الفصل السابع والأخير

49.3K 2.7K 290
                                    

الفصل السابع والأخير:

تنهد سليم بقوة، بعد إرهاق دام أكثر من شهران ... شهران ... يستنزفه ذلك التردد الذي لم يُعرف عنه ابدًا ... شهران ... وكل تفكيره مُنصب عليها فقط... على نجمته التي أرقت منامه وأشعلت فتيل عشقها بين ضلوعه التي كلما حاول تجاهله أحس بذلك الصهد يحرق روحه حرقًا.
شهران ... ولعنة التفكير تلاحقه، فبعد أن تخلص من جلد الذات وزالت مخاوفه من نظرتها فيه أنه أصبح مُستغلًا لسلطته بعد ما فعله معها ومع أهلها، بعثت له لعنته قلقًا جديدًا يحيره بأنه ان اتخذ خطوة الآن ستكون موافقتها نابعة من رد الجميل بعد وقوفه معها في محنتها.
تلك النجمة أتت إلى حياته كشهاب لاهب سقط على محور أرضه ليُذيبها مخلفًا خلفه شخصيته القديمة التي لم تكن تنتمي لتلك الشخصية الجديدة التي جعلته عليها أبدًا..
فقد كان يُكرس حياته لعمله فقط، يكدح فيه ويخرج كل جهوده من أجل الارتقاء في وظيفته ورسم الفخر على وجوة أسرته، لكنه الآن اصبح هدف ثانوي لم يعد يؤديه على أكمل وجه كما كان
وقد أصبحت نجمته.. " نجمة الباشا " أكثر أهمية من نجوم الشرطة التي كان يسعى لزيادتها على كتفه ...!!

-سليم أنت لسه معايا؟

قطع أفكاره صوتها الهادئ الذي يحمل في طياته القلق، فكسر سليم مخاوفه أخيرًا وأطلق سراح الحروف من بين شفتاه في حزم:

-نجمة أنا بحبك، بحبك وحبك سيطر عليا خلاص، اتجوزيني يا نجمة ؟!

لحظات من السكون التام وكأن تلك النبضات العالية الصاخبة صْمت أذناها عن كل شيء حولها إلا من تلك الكلمات ..  تلك الكلمات التي لم تتوقع أن تثور لها انفاسها في حرارة أنستها أنها في الشتاء القارص.
ولكن أتاها صوته المتلاعب المخلوط بتوتر يحاول اخفاءه في مكر وهو يتابع:

-السكوت علامة الرضا؟

ضحكت نجمه في رقة وقد أكدت بتلك الضحكة ما يسعى له قلبه جاهدًا، وسمعها تغرد في ميوعتها المعتادة:

-رغم ان الصيغة آمر أكتر منها طلب، بس أنا موافقة.

تأهب كل إنش بجسد سليم وهو يشعر أنه أخيرًا وبعد مُعاناة أقترب، أقترب كثيرًا من خط البداية للسعادة الأبدية، الخط الذي كان كلما أقترب منه حتى شعر به يبتعد وكأنه كان يسعى خلف سراب.
تمالك سليم سعادته ثم استطرد بصوت هادئ يلقي بأخر مخاوفه من طيات روحه:

-بس أنا مش عايزك توافقي كرد جميل يا نجمة،
صدقيني والله العظيم لو مش بتحبيني وسمعتها منك دلوقتي أنا هقفل ومش هتشوفي وشي أو أضايقك تاني.

حينها هتفت دون سلطة على لسانها الذي انطلق يتابع بكل تلقائية واندفاع:

-لأ طبعًا، أنت عايز تخلع ولا إيه!

عضت على شفتاها في خجل حين وصلها صوت ضحكته لتدرك ما تفوه به لسانها، فأستطرد سليم في نبرة مرحة تتجلى في صوته:

نجمة الباشا Where stories live. Discover now