(1)

317 133 22
                                    

الموت حتماً أصبح قدري الذي لا مفر منه و يظل يلاحقني أينما كنتُ ، تجري قدماي بأسرع ما لدیها وسط ذلك الظلام الدامس مع قلیل من ضوء القمر الذي ينير دربي ، أعلم أنه لا مفر منه و سيظل يلاحقني و لكن لازلت أحاول فالطبيعة البشرية تسعي دومًا للنجاة رغُمًا عنها ، طبيعة بشرية ! أبتسم بسخرية فأنا هجينة نصف بشرية و نصف مستذئبة أذن فلا بأس بأن أصف ذاتي ببشرية ، ینظر إلي ماركلوس لأتواصل معه عن طریق عقولنا بأن نتحول لهیئتنا الأخري ، الهیئة التي حتماً كرهتها الهیئة التي یراها العالم أني وحش بلا عقل یرید أن ینهش بأسنانه اللحم البشري لا يملك أي مشاعر أو أحاسيس ولا يتألم أو يحزن ، بدأ الفرو یكسو جلد ماركلوس لیتحول إلي هیئة الذئب و یركض بسرعة تفوق سرعتي بأضعاف ؛ لأركض و أحاول الإلحاق به دون التحول لهیئة ذئب . 

أرغب في النظر إلي الوراء حين أركض ؛ ليطمئن قلبي و أنهم قد ضلو الطريق وسط ذلك الظلام ، لكنِ أخشي السقوط و ملاقاة حدفي ، حتى رأیت صدیقي جاكوب عاد إلى جسده البشري أثر ضربه بالصاعق الكهربائي لأتوقف عن الركض لمساعدته لكن تجمع الكثير منهم حولنا . 

  بعد أن تم حصارنا ،  يأخذونا لكبيرهم ؛ ليقتلنا ، يهمس جاكوب في أذني : سنموت، فكرة الموت في عقلي هي أكبر مخاوفي ، صوت أقدامنا و هي تدهس أوراق الشجر یقطع ذلك الصمت ، أتساءل هل صرت مسجونة في هیئتى التي كرهتها ؟ هل سيظل الهروب هو غايتي للنجاة ؟ يدور في عقلي سؤال متى سأتحرر من تلك الهيئة ؟ أبتسم بسخریة على أفكاري فالموت یدق على بابي ، شعرت بتلك القوة التي ستكون ملجأي و ملاذي الوحید للهروب من ذلك الموت لأتحول لیبدأ الفرو یكسو جلدي حتى اكتملت هیئتي فتحررت من قبضة َمن حولى و يتحول ماركلوس أيضا و يطيح بهم أرضًا لأبدأ بالركض و العواء أركض و أركض هربا من البشر ، أركض وأركض خوفا من الموت ، أركض و أركض فقط لرؤیته لقد ارتكبت خطیئة كما یعتقدها قومي ، خطیئة أني وقعت في حب بشري أیكون الحب خطیئة ؟ أم أن عشقهم للحم البشري قد شتت عقولهم عن معنى الحب ؟ لكن لست من وقعت في غرامه بل قلبي الذي كان السبب في تلك الخطیئة ، كیف تقع ذئبة في حب من تأكل ؟ وقعت في حب من خشیته .

أقدامنا تدهس على جذوع الشجر المتساقطة مع بدء شروق الشمس معلنة عن شروق يوم جديد مع أصوات زقزقة العصافير التي بدأت تَعُم  بدلاً من الصمت الذي كان يحوم بالمكان، عدت إلي هیئتي البشریة ، و استرخي كلانا علي العشب ؛ فقد نجونا من الهلاك ،  ظللت أتأمل السماء الزرقاء النقیة مع ضوء الشمس لأتذكر لقائي الأول به یجلس تحت شجرة مع ألحان صوته التي تناغمت مع عزفه علي الجیتار لتسرق أذني لأتتبع ذلك الصوت ، فرأیته و الشمس تسطع على وجهه فبدا كلوحة أبدع بها فنان ، شعرت حينها بأن الزمن قد توقف و عم الصمت المكان ولم يبقي سوي صوته الجذاب و عزفه الخلاب   تتفوه شفتاي قائلة : وكأن الجمال خلق لیكن بك فقد عشقته أذني قبل عیني فكيف له أن يبدو بذلك الجمال ،  یقطع شرودي صوت ماركلوس بقوله : أدعمك دومًا یا صدیقتي ولكن لا مفر لنا من البشر  كدنا اليوم نُقتل بين ايديهم و إن علم أحد من قومنا بذلك فستطبق علینا القواعد نحن مهددون من البشر و من قومنا .

لا أعلم بماذا أتفوه ؛ فقد نصت القواعد بعدم الاختلاط بالبشریین ، فكیف نختلط بلحم من كنا نأكل ؟ و لكن لم یسمح لنا البشریون بذلك ، فقد كشف حقیقتنا أُناس صاروا أعداءنا ،  یقاتلونا ونقاتلهم بلا نهایة ، وعقوبة من یخالف تلك القاعدة الذبح على منصة یشهدها الجمیع .

خَطِيئَة | SinWhere stories live. Discover now