي عشر صفحات من لا شيء.

كتبت بضعة ابيات شعر و ربما مقدمة لرواية و افكار، بالنسبة لي كان هذا كافي فسوف اعدل عليهم عندما يندفع الشغف لي مجدداً.

وضعت القلم على مكتبي و دخلت إلى غرفة النوم و قررت أن أنام، الا ان صوت جرس الباب طرد النُعاس و قمت لافتح الباب لأراه بورا تقف مقابلي و لكنها كانت ترتجف و مبللة من المطر.

'ادخلي بسرعة.' قلت بدون أن اسألها اي شيء. جلست في غرفة المعيشة و ذهبت إلى غرفتي لأجلب لها بعض الملابس لترتديهم.

عندما رجعت كانت جالسة مقابل المدفأة و كانت يداها مضمومتان أمام فمها و بدأت تنفخ عليهما لتدفئهما من صقيع الجو.

جلست بجانبها و وضعت الملابس أمامها و لم تنطق بشيء و انا أيضاً. كان يجتاحنا صوت طقطقة أسنانها ببعض بسبب ارتجاف جسدها و صوت النار في المدفأة.

وقفت و اخذت معها الملابس و دخلت إلى إحدى الغرف في منزلي لكي تبدل ملابسها، و بعدها عادت و جلست بجانبي. كنت أريد أن أعرف ماذا حدث ولكن قررت أن اسكت و انتظر لكي تخبرني هي بنفسها.

و أخيراً نطقت بعد السكوت القاتل 'أتمنى ان لا تهرب مني مثلما فعل الآخرين.'


. . . . . . . . . .

"كم تمنيت لو أني كنت قادراً على أن ازيل كل آلامها."

المحاولة مجدداً ⇺لي جينوWhere stories live. Discover now